الگرگرات و كشف المستور 

أربعاء, 28/10/2020 - 12:22

عبدو سيدي محمد - خاص "التواصل"

 كانت ورقة اتفاقية وقف إطلاق النار سياسية بامتياز فالبوليساريو تبحث عن شرعية قانونية تحت مظلة الامم المتحدة خوفا من اي اتهامات مغربية غربية بالإرهاب في فترة شهدت تصنيف العديد من حركات التحرر بالمنظمات الإرهابية
أيضا المغرب يبحث بشتى السبل و الوسائل لوقف حرب الاستنزاف التي استنزفت الإقتصاد المغربي و خزائن أصدقائه
إذن سياسيا لا غالب و لا مغلوب، لكن تحولت الحرب العسكرية إلى جبهات متشبعة حسب ظروف و استيراتيجيات و تحاليل اطراف الصراع
أخذت البوليساريو وعود البعثة (المينورسو) على محمل الجد و تمت عمليات تحضير نفسية و إعلامية و جماهيرية و تنظيمية (صناديق العودة) بينما لعب المغرب على ورقة الحليف الغربي الفرنسي في تمديد الآجال و المماطلة و المراوغة لكسب الوقت 
كانت سياسة الرباط هي التركيز على الجانب الإجتماعي و الإقتصادي فضخت مليارات الدولارات في الأقاليم الصحراوية كمشاريع استثمارية و إعانات كما قامت بعمليات استيطان غير مسبوقة مستغلة حالة (اللا حرب و اللا سلم) اعتمادا على قاعدة الارض لمن أحياها 
البوليساريو، الحركة التحررية، وجدت نفسها بعد مسار الحرب أمام واقع يفرض تغييرات و إكراهات، و المشاكل الإجتماعية و الإقتصادية و حنى السياسية التي كانت تخفيها فترة الحرب و نظرا لزمن الانتظار الممل ظهرت للعلن، فالحركة التي استثمرت و أنفقت كل ثقلها في الحرب و كسب الرهان هي الآن أمام جيوش من خريجي الجامعات و المعاهد و عدد لا يستهان به من العاطلين عن العمل فكانت النتيجة كما توقع الرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز قبيل سريان وقف إطلاق النار في ندوة الجامعيين في ولاية السمارة حيث تطرق إلى سيل من الصعاب و التداعيات منها الهجرة و البطالة و انعدام الاستثمارات في حالة ما انحرفت المينورسو عن مسارها و تعرقل مشروع السلام الأممي 
فعلا البوليساريو رغم سيطرتها على أجزاء من المناطق المحررة لم تستثمر في البنى التحتية او إحياء الأرض نظرا لغياب اي تمويل ضخم على سبيل المثال (جامعة أتفاريتي)  او المقرات الإدارية و لظروف مادية بحتة فأصدقاء الصحراويين كرماء جدا في الجانب الإنساني الإغاثي الدعائي لكنهم بخلاء في الجانب الاستثماري رغم وجود أستكشافات في المناطق الصحراوية الخاضعة لحكم  البوليساريو
إذن معبر الكركرات ليس هو بيت القصيد و لكنه الشجرة التي تخفي الغابة. لماذا غضت  البوليساريو النظر عن وجود ثغرة حيوية غير قانونية طوال تلك الفترة السابقة ؟ و لماذا يتجرأ المغرب على فتح معبر حدودي على بعد مرمى حجر من  البعثة الأممية (المينورسو) دون ضمانات و إشارات مرور من دول كبرى ؟ 
موريتانيا ليست هي الحلقة الأضعف كما يحاول مدونو (الطماطم) تسويق الفكرة إعلاميا، فموريتانيا لديها معابر برية و بحرية لاستيراد و استجلاب ما تحتاجه من المواد الغذائية لسد النقص الذي قد يحصل في تمويل السوق المحلي بالخضروات و الفواكه كما أن لديها مشاريع زراعية واعدة قد تساهم بشكل كبير في توفير أحتياجات السوق (شمامة و زراعة الواحات) إذا ما توفرت الإرادة السياسية و التنفيذية 
الصراع بين البوليساريو و المغرب تقف موريتانيا على مسافة واحدة و تعترف بكيان الدولة الصحراوية كعضو في الاتحاد و جار يمتاز بروابط تاريخية و جغرافية و إجتماعية متينة و متجانسة كما تقدر حسن الجوار و العلاقات الحسنة مع المغرب الذي يمتاز بعلاقات مميزة مع الجارة اللدود السنغال 
نواكشوط لديها القدرة التكتيكية و الحنكة الدبلوماسية لتجاوز عقد الجيران في الصراع و محاولة جرها نحو موقف غير حيادي و بالتالي إدخالها إلى حلبة الصراع مرة أخرى لكن الحكمة الموريتانية و مصالح البلاد و مواقفه السيادية جعلت موريتانيا جزءا من الحل و ليست بعضا من الصراع.
شخصيا قمت بزيارة ميدانية إلى المنطقة العازلة الكرگرات و سجلت ملاحظات حينها على صفحتي في الفيس بوك

هي منطقة خاضعة نظريا لسيطرة البعثة الاممية و جغرافيا تابعة لسيطرة البوليساريو و واقعيا تحت سيطرة عصابات التهريب و مافيا المخدرات (قندهار)  لا اعتقد بجدية و إمكانية العودة إلى الحرب و هذا ليس تشكيكا في القدرات العسكرية  لأي طرف لكن الوضع العام و الظروف المصاحبة لا تسمح بذلك و قد سبق لي التطرق إلى هذا الموضوع في مرات سابقة 
لكن أكاد أجزم أن هناك تغييرا ما قد يحصل و ينتج عن موقف أما يرفع معاناة الصحراويين و يفرض على الهيئة الأممية أستخدام النفوذ النافذ للبند السابع أو يثبت تورط المينورسو و خضوعها لضغوط الكبار لإطالة أمد الصراع و تكون مهمة البعثة الأممية للسلام هو الاستفتاء مع وقف التنفيذ 
طبعا أحداث معبر الكرگرات ليست الحدث الجديد لكن ما هو جديد حسب متابعتي يتمثل في مسألتين الأولى تصريح الرئيس الصحراوي لقناة جزائرية و هو تصريح يحمل نبرة حادة وجادة و هو الاول من نوعه بالنسبة لدبلوماسي محنك و زعيم سياسي ثوري  يعرف جيدا معاني و مدلول التصريحات الإعلامية
المسألة الثانية تصريح متزامن لوزير الخارجية الصحراوي حول إمكانية إبرام إتفاقيات دفاع مشتركة و هنا مربط الفرس

هل تنوي البوليساريو إدخال أصدقاء و حلفاء لساحة المعركة ؟

من البديهي ان المقصود هنا الحليف و أصدقاءه من الأفارقة و أميريكا اللاتينية و ربما الروس و تركيا  لعلاقاتهما المميزة مع الجزائر 
خلاصة القول أن معبر الكرگرات قنبلة موقوتة و موقف أسقط ورقة التوت عن تخاذل بعثة الأمم المتحدة التي اكتفت طوال المدة الماضية بالتوثيق او الطلعات الجوية السياحية لما يحدث هناك دون حلول على أرض الواقع فهل نحن أمام ثورة مدنية تحرج المينورسو و المجتمع الدولي ؟ ام امام اگديم إزيك جديد ؟ 
كل الأحتمالات مطروحة بما فيها معبر بري او بحري نحو موريتانيا فالهدف هو النفوذ إلى افريقيا و هذا لا يتأتى إلا عبر المرور بموريتانيا فهل وصلت الرسالة إلى مدوني (الطماطم) الذين حاولوا تشويش و تعقيد الصورة بين الجيران و الصمت الإعلامي المغربي حيال ما يحدث ربما راجع إلى الوضع الفرنسي المتقهقر و المتضعضع بعد تصريحات الرئيس الفرنسي و موقفه العدائي من الإسلام و المسلمين الذي نتجت عنه حملة مقاطعة دولية للمنتوجات الفرنسية و ضربت في العمق كبريات الشركات الفرنسية بما فيها الخطوط الفرنسية و لا تزال الحملة مستمرة رغم بيان الخارجية الفرنسية بموقف المقاطعة