د. الكنتي يكتب: ما الذي يجمع "جمع"؟

أحد, 26/05/2024 - 15:17

معالي الوزير! بعد التهنئة على الحشد. ما الذي يجمع "جمع"؟
نظرة واقعية، بعيدة عن العنتريات، تظهر أن ما يجمع الإخواني، واليساري، والقومي، واللامنتمي، لا يمكن أن يكون برنامجا سياسيا وطنيا. فقد ناضل الإخواني عقودا تحت يافطة فكر اعتقد أنه المنقذ للموريتانيين في دنياهم وأخراهم ثم انسلخ منه كما تنسلخ الحية من جلدها.
وناضل اليساري عقودا باسم الأممية، والاشتراكية، والانحياز للمستضعفين، وكاد يحمل السلاح ضد الإقطاع.. ثم شيد قصرا في تفرغ زينه، وولغ في الفساد…
وكافح القومي عقودا ضد الرجعية المتمثلة في فكر الإخوان، وحلم باستلام السلطة بانقلاب ينقلب ثورة.. ثم رضي من الغنيمة بتأييد كل انقلاب وقع منذ العاشر من يوليو… 
واليوم اجتمع الثلاثة في مشروع لا يمكن أن يكون سياسيا بالتعريف السائد للسياسة. فلا بد لأي مشروع سياسي من فكر يؤطره، وأي فكر سيجمع الثلاثة وكل واحد منهم سلخ عمره في محاربة فكر الثاني!!!
ما يجمع "جمع" حقيقة هو ما يجمع الأحزاب في هذا الوطن، ومشاريع الأحزاب: المصالح الشخصية التي يبحث عن تحقيقها بشتى الطرق. فلا تختلف الأحزاب، ومشاريع الأحزاب عن رخص الصيد، ورخص التنقيب عن المعادن الثمينة، وNIF مورد… هذه هي الحقيقة التي لا ينبغي التغاضي عنها، وهي خاصة بنخبتنا السياسية؛ كان الحزب الجمهوري وجهة النخب، وأنتم أدرى بذلك معالي الوزير، ثم انفضوا من حوله ليتجمعوا فترة وجيزة في عادل، لينفروا إلى الاتحاد من أجل الجمهورية…
بلاء هذا الوطن في قول الشاعر: "رحلنا كما كان آباؤنا يرحلون…"
رحلنا في السياسة من الحزب الواحد، إلى الحكم العسكري، ثم عدنا إلى الحزب الواحد بتعددية شكلية.
رحلنا في العقائد من الأشعرية إلى السلفية…
سترحلون، معالي الوزير، من "جمع" كما رحل سلفكم السياسي من اليسار إلى اليمين، ومن اليمين إلى الفراغ الفكري، حيث البوصلة تتبع مغناطيس السلطة التي تجمع وتفرق، كما فرقت في أف ديك، وفي حزب الأمة، وفي التكتل، وفي اتحاد قوى التقدم، والتحالف الشعبي، وفي الإخوان… ستعانون نفس النزيف "كما كان آباؤكم ينزفون". عندها سيندم كثير من أطر "جمع" على تركهم العمل ب"گافك"، "واتريح" حكمته البالغة بين طمع و"اتلحليح"…
د. محمد إسحق الكنتي