إصرار "عزيز" على رئاسة حزب الاتحاد: صراع على المرجعية ... وتأكيد الولاء لغزواني مسألة وقــت ...

ثلاثاء, 03/12/2019 - 23:43

يتابع المراقبون للشأن السياسي المحلي حالة الصراع القائم بين قياديي حزب الاتحاد من اجل الجمهورية وبشكل خاص بين لجنة تسيير الحزب وغالبية نوابه ومنتخبيه. وهو الصراع الذي بدأ عقب ترأس الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز لاجتماع مع لجنة تسيير الحزب، ما ولد حالة من ردود الفعل الغاضبة لدى الكثير من قيادات الحزب ونوابه من داخل وخارج تشكيلة اللجنة باعتبار الرئيس السابق لم يعد مرجعية للحزب وإنما الرئيس الحالي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.

ويخشى قياديون ونواب في الحزب من أن لدى لجنة تسيير الحزب الحاكم سابقا رغبة في تعيين الرئيس السابق للجمهورية رئيسا للحزب خاصة مع الفراغ الذي يعيشه الحزب في قيادته والانتظار الطويل الذي يشهده منذ تعيين لجنة لتسييره برئاسة الوزير سيدنا علي ولد محمد خونا.

ويتوقع الرافضون لسياسة لجنة التسيير أن تعمل اللجنة على التعبئة لانتخاب السيد محمد ولد عبد العزيز أو تعيينه رئيسا للحزب في النصف الأول من السنة المقبلة بعد أن يقضي استراحة أشهر من العمل السياسي. خاصة وأن اللجنة القيادية المؤقتة للحزب تم تعيينها من طرف لجنة تعيين ولم يتم انتخابها، وهو ما يعني إمكانية فرض الرجل على المؤتمر العام والقواعد الحزبية دون انتخاب، وهو أمر تخشاه بعض القيادات التي تريد للرجل أن يستريح باعتباره رئيسا سابقا أدى دوره في مأموريتين رئاسيتين وعليه أن يترك للحزب ولرئاسة الجمهورية العمل على قيادة الحزب دون تشويش حول المرجعية السياسية والتنفيذية له.

صراع له خلفيات

ويعتقد بعض النواب أن الرئيس السابق يتطلع إلى البقاء رئيسا غير مباشر للجمهورية من خلال أغلبية برلمانية تعمل تحت إمرته ومنتخبون يشكلون غالبية على امتداد التراب الوطني فضلا عن وزراء يتموقعون في أهم مفاصل الدولة هو نفسه من صنعهم من العدم.

ويقول النواب المناوئون لسياسات لجنة تسيير حزب الاتحاد إن إرادتها في إعادة فرض الرئيس السابق كرئيس للحزب إنما تترجم مخططا يتقاسمه الرئيس السابق ولجنته من أجل التشويش على عملية الإصلاح التي أعلنها الرئيس ولد الشيخ الغزواني وشرع في تنفيذها عمليا وهو ما يرفضه غالبية النواب ويسعون للإطاحة بهذه اللجنة باعتبارها غير منتخبة ولا شرعية لها كما يقولون.

ويقول مراقبون إن لهذا الصراع خلفيات أعمق وأبعد مما جرى التصريح به، ومن ذلك أن غالبية النواب لهم مآخذ على الرئيس السابق من جهة وعلى رموز وقيادات في لجنة تسيير الحزب، ولذلك فهم مصممون على انتزاع الحزب وتأكيد مرجعية الغزواني بوصفه رئيسا للجمهورية وللحزب أيضا والعمل على انتخاب رئيس جديد وقيادة جديدة للحزب الأكبر في البلد يكون ولاؤه للرئيس ولد الغزواني.

هل هناك صراع خفي بين غزواني وعزيز ؟

وإذا كان ثمة من يعتقد أن الانسجام والتوافق التام يطبع العلاقة القائمة بين الرئيسين الحالي والسابق، وأنهما في حالة اتفاق تام وتطابق في وجهات النظر، فإن الحقيقة هي غير ذلك، إذ يختلف الرجلان حول جملة من القضايا بينها سياسات التسيير وآلياته كما يختلفان حول اختيار صاحب(ة) المؤهلات الذي يستطيع أن يسهم في عملية التنمية بعيدا عن الشبهات وما يقود إليها، وهو أمر لم يميز أغلب وزراء العهد السابق، فضلا عن اختلاف الرجلين حول مركزية القرار والتسيير وهي أمور من بين أخرى لا يتفقان عليها وستميز عهد كل منهما عن الآخر.

وعلى العموم فرجاحة عقل الرئيس الغزواني ستمكنه من احتواء الحراك واستقطاب أنصار الرئيس السابق إلى جانبه بما يعزز رغبته في وجود أغلبية متماسكة داعمة له دون الحاجة إلى حل البرلمان وإنفاق مبالغ طائلة على عملية انتخابية جديدة لا تبدو ملحة في الوقت الراهن، ولكن الخيار يظل قائما إذا دعت الضرورة لذلك ولم يبق له من خيار سوى حل البرلمان.

ما يتطلع إليه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز

صرح الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز في مناسبات عديدة أنه سيمارس العمل السياسي ليخدم بلده بعد مغادرته السلطة، وهو تصريح لم يأت من فراغ، فللرجل شبكة واسعة من السياسيين ورجال الأعمال "الجدد" الذين يمتنون له وله أفضال عليهم وسيبذلون لأجله كل شيء حتى يحقق تطلعاته، ومنها ممارسة العمل السياسي من موقع مؤثر، ولا يوجد موقع أكثر تأثيرا من قيادة الحزب الأقوى والأكثر تمثيلا في البرلمان والذي يحظى بغالبية المنتخبين من عمد ومجالس جهوية، وبالتالي فقد لا يقتنع الرجل بالتخلي عن رئاسة الحزب بسهولة خاصة وأنه لن يظهر الوجه الصدامي لصديقه الرئيس الغزواني على الأقل قبل أن يتم انتخابه أو تعيينه رئيسا لحزب الاتحاد، إلا أن حزم وحذر الرئيس ولد الغزواني ومعاونيه وخشيتهم من مواجهة غير محسوبة العواقب مع الرئيس السابق وداعميه سترغم النظام الحالي على تفادي كل ما من شأنه خلق جو صدامي بين الرجلين وبالتالي فسيتم حسم الصراع على مستوى قيادات الحزب بين لجنة تسييره والنواب المناوئين له، ومن الأرجح أن النواب سيذهبون بعيدا لرفض شرعية اللجنة وتشكيل قيادة جديدة للحزب بالتنسيق مع الرئيس ولد الغزواني ومع رموز حكمه من تحت الطاولة دون حصول أدنى احتكاك بالرئيس السابق ومناصريه من سياسيين ورجال أعمال.

وهكذا يُتوقع أن ينتهي الصراع السياسي الحالي بالاتفاق على تاريخ جديد لانتخاب قيادة جديدة لحزب الاتحاد تعتبر الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز الرئيس المؤسس وتعتبر رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني المرجعية السياسية للحزب، مع ما سيصاحب ذلك من آثار الهزات الارتدادية لزلزال المرجعية الراهن.

 

أحمد ولد مولاي امحمد

جريدة التواصل العدد 563 بتاريخ 26 – 11- 2019