طوفان اليمن" يغطي المحيط الهندي.. حصار البحر يخنق "إسرائيل"

سبت, 16/03/2024 - 15:33

بعدما نجحت صنعاء في تثبيت معادلة الحصار بالحصار في البحر الأحمر، وبعدما أصبح باب المندب عقدةً قتالية عالمية ورمزاً للحصار اليمني للاحتلال الصهيوني ، دخل المحيط الهندي، في تصعيدٍ لافت، خطّ المعادلة اليمنية، وبات ضمن دائرة المواجهة.
فمع بداية "طوفان رمضان"، أدخل قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، في خطابه قبل يومين، المحيط الهندي، وصولاً إلى رأس الرجاء الصالح، ضمن معادلة نصرة اليمن لقطاع غزة، مشيراً في الوقت عينه إلى تنفيذ القوات المسلحة اليمنية 3 عمليات طالت المحيط الهندي.
ولم تكد تمرّ ساعات بعد خطاب الحوثي، حتى خرج المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، ليعلن تفاصيل العمليات الثلاث، والتي طالت 3 سفنٍ تجارية صهيونية وأميركية في المحيط الهندي، لتدخل هذه المنطقة البحرية، وللمرة الأولى في التاريخ، في مرمى الصواريخ اليمنية، في إنجازٍ غير مسبوق.
اليمن الذي كسر التوازنات العالمية المتحكّمة في غرب آسيا وشمال أفريقيا منذ الحرب العالمية الثانية، لم يكتفِ بالإنجاز المتحقّق حتى الآن بالحصار الذي فرضه على كيان الاحتلال في البحر الأحمر، بل اختار "خنق إسرائيل" وتعميق المأزق الأميركي، إضافة إلى تشكيل تحدٍّ استراتيجي للهيمنة الأميركية على البحار والمحيطات.
مسارُ عملياتٍ تصاعدي في المديات وفي المسار وفي الدقة، هكذا لخّص الحوثي، في خطابه الأخير، عمليات القوات المسلحة اليمنية ضد السفن المرتبطة بالاحتلال والداعمة له، مؤكداً أنّ اليمن لن يسكت عن الحصار وعن تجويع الشعب الفلسطيني.
ولا شكّ في أنّ القرار اليمني الأخير باستهداف كلّ السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة أثناء عبورها بمحاذاة جنوب قارة أفريقيا، يحمل في طيّاته تبعات كثيرة ستضع كيان الاحتلال أمام استحقاقاتٍ صعبة في المرحلة المقبلة. فمن شأن هذا القرار أنّ يزيد الضغط على الاحتلال، كما من شأنه أن ينقل المنطقة إلى مزيدٍ من التصعيد وإلى توسيع دائرة الحرب، في حال استمر العدوان على غزة.
فتصعيد مشاركة صنعاء ضمن معركة "طوفان الأقصى" سيُنهك جبهة الاحتلال بشكلٍ أكبر مما هي عليه، خاصةً في ظل تصاعد الخلافات الداخلية الصهيونية ، وتزايد القناعة بأنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ينطلق في مواقفه من مصالحه الشخصية والسياسية من دون أي اعتبارات أخرى.
إلى جانب ذلك، تحمل الخطوة اليمنية رسالةً واضحةً إلى الاحتلال الصهيوني في حال قيامه بالتصعيد في رفح، عبر رفعها درجة المعركة الإسنادية لقطاع غزة شعباً ومقاومة، ولا سيما أنّ صنعاء كانت قد توعّدت الاحتلال في وقتٍ سابق، أنّ جبهتها مرتبطةٌ بالتصعيد في قطاع غزة، وأنّ أيّ اقتحام صهيوني لمنطقة رفح، سيُقابل بتصعيدٍ وتوسّعٍ في العمليات.
وأمام استمرار العمليات اليمنية وتصاعدها بصورةٍ ملحوظة، ثبّتت صنعاء المعادلة اليمنية ضمن مسارٍ تصاعدي لدعم غزة، وخصوصاً مع تعنّت الاحتلال في المفاوضات القائمة، والإصرار الأميركي الصهيوني على مواصلة جرائم الإبادة وسياسة التجويع في القطاع. 
فرصة لواشنطن لإعادة حساباتها
لم يكتفِ اليمن بفضح عجز واشنطن ولندن وإخفاقهما في مسعاهما لـ "ردع صنعاء" عبر العدوان الأميركي - البريطاني المستمر على اليمن، بل قرّر، عبر توسعة العمليات إلى المحيط الهندي، تعميق المأزق الأميركي وتعقيد حسابات واشنطن، خصوصاً أنّ المنطقة المذكورة تشهد حضوراً متزايداً للقوى الكبرى، ولا سيما الصاعدة منها، مثل الصين والهند وإيران. 
وتعيش الإدارة الأميركية وضعاً حرجاً، ولا سيما أنّ فشلها في "توريط" بعض حلفائها الغربيين في عمليات عدوانية ضدّ اليمن ضمن إطار عملية "حارس الازدهار"، أظهر تراجع هيمنتها بشكلٍ واضح. ولعلّها من المرّات النادرة التي تجد فيها واشنطن نفسها، في ظلّ تعقيدات الموقف وتضارب مصالحها مع حلفائها، أمام معضلة تجميع شركاء في الغطاء البحري، في مواجهة اليمن، لكسر حصارٍ بحري فرضه على الاحتلال.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عبد الملك الحوثي لم يشمل في خطابه الأخير السفن والبوارج الأميركية والبريطانية، وإنما حصر الأمر بالسفن الصهيونية ، وهذا ما يتيح لواشنطن ولندن إعادة حساباتهما، وبحث خياراتهما من جديد قبل المجازفة في مواجهة اليمن هنا أيضاً، حتى لا تكون سفنهما هي الأخرى في المصيدة.
وتدرك الإدارتان الأميركية والبريطانية ماذا يعني ضرب هدفٍ متحرّك في البحر، وتعلمان الدقة العالية للأسلحة التي تستخدمها القوات المسلحة اليمنية، على الرغم من الانتشار العسكري الواسع، أميركياً وبريطانياً وأوروبياً، وعلى الرغم من التعقيدات الفنية والتقنية والجغرافية في ميدانٍ بحري واسع.
هكذا، وضعت صنعاء واشنطن تحت خيارات صعبة، بين الذهاب إلى حربٍ كبرى، وبين التعايش مع حرب استنزاف تُسقط هيبة الولايات المتحدة وصورة الردع التي تحرص على إبرازها، أو الدّفع نحو الإسراع في الخطوات التي تضمن إنهاء العدوان والحصار على غزة.