خبراء صهاينة يحذرون من الحرب مع لبنان

سبت, 15/06/2024 - 16:31

تزايد التحذيرات في "إسرائيل" من عدم المغامرة بتوسعة الحرب مع لبنان من جهة، وارتفاع الأصوات الداعية إلى التوصل إلى تسوية تُجنّب الصهاينة شرب الكأس المرة لآثار الحرب عليهم من جهة أخرى، ليستا مرتبطتين بخطورة التهديد العسكري المباشر، وما يلحقه من إصابات بشرية، وأضرار مادية من دمار فحسب، بل من تداعيات هذه الحرب على الحياة اليومية للصهاينه ، مع أرجحية أن تؤدي هذه الحرب إلى إلحاق ضرر واسع بشبكة الكهرباء في "إسرائيل"، مع ما يعنيه ذلك من مسّ بـ"روتين" الحياة اليومية للإسرائيليين.
حضر القلق في "إسرائيل" لناحية التداعيات الاقتصادية لحربٍ مُتوقعة مع لبنان، في دراسات أعدّها باحثون، سلطوا خلالها الاهتمام على الحاجة الملحة لاستراتيجية أمنية جديدة لقطاع الكهرباء في "إسرائيل"، في ضوء التهديدات العسكرية المُعبر عنها بسبب الحرب؛ وبسبب كون "إسرائيل" "جزيرة كهربائية" منفصلة عن شبكات الطاقة المجاورة.
وأضاف الباحثون أنّ الحرب الحالية كشفت عن نقاط ضعف كبيرة في قطاع الكهرباء الصهيوني ، ليس لها حل فوري، وحذروا من  مدة انقطاع الكهرباء في حال توسعت الحرب مع حزب الله، ستتراوح بحسب التقديرات، بين عدة ساعات أو أيام في وسط "إسرائيل"؛ وبين عدة أسابيع (وأكثر) في المناطق الحدودية، لا سيما في الشمال. الباحثون الإسرائيليون رأوا أيضاً أنّ إحدى أهم "نقاط الضعف" في قطاع الكهرباء الصهيوني ، تكمن في عدم استعداد "المواطن" الصهيوني على تحمل انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة، بحيث سيكون لهذا الأمر تداعيات نفسية عليه، وسيؤدي إلى حالة من الخوف والذعر بين الإسرائيليين، بشكل سيدفعهم إلى زيادة استهلاك المنتجات الرئيسة وتخزينها، بما سيؤدي إلى حصول نقص فيها.
وكذالك الخشية من أن تؤدي توسعة الحرب بين "إسرائيل" وحزب الله إلى إلحاق ضرر واسع بشبكة الكهرباء في "إسرائيل"، مع ما يعنيه ذلك من مس بـ"روتين" الحياة اليومية للصهاينة ، حضر في قراءات قدمها عددٌ من المعلقين في "إسرائيل"، برز منهم محلّل الشؤون الاقتصاديّة في قناة "كان" الصهيونية ، شاؤول أمستردامسكي، الذي حذر من أنّ الجمهور الصهيوني مطلوب منه أن يفهم أنّ حرباً كاملة مع حزب الله في الشمال لها ثمن باهظ جدّاً، ليس فقط على الصعيد العسكري، إذ من ناحية اقتصاد التسليحات، يجب فحص قدرة "إسرائيل" على الاستمرار في الدفاع أمام حزب الله.
وحذر أمستردامسكي من أنه في حرب كاملة مع حزب الله، ستُشل "إسرائيل" بكاملها، وسوق العمل سيتعطّل، وستتلقى "إسرائيل" ضربة اقتصاديّة مهمّة جدّاً، وسيدخل الاقتصاد في جمود، وسيسير النموّ باتّجاه معاكس، وسيرتفع العجز، لأنّ الحكومة ستضطر لاقتراض عشرات المليارات من الدولارات (على الأقل)، لتمويل الحرب والترميم بعدها.
وبحسب ما ذكر، ستبدأ كرة الثلج بالتدحرج، بحيث تخرج الاستثمارات الأجنبيّة من "إسرائيل"، وسياعاني قطاع "الهايتك"، فمصنع مثل "إنتل" بحاجة للتزوّد بالكهرباء المنتظمة طيلة الوقت مئة بالمئة، وإن حلّت العتمة فجأة ولم يعد هناك كهرباء، ولو لثلاثة أيام فقط، لن يبقى هذا المصنع في "إسرائيل" ليوم واحد بعده.
ولفت أمستردامسكي أيضاً إلى أنّ وضعاً اقتصادياً كهذا، سيدفع الحكومة الصهيونية إلى رفع الضرائب، بحيث يرتفع ثمن كل شيء في الأسواق، بسبب "تحليق سعر صرف الدولار" المُرجح. وختم أمستردامسكي كلامه بالقول إنّ خلاصة الأمر هو أنه بعد حرب كامبة مع حزب الله، "باختصار لن تكون الحياة في إسرائيل كالمعتاد"، بحيث يتغير نمط الاحتفال بالأعياد (نحو الانكماش)، والسفر إلى الخاجر لقضاء للسياحة سيتراجع، كما أن نوعية الطعام ستتراجع مع لحم وبروتينات أقلّ، كما أنّ النظام الصحي سيتأثر مع أدوية أقلّ.
حاجة ملحة لاستراتيجية أمنية جديدة في قطاع الكهرباء
القلق في "إسرائيل" لناحية التداعيات الاقتصادية لحرب مُتوقعة مع لبنان، حضرت في دراسة أعدها الباحثون في معهد أبحاث الأمن القومي، أورنا مزراحي؛ نوريت غال؛  غاليت كوهين؛ وغال شاني، مطلع الشهر الجاري، حول خطورة انقطاع الكهرباء في "إسرائيل"، وتداعيات ذلك على مختلف الصعد.
وكتب الباحثان أنّ حرب "السيوف الحديدية" سلطت الاهتمام على الحاجة الملحة لاستراتيجية أمنية جديدة لقطاع الكهرباء في "إسرائيل"، في ضوء التهديدات العسكرية المُعبر عنها بسبب الحرب؛ وفي ضوء الوضع الخاص لـ"إسرائيل" كـ"جزيرة كهربائية" منفصلة عن شبكات الطاقة المجاورة؛ وفي ضوء اعتماد "إسرائيل" بشكلٍ كبير على الغاز، الأمر الذي يجعل منها   دولة ضعيفة أمام تهديدات البنية التحتية للطاقة. 
وحذر الباحثون أيضاً من أنه في حرب مفترضة مع حزب الله، قد يحدث اضطراب طويل من إمدادات الكهرباء في "إسرائيل" نتيجة للزيادة المتسارعة في الطلب، أو نتيجة للاضرار المادية للبنية التحتية للغاز أو البنية التحتية للشبكة أو نظام الإنتاج. وأضاف الباحثان أنّ أهمية قطاع الكهرباء في "إسرائيل" مرتبطة بأمور أساسية، منها:
-إمدادات الكهرباء المستمرة هي مكون ضروري في عمل الاقتصاد والخدمات الأساسية، واستمراية مرافق كالتجارة والصناعة والنظام الصحي والنظام المصرفي وغيره.
-أنظمة المواصلات في "إسرائيل" التي تتضمن مجموعة السكك الحديدية؛ أسطول الحافلات البلدية؛ وأسطول المركبات الخاصة التي تعتمد على الكرباء.
-نظام المياه في "إسرائيل"، إذ يتم إنتاج نحو نصف كمية مياه الشرب في "إسرائيل" في مرافق تحلية المياه، التي يتطلب تشغيلها إمدادات طاقة مستمرة .
-الاتصالات التي تعتمد، لا سيما في قطاعي الخليوي والإنترنت على إمداد الكهرباء (بشكلٍ كامل).
-"مراكز الداتا"، التي تتطلب استهلاك الكهرباء بشكلٍ مرتفع ومستمر.
وأشار الباحثون، إلى أنّ تطور الأحداث والمخاطر على "إسرائيل" منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، أوضح شدة التهديد العسكري عليها من جبهة المقاومة، ورفع منسوب الخوف لديها من حرب شاملة مُتعددة الساحات، يُتوقع خلالها تعرض الجبهة الداخلية الصهيونية ، ومن ضمنها، البنية التحتية للكهرباء والطاقة، إلى ضربٍ شديد، سيشمل منصات الغاز في البحر، بحث تكون هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها في عدة أبعاد :
تعدد الساحات، الذي يتطلب من "الجيش" الصهيوني تحديد نظام أولويات لجهة توزيع الموارد في حماية الجبهة الداخلية، و"ليس بالضرورة ان تعطى أولوية للدفاع عن البنى التحتية المدنية للكهرباء أو لجهود إصلاح الأضرار فيها"، وفقاً لتقديرات في "إسرائيل".
القدرات العسكرية للعدو، التي ستفرض على "إسرائيل" التعامل مع قوة نارية غير مسبوقة، سواء على الجبهة الأمامية أو الداخلية، لا سيما قدرات حزب الله الصاروخية التي تتجاوز الـ 150 ألف صاروخ حالياً، تغطي الجبهة الداخلية الصهيونية بأكملها.
تعاظم التهديد في المجال السيبراني، والذي يستهدف، من بين عدة مجالات، البنية التحتية للطاقة والكهرباء التي تُعدّ وجهة جذابة للهجمات السيبرانية بسبب الآثار بعيدة المدى المترتبة على ضربها على الجبهة الداخلية (الاستمرارية الوظيفية ؛ روتين الحياة، والأمن الجسدي للسكان