التدوين النسائي إلي أين ؟ / النجاح بنت محمذ فال

أربعاء, 01/09/2021 - 01:57

طرقن أبوابا من الأدب مسرعات، وكان لهن في التدوين شأن

إنهن من يتعبدن متبتلات في التدوين النسائي .. يركبن سفينة نون النسوة في موريتانيا يتخذن من الإبداع مجدافا، غمرتهن العربية بشحنة أنوثة تستمد من كل مضامين الثقافة والأدب

تناولن الزينة النسائية ونثرن المرويات من الأدب الشعبي والفصيح واستلهمن من عبق التاريخ والتراث حكايات ..

طاولن أدب الاستعارة والكناية وكل أنواع البديع ، كانت الأسماء المستعارة للمدونة الموريتانية غاية في الأدب، من ذلك أم أخلاخل الكهلة

يرمز هذا الاسم المستعار إلى دفق حنين إلى أدوات الزينة في الأسماء السحيقة حيث كان الخلخال زينة وثروة وليست وحدها أم اخلاخل الكهلة هي التي حنت إليه فقد استلهم منه نزار قباني حين قال:

لا ظباء الحمى رددن سلامي

                                والخلاخيل مالهن رنين

تأتيك المدونة  نزيهة بوعسرية لتستمد من استعارة أخرى ( كهلة تاجرة ) وهو اسم مستعار يحيلك إلى شحنة الأنوثة التي تتمتع بها العربية سواء في ألقها البهي الفصيح أو في طاعتها للحاجة الأدبية من خلال الحسانية ... فكلمة تاجرة فيها من الإيحاء الأنثوي ما يسمو على كثير من المدركات

إن التجارة الأنثوية زينة واقتصا د وخلق بها تعامل النسوة عندنا ضيوفها وتقود سفينة العمل الخيرى احيانا عديدة وفوق ذلك  فالمدونة نزيهة بوعسرية تمد الادب بنفحات اخلاقية مستمدة تارة من الادب ومن التراث احيانا

ليست الأسماء المستعارة وحدها هي وسيلتهن لركوب سفينة الإبداع بل إن منهن من برعن في المزج بين ما تمد به  العربية من شحنة أنثوية وما تضفيه الحسانية على بعض مظاهر شحنات الأنوثة

انظروا إلي مقال بهذه الدرجة من دقة الوصف والاختصار للمدونة أفاتو امعيبس خريجة كلية القانون العام والتي فازت مؤخرا بتكريم المغربية للطيران  

إنها تكتب بلغة يتعانق فيها جمال اللغة مع جلال الأنوثة:

 #ملحفتي_وعاء_حضارتي

شاء القدر الجميل أن نولد في بيئة إسلامية محافظة في عمق الصحراء الكبرى لها خصوصيتها في جوانب عدة كالموسيقى و اللبس.. وتميزت فيها المرأة عن معظم نظيراتها في الوطن العربي والإفريقي بالملحفة فأصبحت رمزا لأصالتها وخصوصيتها عبر التاريخ وامتدادا لها ..

ولارتباطنا الوثيق بتعاليم الدين الإسلامي فقد تعلمنا في سن التهجي (اللوح ) وعلى مقاعد الدراسة وتحت الخيمة داخل منظومتنا الاجتماعية والدينية أن للمرأة المسلمة نوعان من اللباس الساتر:

1- لباس ساتر للروح والقلب وهو ثوب التقوى قال تعالى:

(ولباس التقوى ذلك خير )

2- اللباس الساتر للجسد

وتصلح الملحفة أن تكون ثوبا ساترا للجسد إذا أحسن استخدامها لذلك الغرض. و قد جاء في القرآن الكريم ثلاثة مصطلحات تؤكد وجوب ستر المرأة:

1- قوله تعالى (ليضربن بخمرهن على جيوبهن)

2- قوله تعالى (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)

3- وقوله تعالى و إن سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب)، صدق الله العظيم.

وبهذا يكون الستر هو التزامنا الديني، والتمسك بالملحفة دون غيرها من أثواب الحجاب هو وفاء منا لأصالتنا وخصوصيتنا وتميزنا، والحبل السري الذي يربطنا بأمهاتنا، وجداتنا..

لا تتعارض الملحفة مع الأناقة واقتناء أجمل الأكسسوارت، ومساحيق التجميل والماركات العالمية من حقائب يدوية وساعات ونظارات بل تضفي عليهم الملحفة لمسة أنثوية ساحرة، ومحترمه....

وبالنسبة لي الملحفة تقع مني موقع الروح من الجسد ...

الملحفة هي الوطن الذي أسكنه ويسكنني ومن المستحيل أن  أخونها أو أرضى بغيرها بديلا.

ومع ذلك أحترم لأخواتي خياراتهن الشخصية  في ما يرين مناسبا لهن من الثياب وأتمنى أن يتقيدن بثوب ساتر.

لا تتوقف أفاتو عند هذه الشحنة من الإبداع حول الثوب الأنثوي الموريتاني بل إنها تصيغ تدوينة بديعة بأسلوب ساخر يستمد من قدرة العربية علي التوهيم والسخرية وذلك في تدوينة تسخر من الرجل الذي يغالط زوجته عن طريق الأسماء المستعارة للزوجة الثانية

الخلطة بحورهم ما ينعامو:

واحد منهم عندو رقم مسجل لمولاه  "ممادو  مكَنِسْيَاهْ" تمت مَدَمْ إلين دحسها تْصَوْنِي ممادو وگبظت تلفون لاهي تكول لو عنو ما هو احذاها..

ج ممادو كايلها "صَفَا وَنِى بِيك  أنا تحنيتْ هههه"

وتستجيب هذه التدوينة من أهمية استجابة العربية للأنوثة من خلال شحنة الزينة كما تستلهم من اللجوء إلي أدبيات الاستعارة .

لا يتوقف توظيف هذه الشحنة عند هذا الحد فهناك المدونة أسلمهم بنت احمد التي تستمد من الهم النسائي سخرية وتضمينا لمشاعر مشبعة بالترفيه أحيانا وبالصبر والخضوع لمقتضيات القهر الرجولي وذلك بأسلوب أدبي بديع

من ذلك تدوينتها حول مطلقة جعلت سطوة وقهر الرجولة في أسلوب ساخر مكابر !

الكياسة تقلب الرئاسة:

خالگه وحدة  تمت  اعل راصْ  وقت  الظهر  الين صد  أعليها الراجل  ؤگالها انو امخليها خرصتو ولا خسرت  تكيتها الين اعط ساعة گال الها أنت  مانك  گايسه أهلك؟

گالت لو: أنفسْ هذِي الوقرة  وان ماني لاهي انوَقَّر يحمارْ وجهي وآن أعل راص تهجيلة

لأسلمهم تدوينات أخرى ترصد معاناة الأنوثة مثل:

هذه السيدة التي أرادت الترفيه عن زوجها الذي بدا واضحا انه خائن في مشهد درامي آسر.

في ألم مطمور تنثر المدونة أسلمهم عناء الأنوثة في كلمات محدود تناسب صيغة التصغير التي تستجيب لحاجة شحنة الأنوثة إلي الاختصار بتطويع الحسانية لذلك وذلك في هذه التدوينة:

 امسيكينة ما اتخيمت ..

امسيكينة اتخيمت اسقيرة .. امسيكينة اتخيمت اكبيرة امسيكينة اتخلات ..امسيكينة.. ما حملت .. امسيكينة ..عندها آلا الطافلات .. امسيكينة عندها ألا العيل ..امسيكينة عندها اتوامه.. امسيكينة امخلية تركتها .. اياك تشتقل ..امسيكينة ..ماتگد تشتقل بيها تركتها ... امسيكينة في مجتمع امسيكينة  عقليا

#  هي امسيكينة  على كل حال واخلاص هههه

تأتيك المدونة Fatimtou Mohamed بالعجب فمن غيرها يستطيع أن يعلق علي  أزمة الأضاحي؟  فجملة واحدة تجمع بين السخرية والنقد السياسي لهذا الواقع:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=285202420074602&id=100057545384911

كما أن لها اليد الطولي في انتقاء النصوص الفنية البديعة

...خالك حد من ذُ أدباء ليد الگبلية كان مر امنادي اصحاب عندُ، اوكان فم فنان اكرر شور واختر ايكول گاف الحد فم، يغير بيه اهل الدار ماهُ ارجيل اعل ذاك اكبال، حانَ الين خاظُ اهل الدار  اشوي، گام اوگال للفنان گُـولْ ...

خـالــگْ حَــدْ امْــعَــدَلْ يَـمُ @ ولَّ مـــانِ گــاطـــعْ مُــولُ...

جاو أهل الدار داخلين، عاد ماتل گاد ايوفي الكاف، والفنان ألا إكرر:  خـالـگْ حــدْ امْــعــدلْ يَــمُ@ ولَّ مَــانِ كــاطـــعْ مُــولُ..

 گام حد امن اصحابو گالُ:

واعْــگــابْ الـگــافْ ألاّ لِـمُ @ تـعْـگـبْ تَـلْــگـاهْ اتْـگُـولـولُ.

منقول  من صفحة الشريف ولد السيد

برحت برحت لوله جيتك@

واجبرن ضيق امن أخيتك

وبرحت لوله جيت الگيتك@

وحدك واعگبن جان خوك

و البارح جيت اتنگليتك@

وامنين لجيتي عيط بوك

و الليله جيت ؤلا ريتك@

واثرك خالك وامك حكموك

يللي يحرك خوك وخيتك@

وامك والخال ؤيحرگ بوك

ليس أدب التدوين النسائي أي موضوع، فهو ثري  تتنازعه السخرية والترفيه والألم المطمور من هموم الأنوثة ضد قهر الرجولة أحيانا أو ضد قهر المجتمع أحيانا أخرى

فهل ستظل مدونة النقد العربي تفرض سياجها الفولاذي دون مواكبة هذا الأدب ؟ أم أننا مدعوون إلى مواكبة أدب التدوين بشكل عام والنسائي منه خاصة ؟

بالنسبة لي اعتقد أن ما تمدنا به العربية في أدب التدوين من شحنات أنثوية ذات إيقاعات متعددة يستحق عدة وقفات، ستكون لي معه في قابل الأيام.