موريتانيا – السنغال: حقل آحْمَيِّم للغاز نموذج ناجح للتعاون

خميس, 18/04/2024 - 11:23

مما لا شك فيه أن التعاون الثنائي والشراكة الاقتصادية بين موريتانيا والسنغال قد دخل عصره الذهبي باتفاق الاستغلال المشترك من خلال شركة “بي بي” الكبرى لحقل غاز آحميم الكبير، الذي ينتظر إنتاجه بفارغ الصبر في الأسواق الدولية.ولا شك أيضا أن هذا الملف الاقتصادي، الذي يحتاج إلى بعض التمحيص، سيكون أحد مواضيع النقاش بين رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، ونظيره السنغالي، باسيرو ديوماي افاي، الذي يبدأ اليوم زيارة صداقة وعمل إلى بلدنا.لذا فإن عام 2024 هو العام الذي سيكون بالنسبة للبلدين عام إنتاج الغاز، ما لم يتم تأجيله. فهذا الحقل الذي تم اكتشافه عام 2015 يمثل بداية لتحول عميق في اقتصاد هذين البلدين، اللذين قررا توحيد جهودهما في العملية برمتها المؤدية إلى إنتاج وتسويق غاز حقل آحميم الكبير.وقد جعلت هذه الاكتشافات الغازية من موريتانيا إحدى الوجهات المفضلة للمستثمرين الأجانب، وجعلت بعض الدول، مثل المملكة المتحدة، تفتح سفارتها في نواكشوط لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الواعدة.وقد شرحت وزارة البترول والمعادن والطاقة منذ فترة في وثيقة بعنوان: “عناصر حول استراتيجية الطاقة الشق الخاص بالمحروقات”، بالأرقام احتياطي بير الله 80 تريليون قدم مكعب، واحتياطي الغاز في موريتانيا هو 20 تريليون قدم مكعب. هذه احتياطيات غاز من الطراز العالمي تبرر عمليات تطوير واسعة النطاق (الغاز الطبيعي المسال، البتروكيماويات، إلخ)، مع إمكانات في الحوض الساحلي التي ستعطي في المستقبل القريب جدًا رؤية أكبر للاعبين الآخرين في القطاع مثل “توتال” و”شل” على سبيل المثال.بعد 5 مليارات يورو من الاستثمارات وست سنوات من التطوير، ينتظر بفارغ الصبر بدء استغلال حقل آحميم الكبير المقرر في عام 2024، بإنتاج 2.5 مليون طن من الغاز سنويًا، وسيرتفع هذا الرقم، وفقًا للتوقعات، إلى 5 ملايين طن في عام 2027 و10 ملايين طن في عام 2030.وقد أطلق اكتشاف رواسب الغاز الرئيسية قبالة سواحل موريتانيا والسنغال العنان للعواطف حيث يعيش الناس بالفعل “أحلام الغاز” كل ليلة، ويعدون الأسابيع والأشهر حتى اليوم الكبير الذي ستعلن فيه شركة بريتيش بتروليوم وشركة كوسموس إنرجي عن تسويق أول إنتاج من الغاز الطبيعي في منطقة الغاز العالمية التي هي الآن في مرحلة التطوير الكامل.في حين تعلق موريتانيا والسنغال آمالاً كبيرة على هذا الحقل الغازي لإعادة استثمار الموارد المالية التي سيوفرها، على التنمية الاقتصادية في موريتانيا، والسنغال، خاصة في البنية التحتية والتعليم والصحة.وتعتزم شركة بريتيش بتروليوم العملاقة التي تقود المشروع منذ اتفاقها مع كوسموس، استخدام هذه القاعدة الأفريقية الجديدة للحاق بمنافسيها الرئيسيين شل وتوتال، اللتين تراهنان على حدوث انفجار في سوق الغاز الطبيعي المسال بعد شراء الحصة الأكبر في المشروع من شركة كوسموس إنرجي الأمريكية في ديسمبر 2016، مكتشفة الحقل.وتقول الشركة البريطانية إنها استثمرت أكثر من مليار دولار في المرحلة الأولى من المشروع وتخطط لاستثمار “عدة مليارات أخرى” في المراحل اللاحقة، على مدى 30 عامًا من عمر التشغيل.وهذه المبالغ الضخمة هي التي تغذي آمال سكان موريتانيا والسنغال، في حين تبقى حكومتا البلدين حذرتين، مع علمهما التام أن قطاع المحروقات يخضع لعوامل خارجية وداخلية متقلبة، وإن كان الهدف المعلن بوضوح هو الاستفادة من طفرة الغاز، ولكن أيضاً لتجنب “لعنة المواد الخام” التي غالباً ما تصيب البلدان المنتجة الجديدة والتي تتمثل أعراضها في الاعتماد على قطاع الاستخراج وسوء التسيير.