إفريقيا ، هل نضجت الظروف للثورات الشعبية؟

أربعاء, 26/07/2023 - 18:45

تعاقب على بلدان القارة السمراء ثلاثة أنماط من الحكم.
حكام ما بعد الاستعمار كانوا ورثة لسلطات استعمارية تربوا في مدارس المستعمر  وتم اختيارهم لإدارة بلدانهم من طرف المستعمر فحاولوا استنساخ نموذج الدولة الاستعمارية في بلدانهم فضيعوا هوياتهم وظلوا تحت جلباب المستعمر، ومن حاول منهم الخروج عن بيت الطاعة الغربي كان مصيره القتل أو الإطاحة عن السلطة .
ظهر منهم قادة وطنيون جسدوا مشاريع دولة وطنية لكن رجال الطابور الخامس من العسكر كانوا لهم بالمرصاد فحاكوا  المؤامرات ووضعوا العصي في الدواليب حتى تعرقلت تلك المشاريع 
وباختفاء أولئك الزعماء رجعت كل بلدان القارة حدائق خلفية للمستعمر  .
استنزفت الثروات وتعطل النمو وعم الفساد وتردت الخدمات الصحية والتعليمية وأصبح طموح المواطن الحصول على رغيف خبز يلبي به نداء أمعاء صغاره أو قطرة ماء يطفئ بها عطش أسرته أو حبة دواء مزورة عساها تسكت ألم جسده قبل أن تفاقم مرضه.
وكان المخلص الوحيد له من جحيم النظام العسكري القائم هو انقلاب عسكري جديد يبيعه الأمل الزائف مقابل الإعتراف بشرعية الانقلابيين ليكتشف أن كل انقلاب ليس سوى متحورا يحمل نفس جينات فساد وعجز سلفه.
في التسعينات وبعدما استنفدت الانقلابات العسكرية أغراضها وبدى وكأنها أصبحت بضاعة مزجاة أصدرت الأوامر للحكام العسكريين أن يهجنوا أنظمتهم فاعلنوا عن إصدار دساتير مفصلة المقاس على قاماتهم وأنماط تسييرهم معززة بواجهات حزبية كانت هي متنفس الغليان الاجتماعي حتى لا يحدث الانفجار فخدعت الجماهير بأن السلطة أعيدت إليها من خلال صناديق الاقتراع دون فصل حقيقي بين السلطات وظل الحاكم العسكري وحكومة ظله من رفاق السلاح هم وحدهم من يمسكون بخيوط اللعبة.
لم تزدد  الأوضاع إلا ترديا وكان كل حاكم جديد يلعن سلفه بعدما كان يده التي يبطش بها ومساعده الأيمن الذي يدير به دفة الحكم.
ومن سخرية القدر أننا بعد كل انتخابات رئاسية سواء تحولت عتبة القصر أم بقيت لا نجني سوى مزيدا من ذرف الدموع على المأمورية السابقة وينسد الأفق أمام التغيير ويصبح الواقع أكثر انحدارا نحو المجهول.
لم تعد لدينا الثقة لا في العسكر ولا النخب المدنية ولا حتى في القدرة على الخروج من المأزق حتى ترسخ في أذهاننا أن البقاء في ظل الاستقرار المزيف أرحم من فوهات المدافع والقنابل التي تقذفها الطائرات دفاعا عن كرسي السلطان.
فهل نضجت الظروف اليوم للثورات الشعبية لانقاذ الأوطان بعدما فشلت الانقلابات والأحكام الديماتورية .
شيخنا محمد سلطان