خطاب الكراهية بين التجاهل والتشريع

أحد, 24/03/2024 - 15:30

فخامة رئيس الجمهورية، حان الوقت لوضع حد  لنجوم عالم الفراغ والسطحية والتعميم والانسياق وراء الوهم والمتلاعبين  بمشاعر وأحلام البسطاء والمتاجرين بكل القضايا والهموم،
فخامة رئيس الجمهورية  
يجب ان توضع النقاط على الحروف وتوضح الحقائق وتكون الصورة شديدة الوضوح أمام الجميع بعيدا ً عن حالة الضبابية والمتاجرة، نعم الحمل ثقيل لكن  علينا جميعا ً وتبعاته مرهقة ولكن يقينا نعرف ونثق بقوة أن موريتانيا يجب ان تكون فوق الجميع.
لقد وصل خطاب الكراهية و التحريض على العنف وتقويض التماسك الاجتماعي والتسامح من طرف المتاجرين باللون والعرق والجهة مرحلة الخطورة، وهو  لا يؤثر على الأفراد والجماعات المستهدفة فحسب، بل يؤثر أيضًا على المجتمع ككل. 
إن التأثير المدمر للكراهية ليس شيئًا جديدًا للأسف، كن الجديد هو شرعنة الخطاب وتجاهل نظام قوة تصاعده مجاملة للغرب ومحاولة لعدم الشوشرة دون اﻻنتباه إلى خطورة ما سينتج عن ذلك من مخاطر. 
وتعكس الحوادث الأخيرة الناجمة عن خطاب الكراهية، بما في ذلك الإهانات العنصرية وحتى التحريض على العنف والتهديد بالفوضى، اتجاهًا مثيرًا للقلق، وقد تفاقم هذا الخطاب  بسبب دعم الغرب للجماعات المتطرفة والشخصيات الشعبوية في البلاد  الذين استخدموا مناصبهم  للترويج للخطابات العنصرية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة، العديد من هؤلاء وصلوا إلى مواقعهم عبر المتاجرة بخطاب الكراهية مما أوجب تنبيه هؤلاء إلى مراجعة النفس قبل فوات الأوان "بلادي وإن جارت علي عزيزة .. وأهلي وإن ضنوا على كرام".
هناك ضرورة لفهم البيت أن له مغزى، ودلالاته يتم استنتاجها من بين السطور، بغرض التنبيه والوعى والإدراك لما يدور حولنا من ظواهر مُعدة سلفًا ويحاك ضدنا من مؤامرات مُخطط لها .. وكل هذا يحتاج منا إلى ترابط وتلاحم ووحدة وطنية أمينة، ففى الاتحاد قوة لا تقهر، خاصة ونحن أمام حملة ممولة من أجل تفكيك مجتمعنا داخليًا ويستغلها البعض للتربح وخدمة مصالحه الشخصية  وليس هذا جيدًا.. 
ففى كل حقبة مضطربة هناك أثرياء حرب وأثرياء أزمات ينضمون إلى طائفة الأشرار، هؤلاء المغرضون الذين يقترفون الآثام فى حق المواطن ويتلاعبون بأمنه واستقراره  ويصدّرون له طول الوقت طاقات سلبية، شعارها القتامة، ومعانيها ملبدة بالعتمة والغيوم، وهدفها القلق.. وهذا على خلاف ما هو قائم بالفعل على أرض الواقع من إنشاءات وإنجازات للنهوض ببلادنا.
صحيح أن حرية التعبير  لكل فرد هو حق طبيعي، لكن الوعي لكل عقل هو أيضًا ضرورة قصوى، لأن عدم الوعي بخطورة الخطاب الطائفي  يُضّع الوطن على حافة الهاوية، وبلدنا يستحق أن ندافع عنه ونحافظ عليه بعيدًا عن أي غنائم أو منافع أو مصالح. 
إن هذا المخطط الشيطانى من صناعة جيل الحقد والكراهية ودعاة حروب التفرقة والتي نرى نتائج التغاضي عنها في تقسيم السودان إلى شمال وجنوب وإشعال حرب أهلية، وتفتيت العراق سُنّة وشيعة ودروزا وأكرادا، و تحويل سوريا إلى طوائف ومِلل، و تقطيع ليبيا إلى قطاعات، وإتعاس اليمن.. والعرض مستمر لو استمر تجاهل دعاة التفرقة والمتاجرين باللون والعرق تحت أي ذريعة 
فخامة رئيس الجمهورية 
يعتبر الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي في أي بلد كان وجهان لعملة واحدة، فإذا كان هناك استقرار أمني فمن الطبيعي أن يكون هناك نمو اقتصادي بغض النظر عن موارد الدولة، سواء كانت ضعيفة أم قوية، فلا توجد دولة في العالم إلا ولديها مواردها الاقتصادية، لكن تدهور العديد من الاقتصادات في العالم كان سببه الأول عدم الاستقرار الأمني الذي يشمل جميع النواحي الأمنية وتشعباتها، الذي متى ما تدهور تراجعت معه المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية وتفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في أي بلد كان
فخامة رئيس الجمهورية 
 أن الوضعية الخطيرة للأوضاع بالبلاد لم تعد تقبل لمزيد من التشخيصات؛ بل إنها أصبحت تتطلب – وبكيفية استعجالية- البحث عن مكامن الخلل والحلول لواقع يعاني من تخمة التشخيصات وقلة المبادرات والبدائية 
 لا شيء يعلو على كرامة الموريتانين الذين هم بحاجة إلى التنمية المتوازنة والمنصفة، التي تضمن الكرامة وتوفر الدخل وفرص الشغل والقضاء المنصف والفعال، وإلى الإدارة الناجعة بعيدا عن كل أشكال الزبونية والرشوة والفساد؛
أن اتساع دائرة الفوارق بين الفئات والفشل في إرساء العدالة الاجتماعية بالبلاد هي أخطر ما يهدد الإصلاحات السياسية والمؤسساتية مما أساء ويسيء إلى صورة البلاد داخليا وخارجيا؛
فخامة رئيس الجمهورية
 يجب الخروج عن لغة المجاملة أو التنميق للتأكيد لأعضاء الحكومة وممثلي الشعب، ومن خلالهم الشعب، على أن فرضية عدم إحداث “زلزال سياسي” غير وارد بعد استمرار تجاهل رسائل خطابات رئيس الجمهورية من لدن الطبقة السياسية؛ الأمر الذي أوجب تلاوة آية “شر الدواب الصم البكم” على مسامع رئيس الحكومة وأعضاء حكومته ورئيسي البرلمان والبرلمانيين ليفهم الجميع ان “الزلزال السياسي“ ليس مستحيلا وان مبادرة التغيير الإيجابي ولو بطرق استثنائية؛ هو أمر وارد وأن مصلحة موريتانيا وأمنها واستقرارها فوق الجميع وان المتاجرة لا يمكن ان تكون على حساب أمن وطن وشعب بأكمله 
بقلم: شيخنا سيد محمد