ولد أيوب يكتب: إدارة الجمارك واستشراء الفساد ... أين جهات التفتيش ؟

سبت, 27/06/2020 - 00:53

احمد ولد أيوب - كاتب موريتاني (الرباط)
يشير مصطلح الفساد إلى مجموعة من الممارسات الدنيئة، يمنعها الشرع الحنيف، ويستنكف عنها الطبع الشريف، ويعاقب عليها القانون، ثم تتبع مقترفها، ومن يدور به، فضيحة ومسبة ومنقصة وعارا وشنارا، يلزمه ولا ينفك عنه، حتى يزج به، وربما بمن حوله، مهما طال به وبهم الزمن، في زنانين اللصوص؛
إنها مساوئ أخلاق تلازم الفساد وأهل الفساد، فلا يكاد يخطئها سمع او بصر، كلما تعلق الامر بوكر من أوكاره الاكثر قذارة، مثل إدارة الجمارك، أو بالديناصورات والغيلان والحيتان الكبيرة التي لا تبقي ولا تذر، مثل الجنرال اداه ولد المامي، الذي يعبث بمرفق الدخل الوطني الأول، منذ اثني عشر عاما، بلا أية مساءلة؛
ذلك عنوان انتكاسة حقيقية، فيما كان يطبع حال المجتمع والناس، فيما غبر، من قيم الخير ومثل البر والعدل والإحسان، عنوان كريه يكتبه الكبراء، من حملة الالقاب والنياشبن، ويتباهون به، علنا، فتصبح السرقة شطارة، والاختلاس إدارة، والرشى والغلول بطولات يكال لآكلتها المديح، بين النغم ونثر المال الحرام.
أجل، على خطى الجنرال اداه ولد المامي، ورهطه، باتت ممارسة الفساد، والتقلب في الغلول ظهرا لبطن، ظاهرة شائعة سائغة، فقد فقدت غرابتها، والف الناس معايشتها، وتراجعت حدة النكير عليها، والامتعاض منها، وهدات مخاوف من ادمن معاقرتها واقتراف جرمها، واشرأبت اعناق كثيرة، إلى ولوج أبوابها.
داء الفساد، كان قد دب دبيبا، في اوصال المجتمع والدولة، خلال العشرية التي ينتمي إليها ولد المامي، وقد دكت معاوله مقومات الدولة والشعب، دكا دكا، بما في ذلك ميزانيات، وتمويلات، وشركات، غاب فيها الجمل بما حمل، وتم توفير الحماية لمن باتت سطرا في سجل حساباته وثرواته الشخصية والعائلية؛ 
لقد عم البشر والارتياح ضحايا وشهود الفساد، حين ارتفعت جلبة الحديث عن مفتشية الدولة ومحكمة الحسابات؛ كآليات تحقيق في مسارات محددة للفساد، تنتظم شخصيات وقطاعات؛ ثم تنفسوا الصعداء مع الإعلان عن لجنة التحقيق البرلمانية في ملفات وصفقات أزكمت رائحة فسادها الأنوف؛
لكن هناك لحنا نشازا، في أغنية الحرب على الفساد، ألا وهو غض الطرف فيها عن أكبر وكر له، تمثله إدارة الجمارك، وهي البوابة الحتمية لكل الواردات، ضرورية وكمالية، لكن الفساد الملازم لها، حولها إلى أجمة من المفترسات، يربض على مدخلها اسد ضار، لا يسلم من نهش انيابه ومخالبه الدامية، إلا من كان في حماية القصر؛
إن الصمت والتغاضي والتغافل الحاصل، منذ عقد من السنين، عن مظالم إدارة الجمارك ومفاسد مديرها، وإن غض النظر عما يجري في أقبيتها من ظلم وانتقائية فجة، بالتوصيات، و الولاءات، والمحسوبيات، والعلاقات، لم يعد ممكنا، ولا بديل عن وقفه فورا، وعن مساءلة أهله وتقديمهم للعدالة، لينالوا جزاءهم العادل.
ومن المعيب العجيب، ان تنام المفتشية والمحاكم عن فساد في الجمارك كهذا، يراه الاعمى ويسمعه الاصم، تهدر ممتلكات الدولة فيه بالمليارات، يوميا، وتستباح حقوق ومتاعب وعرق جبين المواطن، بلا شفقة، ويطال ضرره الجميع، خارج اي قانون او نظام، وهو يعلن عن نفسه بنفسه، صباح مساء، وبكل بجاحة، ووقاحة؛
إن على الهيئات التي تنعقد عليها آمال المواطنين، في لجم غيلان الفساد، وحيتان المال العام، كمفتشية الدولة، ومفوضية الجرائم الاقتصادية، ومحكمة الحسابات، ولجنة التحقيق البرلمانية، استدعاء صاحب الناب والمخلب الرابض في إدارة الجمارك، ومساءلته عما اجترح، ومحاسبته، بعد خلعه.