الناطقون بالفرنسية من المتعلمين في بلادنا لا يتجاوزون 28 %

أحد, 31/07/2022 - 18:34

تعتمد معظم دول العالم لغات الأغلبية كلغات رسمية ولا تكاد توجد لغتان رسميتان في بلد واحد حتى ولو كان الناطقون بهما يتساويان في الكم البشري بنفس البلد إذا استثنينا الهند التي تشكل الأغلبية الهندية فيها حدود 25%.
في مالي المجاورة توجد 13 لغة محلية بينها لغات أقليات عربية وطارقية وسوننكية وغيرها، ولكن اللغة الأولى فيها هي لهجة البمبارا، الذين يشكلون أغلبية سكان مالي، كذلك الوولفية في السنغال، رغم وجود البولار والسرير والسوننكي وغيرهم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يتم التحدث بما يقرب من 430 لغة من قبل السكان، منها 176 لغة أصلية في المنطقة حيث .توجد قوميات عديدة آسيوية وإفريقية وأوروبية ومحلية (الهنود الحمر) لكن اللغة التي يتحدث بها 78% من سكان البلاد هي الإنجليزية الأمريكية التي تعتبر لغة رسمية بحكم الواقع وهي في الأصل لغة "الأغلبية" ذات الأصول البريطانية.
وفي فرنسا، المستعمر "السابق" لبلادنا توجد عدة لغات منطوقة كاللغة الانغدوسية في أوسيتاني، ولغة اللورين في لورين واللغة الكورسية في كورسيكا، واللغة الغاسكونية، في أكيتين، والألزاسية في ألزاس، والشامبانية في شامبان… إلخ، لكن اللغة الرسمية هي الفرنسية فقط ولا أحد يطالب بترسيم بقية اللغات المنطوقة لأن اللغة الرسمية لكل بلد يجب أن تكون واحدة فقط مع ضرورة فتح المجال لتدريس اللغات واللهجات الأخرى اختياريا من باب الانفتاح الداخلي بين المكونات الوطنية.
لذلك علينا، ونحن الأمة المسلمة، أن ندرس ونتعلم اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، ونحتفظ بها كلغة رسمية لبلادنا، مع ضرورة تطوير وترقية لهجاتنا الوطنية وفتح معاهد خاصة بتدريسها ومنح تحفيزات معنوية ومادية وحتى ترقيات وتعيينات لمن يتكلمون أكثر من لغتين وطنيتين بغية المحافظة على تنوعنا وثرائنا الثقافي  الرائع.
أما المطالبة بترسيم اللهجات الوطنية إلى جانب لغة البلاد الرسمية فهو تسييس لملف يجب أن نتجاوزه بهدوء لأن الفرنسية لم تكن معروفة في بلدنا قبل 60 سنة من الآن، حيث كانت لغة التعليم والمعاملات هي لغة القرآن الكريم فقط.
قبل حوالي تسع سنوات أجرى مدير تونسي لشركة ماتل للاتصالات استبيانا لمعرفة حجم الملمين باللغتين العربية والفرنسية، وقال لي إن الشركة قامت بإرسال مائة جائزة لمائة زبون عشوائي مكتوبة باللغة الفرنسية، وذلك على ثلاث مرات، حيث اكتشفوا في كل مرة أن الذين يفهمون نص الرسالة القصيرة التي تصلهم على هواتفهم لم يتجاوزوا 28% وفق ما قال لي هو نفسه، وهي نسبة تمثل حقيقة نسبة الناطقين بالفرنسية في بلادنا من المتعلمين فقط وليس من عامة الشعب الموريتاني.
أما قول وزير التعليم بأن "الفرنسية تمثل جزء مهما من ثقافة بلدنا" ففي ذلك تجاوز كبير، لأنها تمثل جزء مهما فعلا من ثقافة الناطقين بها فقط وليس كل الشعب الموريتاني العربي الإفريقي المسلم.
أحمد.م.ا
من زاوية "جسر التواصل" العدد 714 من صحيفة التواصل بتاريخ 1- 08 -2022