وزراء "تحت الصفر" .. تعديل جزئي لا يلبي تطلعات صناع القرار وينبئ بتغيير أوسع في الحكومة

جمعة, 22/07/2022 - 00:57

شكل التعديل الوزاري الجزئي الأخير تلبية ملحة لدى النظام في تبادل بعض الحقائب وإزاحة بعض الوجوه التي بدت عاجزة عن الأداء بالشكل الذي يتطلع إليه صناع القرار، لكنه ليس التعديل الذي كان ينتظره الرأي العام منذ بضعة أشهر حيث تعيش البلاد وضعا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وحتى أمنيا صعبا بفعل انتشار الجرائم بمختلف أشكالها.

وهو ما جعل البعض يصف العديد من الوزراء الحاليين، من حيث الأداء، بأنهم "وزراء تحت الصفر".

ويتوقع المواطن العادي تعديلا وزاريا أوسع ينهي حالة الركود الاقتصادي الذي يرخي سدوله على المواطن العاجز غالبا عن شراء غذائه ودوائه ويعيش وضعا أمنيا معقدا بفعل تفشي الجرائم المختلفة من اختطاف واغتصاب وقتل وانتحار وسطو وتجارة للمخدرات متزامنة مع ارتفاع الأسعار وتدني مستويات الدخل وانعدام المشاريع الصغيرة المدرة للدخل وتفشي البطالة وضعف أداء الحكومة، حيث تغيب عن المشهد غالبا وكأنها غير معنية بمعاناة المواطنين المتشعبة.

ولا شك أن صناع القرار يدركون جيدا أن تجربة حكومات المحاصصات والزبونية لا تخدم التنمية وقد أثبتت تلك التجارب فشل أداء تلك الحكومات ومن بينها أغلب أعضاء الحكومة الحالية الذين تقلدوا مناصبهم بفعل تدخلات نافذين مدنيين وعسكريين ووجهاء تقليديين وهم عاجزون بالفعل عن ترقية أداء قطاعاتهم بفعل انعدام الخبرة وغياب وضوح الرؤية والمستوى النخبوي.

الوضع الاقتصادي

و رغم ما تحقق من مكاسب هامة على صعيد البنية التحتية الداعمة للاقتصاد وما شهدته البلاد خلال السنوات المنصرمة من إطلاق مشاريع اقتصادية هامة رافقتها ورشات مختلفة في مجالات مصاحبة كالصحة والمنشآت الطرقية والاهتمام بالصيد البحري والزراعة وزيادة المنشآت الصحية والتعليمية والترقية الثقافية والتراثية (مهرجان المدن القديمة) والجانب الديني (مصحف شنقيط وإذاعة القرآن الكريم، وقناة المحظرة، والاهتمام بالأئمة). والتي تعكس كلها إرادة جادة لدى صناع القرار في تطوير الأداء بمختلف القطاعات، إلا أنها إرادة تصطدم بضعف مسؤولي القطاعات وبتدني مستوياتهم وضعف خبراتهم وهو ما ينعكس سلبا على الطموح المشروع لزيادة الإنتاج ومضاعفة الجهود وترقية الأداء للنهوض بدولة قانون ومؤسسات قوية تنافس في عالم الرقميات.

إن الواقع الاقتصادي يعكس تفاوتا كبيرا في الدخل بين كبار السؤولين الذين تتجاوز علاوات بعضهم عشرات الملايين بينما تتفاوت رواتب موظفي الطبقة الوسطى، التي بدأت تتلاشى، من رواتب هزيلة إلى متوسطة لكنها غالبا لا تكفي لسد أدنى الاحتياجات الأساسية للحياة المعيشية،

وتركز كل الحكومات الوطنية عبر العالم، ضمن أولوياتها، على الرفع من المستوى المعيشي والصحي للمواطنين، وهو ما لم توفق حكومات المحاصصات الوطنية في الوصول إليه حتى الآن مما يستدعي إجراء تعديل وزاري عاجل لكنه مدروس ومتأن يتيح تشكيل حكومة نخبوية من التكنوقراط المقتدرين المؤمنين برسالة البناء والتنمية والذين يستطيعون تنفيذ البرامج التنموية الطموحة الهادفة إلى الرفع من المستوى المعيشي للمواطن ووضعه في ظروف أفضل.

الوضـــع الأمــني

كما تعيش البلاد وضعا أمنيا متشعبا حيث تتفشي جرائم الاغتصاب والاختطاف التي تستهدف الفتيات والقاصرات بصورة أكبر، وجرائم القتل والانتحار المتزايدة فضلا عن السطو المسلح والحرابة وتجارة المخدرات والانحلال وغيرها، وهي جرائم تشكل هاجسا أمنيا حقيقيا يعيشه المواطن بشكل يومي يؤرق حياته وينغص عيشه ويجعله في وضع لا يحسد عليه. كما يثقل كاهل الأجهزة الأمنية بصورة كبيرة رغم أدائها المتميز مقارنة بالوسائل المتاحة.

هذا الوضع يتطلب بدوره مقاربة شاملة تضع حدا لتفشي الجريمة وتعيد الأمن والسكينة لهذا البلد المسالم، وهي مقاربة مطلوبة ولا يمكن أن يشرف عليها سوى قطاع يديره طاقم متمرس بدءا من الوزير ومعاونيه وانتهاء بمرؤوسيه من مختلف التدرجات.

ويمكن أن نربط بين الوضع الاجتماعي والوضع الأمني خاصة وأن الترابط بينهما قائم في ظل ما يعرف بحراك بعض المنظمات الشرائحية والتي يهدد نشاطها السلم الأهلي ووحدة نسيج المجتمع خصوصا أنها متهمة بتلقي التمويلات والدعم المعنوي والمادي من بعض الجهات الأجنبية التي تعمل على تفكيك بنية الدولة والمجتمع.

وخلاصة القول فإن التعديل الجزئي الأخير ليس هو التعديل الذي ينتظره الرأي العام ولا هو التعديل الذي سيلبي أولويات التنمية، في هذه الظرفية التي تتطلب إنجازات مقنعة للناخبين، خاصة وأن الفترة المتبقية لرئيس الجمهورية من مأموريته تبدو قصيرة قياسا بحجم التحديات القائمة في مختلف المجالات، وهو ما يعني أننا بصدد تغيير شبه شامل في الحكومة يلبي تلك الأولويات الملحة في بلد يتطلع إلى تنمية مستدامة في دولة قانون ومؤسسات حقيقية.

أحمد ولد مولاي امحمد

العدد 712 من صحيفة التواصل الصادرة يوم 18 – 07 - 2022