"إعلام الزيارات الرئاسية" يعود للواجهة: "فلان ساهم في إنجاح زيارة الرئيس" ؟! ... ضياع المهنة

جمعة, 30/12/2022 - 13:47

عرفت موريتانيا منذ أواخر التسعينيات ظاهرة غريبة جسدت تمييع الحكومة للإعلام عبر إغراق الحقل الصحفي بعشرات التراخيص لغير الملمين بالمهنة الصحفية، فشهدت الساحة ظهور عناوين بارزة، على الصفحات الأولى، للمديح والإطراء و للذم والهجاء (وهي ليست من الأجناس الصحفية) وتلميع وترميز شخصيات سياسية تطمح للولوج إلى المناصب السياسية فكانت تنفق بسخاء على "صحافة التلميع" لتحظى بلفتة كريمة من القصر الرئاسي.
وتطور الأمر لنقرأ باستمرار عناوين بارزة من قبيل : "فلان ساهم بفاعلية في إنجاح زيارة الرئيس" وفلان كان متميزا في التعبئة لإنجاح زيارة رئيس الجمهورية"
ثم عمدت بعض الصحف الورقية والإلكترونية إلى لي عنق المهنة عبر تطويع أجناس صحفية معهودة لخدمة "الأغراض" الصحفية الجديدة كتخصيص "صورة قلمية" للثناء على من يدفع أكثر من الراغبين في الترميز والتلميع السياسي.
واليوم، يتم رسميا اعتماد صحافة النظام (المستقلة) التي تستفيد من كل الموارد المخصصة أصلا للإعلام المهني مقابل دعمها لكل قرارات الحكم وذلك على حساب مصداقيتها، بل وشكلت "تجمعا صحفيا" يضم مجموعة متخصصة "إعلام الأبواق المهنية" لخدمة هذه الأهداف.
وفي ذات السياق عمد نظام الرئيس السابق ورموز حكمه والنظام الحالي ورموز حكمه إلى ترويج ودعم ظاهرة "صحافة الأبواق" التي يقوم المكلفون بها بتمجيد الحاكم ورموز النظام من سياسيين ورجال أعمال مقابل "إكراميات" غير مسبوقة، حيث ترافق "صحافة الأبواق المحمولة" رؤساء البلاد في زياراتهم الرسمية للثناء والمديح لمن يدفع أكثر وللهجاء والذم لمن "يبخل" عليها بموارد البلد. وهو ما يتواصل بصورة فجة في عهد "التمهين والمأسسة" !!
وبين "صحافة الأبواق المحمولة" و"الأبواق المكتوبة والمسموعة" تضيع مهنة صاحبة الجلالة كسلطة رقابية ويضيع معها الإعلام المهني الذي طغت عليه إرادة التمييع و"الزيدنة".
ترى هل نتوقع في مثل هذه الأجواء سوى مزيد من تراجع موريتانيا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة والانحطاط الأخلاقي المتزايد؟

التواصل