الانتخابات الرئاسية واشكالات الواقع السياسي المأزوم ،،،

جمعة, 05/04/2024 - 17:39

كتب الاستاذ اخيارهم حمادي:

------------
غمام كثيف يخيم على المشهد السياسي العام في موريتانيا ونحن على بعد مرمى حجر من انتخابات رئاسية لم تتحدد بعد ملامح خريطتها السياسية بعد انتهاء مأمورية أولى لفخامة الرئيس الحالي كان كل همه فيها  على ما يبدو، هو تفريغ المعارضة التقليدية من مفهومها الطبيعي عبر ما سماه النظام " التهدئة " السياسية، والتي رأى فيها بعض رموز المعارضة وقادتها، فرصة جديدة لم يألفوها مع الأنظمة السابقة، وهي الفرصة التي ستسمح لهم بأخذ قسط من الراحة ولملمة بعض الأوراق وترتيب الصفوف.
ولكن الطرف الاَخر " النظام " كان له أهداف وخلفيات أخرى ربما لم تأخذها المعارضة في عين الاعتبار لظروف يضيق المقام عن ذكرها، ومن أهمها، على كل حال، تلك التناقضات الداخلية والإنهاك الشديد الذي تعانيه الطبقة السياسية المعارضة، والصراعات البينية وغياب الرؤية الموحدة حول الهدف الاستراتجي. 
هذه هي أهم الأوتار التي ظل النظام يعزف عليها دائما في هذا البلد حتى لا تكون هناك جبهة معارضة قوية، ولكن أي نظام لم ينجح في السابق كما نجح النظام الجديد في احتواء الموضوع بقدرة قادر حتى أصبحت المعارضة في عهدته تدور في فلك لا يناسبها في كل الأعراف الديمقراطية، لايناسبها ، ولا هي خلقت له في الأصل، الأمر الذي ولد إرباكا شديدا في الساحة الوطنية منذ تسلم النظام الجديد مقاليد السلطة.
وقد أدى في النهاية هذا الوضع الى اختلاط الأوراق في وقت غير مناسب من تجربة ديمقراطية ناشئة يفترض فيها أن تؤسس على تراكمات طويلة، 
فمن المعلوم بداهة أن اللعبة الديمقراطية لها مقومات ومحددات وبدونها تختل شكلا ومضمونا ، فلا بد أن تكون هناك معارضة وأغلبية، ولكل منهما خطه ومنهجه وبرنامجه، وحين يوقعان في الاَن نفسه على برنامج سياسي موحد ومتناغم فمعناه أن أحد أركان العملية الأساسي قد اهتز بناؤه وهذا ما أصبح الكثير من المراقبين لساحتنا يتحدثون عنه اليوم على الأقل ظاهريا، وهنا يطرح السؤال نفسه، كيف ستكون الاتنخابات الرئاسية القادمة ونحن في واقع كهذا تغيب فيه أحزاب معارضة كانت بالأمس القريب وازنة ومؤثرة؟
 ولن نكون مبالغين إذا قلنا إن غيابها بهذا الشكل سوف يكون له تأثير خطير على المشهد خصوصا في وجه القوى الساعية الى التغيير ، وستبقى الإجابة على سؤال بهذا الحجم حائرة ومن الصعب الغوص في تفاصيلها الاَن،
ولكن الملفت للانتباه هو كيف يغيب أمر بهذا الحجم عن رجال وساسة ناضلوا كثيرا من الزمن وصمدوا في أوقات عصيبة ؟! كيف يقبلون بالبساطة هذه أن يتنازلوا عن ثلاثة عقود من النضال التراكمي ليسمحوا بأن يستيقظ شعبهم فجأة فإذا به وكأنه في بداية المشوار يتلمس ويبحث عن طريق كان إلى وقت قريب يظنها معبدة وأنها ستوصله قريبا الى الهدف المنشود " التغيير السلمي" ؟!  فأي زحف للرمال هذا الذي حل بنا اليوم ؟!  خلاصة القول إننا، والجميع يتهيأ لهذه الانتخابات، يصعب أن نتصور حدوث تغيير يذكر أمام هذا الواقع المؤلم الذي تتحكم فيه أطر الدولة العميقة، ويغيب فيه الفعل المعارض المدروس، رغم أن هناك شبابا وأطرا خيرون لم ولن يستسلموا وبدأوا يتحركون في الساحة رافضين الاستسلام ومشمرين عن سواعدهم لمواجهة الواقع المأساوي، ولكن عليهم أن يدركوا جيدا أنها بداية طريق مليء بالأشواك، ومحفوف بالمخاطر والمطامع، وعلى النخب والشباب والمثقفين ان يدركوا جميعا أن الوطن اليوم بحاجة إليهم كلهم وبحاجة الى وعيهم وثقافتهم وتضحياتهم، ومن واجبنا جميعا أن نتمثل قول الشاعر الكبير أبي القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر 
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد  أن ينكسر