الشّعب الليبي في مواجهة الحرب النفسية لقنوات الأخوان !

أحد, 24/05/2020 - 14:19

*مصطفى قطبي – المغرب (خاص/ التواصل)

لا نقرر حقيقة ولا نأتي بما ليس معروفا، إذا ما قلنا أن الحرب العدوانية الشرسة ضد ليبيا التي نشهدها، هي في القسم الأعظم منها من صناعة التضليل الإعلامي، وهي حرب نفسية، وأن القنوات الفضائية الإخوانية أو الدائرة في فلك المال النفطي القطري...، والمصنوعة في أقبية المخابرات التركية، هي أدوات الإرهاب الأولى على الشعب الليبي. فلم يعد الإعلام وسيلة تقارب وتواصل وتفاعل، بل أصبح بشكله الذي نراه سلاحا فتاكا مضللا، لا بل، بثقة نقول إنه طاعون العصر المرعب، أخطر من كورونا.

وهنا لابد من القول إن الحرب التي يخوضها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، هي حرب إعلامية تضليلية نفسية بالدرجة الأولى. والحرب النفسية تتمّ باستعمال الدعاية والتفنن بأساليبها وحيلها، وهي تحتاج إلى وقت طويل لضمان تأثيرها، إذ إن تأثيرها تراكمي عبر استغلالها للثغرات الضعيفة وانتهازها للفرص الملائمة... وتؤدي "الحرب النفسية"  دوراً محركاً وعميقاً في الصراع الليبي الراهن. وترتبط الحرب النفسية بالإعلام ارتباطاً وثيقاً، لما لوسائل الإعلام من تأثير كبير في حالات الارتباك والخوف والبلبلة وهي من الأهداف الرئيسية لهذه الحرب.

وتبنى الحرب النفسية على ثلاثة مقومات هي: الإشاعة وافتعال الحوادث والرعب.

وتتبع أساليب عديدة ومتجددة منها:
1ـ محاولة خداع الخصم بواسطة الاقتراب من عقله.
 2 ـ بث الفرقة والانقسام والفوضى في المجتمع.
3 ـ اصطناع التوتر النفسي عند الخصم واستغلاله.
وتعتمد "الحرب النفسية" على استخدام الهوة بين الشعور واللاشعور، فتعمل هذه الحرب على مخاطبة الحاجات الدفينة الخفية وغير المتحققة للأفراد والمجتمعات. وهنا تبرز أهمية الإعلام بشتى صوره، والذي يمكن أن يكون  سلاحاً ذا حدين،  فمنه ما هو مسلط من قبل الخصم وهدفه إضعاف التركيز على القضايا الأساسية وتشويه هذه القضايا وبث الاضطراب حيالها، والتأثير السلبي في القيم والأفكار، ومنه ما يستطيع تكريس عوامل التوعية، وتكريس المناعة، وتلافي نقاط الضعف. وهنا لا بد من التأكيد والتذكير بأساسيات إعلامية في مشهد الحرب الليبية.
الشعب الليبي يخوض حرباً ضد جيش من الإرهاب وحلف يدعمه، وطبيعة الحرب وطبعها أن تربح معارك وتخسر معارك، لكن لا يجوز أن تخسر الحرب. والجيش الليبي برآسة المشير خليفة حفتر،  كسب الحرب، وقد يقول قائل، أنّ الجيش تقهقر... انهزم... وانسحب من قاعدة الوطية! نعم انسحب، وهذا شأن كل الحروب، فلا حرب من دون خسائر، وحتى في إطار تحليلها يجب الإحاطة بالمشهد كاملاً أي ما هي أعداد الإرهابيين الذين هاجموا والدعم الذي قُدّم لهم داخلياً وخارجياً؟ وما الثمن الذي دفعه أولئك الإرهابيون، وما الجدوى  من البقاء أو الإخلاء أو تغيير التكتيك، وما الأولوية حسب مخاطر التجميع الإرهابي والمنطقة والجغرافيا وتأثيرها؟ وطبيعة الإعلام والإعلان عن تفاصيل المعارك العسكرية كما السياسية محكوم في بعض  جوانبه بالتكتيكات، وإن بديهيات المعارك والحروب هو استخلاص النتائج في الميدان وتجاوز نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة والمكافأة والحساب وهذا ما حصل ويحصل في المعارك التي يخوضها الجيش الليبي لتطهير ليبيا من كل الميليشيات الأخوانية الإرهابية.

ولا يغيب على أذهاننا ونحن نحلل الوضع العسكري في ليبيا، أنه يجب علينا التمييز بين التقييم العسكري لكل معركة والذي يتم في الدوائر والحلقات العسكرية الصرف وبين التقييم الإعلامي، حيث يبقى الإعلام محكوماً بإظهار الحقيقة وهي ضرورة والحفاظ على السرية العسكرية للخطط العسكرية التي لا تنشر وبيانات القيادة العامة والناطق باسم القوات المسلحة الذي يأتي معبراً ودقيقاً ومختصراً.

اليوم ليبيا تقف على مفترق طرق خطر في تاريخها، يتشعب الطريق في مسالك الأضاليل الإعلامية الشائكة التي تطول بنيتها والتي لم تشهدها البلاد من قبل، حيث تتعرض لأشكال مختلفة من الحرب النفسية، ولا يخفى على أحد ما تعيشه ليبيا حالياً من غزو وحرب نفسية تركية قطرية صهيونية واستعمارية تقودها أجهزة الإعلام الأخوانية بالتعاون والتوثيق مع أجهزة الإعلام في الدول الاستعمارية التركية والقطرية و الغربية لاسيما الأمريكية منها، والتي تركز على عواطف وعقل الانسان الليبي لتقنعه بشكل غير مباشر بأن آفاق كفاحه ومقاومته للاحتلال والعدوان التركي الاستعماري مسدودة.

وتتصاعد اليوم الحرب النفسية المعادية ضدّ ليبيا وجيشها الوطني وشعبها، ضدّ صمودها ومواقفها الوطنية، باستخدام أحدث الوسائل والخدع المضللة، لكن الوعي الذي يتحلى به الشعب الليبي وإدراك أهداف تلك الحرب، أفشلها في السابق وسيفشلها في القادم من الأيام، ولن يمكّن ميليشيات ومرتزقة الأخوان المدعومين من تركيا وقطر والغرب...، من الوصول إلى غاياتهم في إسقاط ليبيا وجعلها محتلة بيد الأتراك....

ومثل هذا النوع من الحرب النفسية ينبغي مواجهته واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهته، باستخدام وسائل الحرب النفسية ذاتها، وفي المقدمة منها الإعلام الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة كوسيلة من وسائل الدعاية المضادة، ويضاف إلى ذلك:

1 ـ وجود منهاج توعية شامل يستهدف تنمية الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين الليبيين، مع توضيح دقيق للدور الخطير للميليشيات والمرتزقة والإرهابيين، وإيضاح وسائلهم وأساليبهم التخريبية.

2 ـ التأكيد على ترسيخ الوحدة الوطنية، وقطع الطريق على محاولات زرع بذور الفرقة، وقد أثبتت الأحداث في العالم أن الشعب المفكك الأواصر من السهل اختراقه.

3 ـ اتخاذ تدابير ناجعة لمواجهة الإشاعة، من أهمها إطلاع الشعب الليبي على ما يجري على حقيقته، بعيداً عن أساليب التمويه التي سرعان ما تكتشف.

4 ـ وضع سياسة وطنية تتصدى لمحاولات إشاعة عوامل الفرقة والتناحر بين أبناء الوطن، وبخاصة في مجال الإعلام، لأن هذه المحاولات ورقة رئيسية، يتم اللعب عليها بمهارة، لاستغلال نقاط الضعف في المجتمع الليبي.

إن الحرب النفسية التي تتعرض لها ليبيا ليست دبابات ومدافع وطائرات مسيرة فقط، بل هي استغلال وسائل ثقافية ونفسية واجتماعية، لتغيير العقول والمفاهيم والقناعات...، ومواجهتها تستلزم المزيد من وعي الشعب الليبي بالحقائق، واستثمار نقاط القوة لديه، وهي كما أثبتت التجارب كثيرة، بل كثيرة جداً وبما يكفي لإفشال الحرب التي تشن عليه.

خلاصة الكلام: يجب على الشعب الليبي أن يثق بالجيش الليبي، الذي أثبت علو كعبه في تحقيق المستحيل، ونثق أنه يتمهل ولا يُهمل، وأنه كالبنيان المرصوص، وأنه سيطهر كل شبر دنّسه الإرهاب المستورد من تركيا وسوريا... وإذا كان الإرهاب تواجد في منطقة مؤقتاً، فلن يكون له في المستقبل مقر أو مفر فالحرب كر وفر، وخسارة قاعدة عسكرية أو مدينة بشكل مؤقت، لم ولن تعني خسارة حرب أصبحت نتيجتها الاستراتيجية بقبضة الجيش الوطني الليبي، وتحت أقدام حماة الديار الذين يعرفون ويدركون ويعملون على ترجمة شعار المجاهد الوطني الكبير عمر المختار : ''نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت''.

-----------------------------------

 

باحث وكاتب صحفي من المغرب.