النّاها.. قائدة منجزة / محمود بومراح

أحد, 31/12/2023 - 20:48

عندما تم تعيينها وزيرة, اشرأبّت أعناق وفُغرت أفواه, لتعرف ما ذا ستنجز شابة لم يلصقها دنس التصفيق للحكام ولم تتدثر بلبوس قبلي ولا جهوي في وزارة أسند إليها أضعف خلق الله وأكثرهم حاجة, لكنها الوزيرة المهندسة التي بالكاد تجاوزت عتبة الثلاثين, كانت جاهزة. فأطلقت الرصاصة الأولي فكانت إجابة مسكتة بل محيرة, حين صرفت مخصصها لتأثيث المنزل إلى إعانة ثلاثين فتاة في مقاطعة الرياض, وخصصت راتبها لأشهر من أجل إعانة أشخاص من ذوي الإعاقة.
طفقت الوزيرة الجديدة تخصِف على الضعفاء من ميزانية الوزارة, واقتربت من المحتاجين في زيارات عديدة إلى مدن الداخل, وشيدت روضات أطفال, ودعمت مرضى, ودخلت الحكومة من باب الإنجاز الواسع, والعمل الدؤوب, ليثمر عملها عن إشادة نادرة في البرلمان من طرف المعارضة والموالاة, بحسن التخطيط والأداء, وهي التي لم تكمل سنتين في منصبها على الشؤون الاجتماعية
كانت الوزيرة مهتمة على المستوي المحلي بمدينتها بوتلميت, والتي كان الممسكون بسياسة الدولة فيها منذ عقود, يرفضون أي لاعب جديد, فكيف بشابة أبهرت بالإنجاز, وأظهرت زهدا غير مسبوق في الراتب, واقتربت بشكل عفوي من الضعاف, لكن الوزير الناها منت هارون ولد الشيخ سيديا قررت أن تدخل باب السياسة من بوابة جيلها الناصع بياضا, والمحب لوطنه, التواق إلى من ينجز المدينة, ويكون معها خارج المناسبات السياسية.
وجد شباب المدينة في الوزيرة ضالتهم, فرفضت العلاقات القبلية والمناطقية, وفتحت باب المشاركة لكل طامح للإصلاح, محب للمدينة, وداعم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني, ثم أردفت بالصراحة في الخطاب, والصدق في الوعود, والحضور الدائم والتفاعل مع الجميع.
اختارت الوزيرة كل المناسبات لتكون بين أبناء المدينة داعمة وقائدة, فاقتنصت ذكرى الاستقلال وخلدتها مشيا على الأقدام من حي الجديدة وحتى طيبه, ونظمت أياما ثقافية بمناسبة ذكرى الاستقلال شارك فيها قادة سياسيون ومثقفون مشهورون وتحدثوا فيها عن التشابه الواضح بين الرئيس المؤسس المختار ولد داداه رحمه الله تعالي  وفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ  الغزواني, وزارت معهم معالم المدينة من المعهد ومدرسة الطافلات والمدرسة رقم`1والثانوية, وأطلعتهم على مكنون الثقافة هناك, والمغيّب من تاريخ المدينة العريق, كما وزعت معدات رياضة على الشباب دون تمييز, وقدمت مساعدات لتشجيع أبناء المدينة في ملتقى روصو, وكرمتهم بعد فوزهم في بوتلميت, ودعمت الأسر المتضررة من الأمطار بمساعدة وصلت لأكثر من ألف أسرة, واختارت الوزيرة أن تحضر وتشاهد.
وفوق كل ذلك سعت الوزيرة لما ينفع الشباب, فقدمت الخدمات لهم, وشفعت لمن يحتاج لإكمال دراسته, ودعمت العاجزعن ذلك, وسعت بكل ما تملك للحصول على عمل لكثير من الشباب, ليس في وزارتها فحسب, بل في مشاريع ومؤسسات عديدة, دون أن تسأل أحدهم عن توجهه السياسي ولا موقفه منها.
غادرت الوزيرة المنصب تشيعها شهادات بالعمل والجد والتواضع والإنجاز, لكن ما غرسته في بوتلميت أثمر إعجابا من الشباب وحبا كبيرا لها, وهو الثمَر الذي رعته وتعهدته بالاتصال بهم واللقاء معهم وتذليل الصعاب أمامهم.
اليوم ونحن نودع سنة ونستقبل أخرى, تتألق الوزيرة في سماء بوتلميت, وترسم خطاها واضحة المعالم, إنجازا وتواضعا وعلاقة عصية على النسيان, وتقف وحدها وسط المدينة, ترفعها إنجازاتها, وتسير بجانبها أيامها الثقافية, ومساعداتها المالية, وتقف خلفها مئات الشباب لا يلبي طموحهم أنها شخصية المدينة بلا منازع, بل يرفعونها كشخية النساء في الوطن كفاءة وإنجازا ووضوح رؤية, وعملا من أجل الشباب, ورسم ملامح مأمورية ثانية لرئيس الجمهورية .

كتبه: محمود بومراح