رئيسة منظمة "نور القمر" تتحدث لـ "التواصل" عن المخدرات و التعليم وكورونا والفقر ولا مبالاة الحكومة وأشياء أخرى ...  (نص المقابلة)

ثلاثاء, 09/06/2020 - 14:04

النهى بنت محمد صالح رئيسة منظمة "نور القمر" غير الحكومية، إحدى أبرز السيدات الناشطات في العمل الخيري، وفي مختلف اهتمامات الوطن والمواطن، قالت عنها السيدة فنفونة بنت بوبه جدو: إنها "امرأة بألف رجل، كانت مغتربة لمدة لا يستهان بها من الزمن، وعندما قررت الرجوع لبلدها موريتانيا وجدت نفسها تغار مما باتت عليه الدول مقارنة ببلدها، فقررت أن لا ترحم نفسها حتى تحقق ما تصبو إليه أو على الأقل أن لا تبخل بجهدها كله كأقل واجب ...."

"التواصل حاورت السيدة النهى بنت محمد صالح حول جهود منظمتها "نور القمر" وحول الفقر والتنمية والمخدرات والتعليم في بلادنا ومواضيع مختلفة، فكان الحوار التالي:

أجرى الحوار: أحمد ولد مولاي امحمد

التواصل: النهى بنت محمد صالح عاشت في المهجر وعادت للوطن تحمل آمالا كبيرة في التغيير ؟ هل من تعريف موجز بشخصكم الكريم وكم أمضيت في المهجر ومتى رجعت إلى الوطن و ما هي اهم طموحاتك نحو الوطن؟

النهى محمد صالح: أرغب في البداية أن أشكركم على إتاحة الفرصة وعلى اهتمامكم بحقل المجتمع المدني الذي يكاد يكون منسياً للأسف ..

الحقيقة أنني أمضيت الكثير من عمري في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث وصلتها بداية التسعينات وهناك أتيحت لي الفرصة لأكمل جزء من دراستي كما تمكنت من الالتحاق بعدد من الدورات التعريفية والتثقيفية حول ماهية المجتمع المدني بصفته لبنة من لبنات المجتمعات الحديثة وهو المجال الذي وجدت نفسي فيه، والذي مكنني بعد ذلك من العمل في جمعية المرأة الظبيانية في إمارة أبوظبي، قبل أن أعود أخيراً في سنة 2016 إلى موريتانيا حيث حاولت أن أنقل بعض ما اكتسبته من خبرات في ما يتعلق بتسيير منظمات المجتمع المدني، حيث قررت أنني يجب أن أجد الوسيلة الأقرب لنفسي والتي يمكن أن أوظفها لخدمة وطني، فأنا على يقين بأننا وطن وشعب يستحق الأفضل لأننا نمتلك التاريخ والهوية التي تشفع لنا في طلب مستقبل زاهر.

التواصل: نور القمر اسم منظمة غير حكومية تترأسينها ، متى حصلت على الترخيص، و ما هي ابرز اهتماماتها؟

النهى محمد صالح: حصلت منظمة نور القمر للتعبئة الاجتماعية على الترخيص سنة 2018 وهي منظمة تهتم بالتوعية بخطورة المخدرات وآثارها المدمرة على المجتمع كما تهتم بالتوعية حول أهمية النظافة وترسيخها كعادة ونمط حياة إضافة إلى أدوار أخرى تستلزم التعبئة الاجتماعية.

التواصل: هل تحظون بالتعاون والدعم الضروري من السلطات العمومية لإنجاز أهدافكم النبيلة؟ أم أن هناك تقصير من طرفها تجاهكم؟

النهى محمد صالح: الحقيقة أن هذا السؤال يثير الشجون في النفس وهو ما دفعني لكتابة مقال تحت عنوان "تغريبة المجتمع المدني" حيث أنني أجد، وبكل أمانة، بأن تعاطي الجهات الرسمية يطبعه نوع من البيروقراطية والتماهي مع اللامبالاة ويكاد يكون مقصورا على حقيقة أنهم يرغبون في نمط من التعاون الشكلي والذي لن يفضي لأي نتيجة !، وقد تستغرب لو أخبرتك بأنه حتى هذا التعاون الوهمي هو موسمي ويراد منه التوظيف الإعلامي فقط .

التواصل: تهتمين بالعمل الخيري، كيف تحددين احتياجات فقراء موريتانيا وما الذي يجب أن تركز عليه الحكومة كأولوية للرفع من المستوى المعيشي للمواطنين؟

النهى محمد صالح: أعتقد بأننا في موريتانيا للأسف نعاني من أشكال معقدة ومركبة من الفقر والأمية فنسب الفقر حسب جميع التقارير الدولية والمحلية تقدم أرقاما مرعبة وصادمة، كما أن انتشار البطالة والبطالة المقنعة يزيد من هذه النسب ويعد بالأسوأ للأسف !،

ولن أجانب الحقيقة لو قلت إن احتياجات فقراء موريتانيا ربما لا تحصى ولا تعد وعلى الدولة أن تدرك أنها يجب أن تنتهج سياسات فريدة ونوعية حتى تتمكن من إلحاق مواطنيها بركب هذا العصر.

يجب انتهاج برامج لترقية المنظومة التعليمية وتمويل المشاريع الصغيرة المدرة للدخل وابتداع سياسات اقتصادية وتنموية غير تقليدية ويجب العمل على كل ذلك بسرعة وفعالية.

التواصل: تهتمون في منظمة "نور القمر" بمحاربة المخدرات في أوساط الشباب والوسط المدرسي، ما هي الصعوبات التي تواجهونها في هذه المهام ؟ وإلى أي حد تنتشر المخدرات بين الشباب والطلاب والتلاميذ؟

النهى محمد صالح: الصعوبات التي نواجهها بعضها يتعلق بالدولة والحصول على التراخيص المطلوبة، وهو الأمر المعقد والمعزز ببيروقراطية غير مبررة، كما أن تفعيل برامج الشراكة المعززة بالتمويل المطلوب للأنشطة المستدامة هو الآخر يشكل تحدياً بحد ذاته لأسباب كثيرة يطول شرحها .

أما عن خارطة انتشار المخدرات بين الشباب والطلاب والتلاميذ فالأمر حسب اعتقادي صار مرعبا ويدق ناقوس الخطر، فموريتانيا في مرحلة ما كانت تعتبر مجرد محطة عبور، إلا أنها - للأسف - تحولت مؤخرا إلى سوق لأشكال عديدة من قبيل الحشيش وحبوب الهلوسة والكوكايين بنسبة أقل، ولعل المراقب الجيد يمكن أن يربط بسهولة بين انتشار هذه الأنواع من المخدرات وما صاحبه من انتشار للجريمة وارتفاع معدلاتها. .

التواصل: ماذا تقترحين على الجهات المختصة لمحاربة انتشار الاغتصاب والسرقة والسطو والجريمة إجمالا ؟

النهى محمد صالح: لا يمكن أن أقترح سوى أن المنظومة الأمنية يجب أن تكون فاعلة بشكل أكبر وبالتالي عليها أن تستبق الأحداث عبر تقصي الأسباب. ومن أهم تلك الأسباب انتشار المخدرات كما أن الحاجة إلى مراكز إعادة التأهيل على الصعيدين النفسي والطبي صار ضرورة ملحة حيث أن السجون ومدونة العقوبات أثبتت للأسف أنها في أحيان كثيرة مجرد إعادة تدوير لمرتكبي كل هذه الجرائم في حال لم تصاحب هذه المنظومة برامج إعادة تأهيل مناسبة.

التواصل: لديكم اهتمام بترقية التعليم، ما هي النواقص التي ترون انه من الضروري معالجتها ؟

النهى محمد صالح: أعتقد أن سياسة المنظومة التعليمية يجب أن يعاد النظر فيها بشكل جذري، بل وإعادة تأسيسها من خلال التركيز على إعادة الاعتبار للمدرسة الجمهورية والتي من مهامها توحيد الهوية الوطنية لدى النشء وإعداد جيل منسجم ثقافيا، فنحن للأسف أمام حالة من الانفصام في الهوية الثقافية ونملك جيلا تائها بين التعليم العربي والتعليم الفرنسي وبالتالي أمام حالة فريدة من غربة المتعلم، ناهيك عن أن البنية التحتية للمدارس وطريقة إخراج الكتاب المدرسي من حيث المحتوى أمور هي الأخرى تبدو عائقا أمام المنظومة التعليمية ككل !.

التواصل: هل تعتقدين أن السلطات تبلي بلاء حسنا في مواجهة انتشار فيروس كورونا، أم أن هناك نواقص وما هي؟

النهى محمد صالح: اعتقد بأن العالم كله فوجئ بهذا الوباء الذي جاء وأنهك أكثر المنظومات الصحية كفاءة وقدرة في العالم، فما بالك بمنظومتنا نحن الصحية !؛ التي مازالت في حاجة إلى الكثير من العمل،

ولا أعتقد أننا نملك في هذه اللحظات الصعبة سوى أن نشكر جيشنا الأبيض من أطباء وممرضين وعمال صحة على جهودهم الجبارة، وربما لو كانت هناك نواقص فهي حقيقة تتمثل في مقاربة الحكومة، والتي استعجلت في إعلان خلو البلاد من هذا الوباء، بينما كان يجب أن تكون مدركة بأنها لم تجري من الفحوصات ما يكفي حتى تتأكد من مقاربتها هذه!،

في الختام ربما لم تتضح الصورة بعد، ومن المبكر الحكم على مدى نجاح الحكومة من فشلها فيما يتعلق بخطة مواجهة هذا الوباء.

التواصل: ما هي الرسالة، أو الرسائل التي تودين إيصالها للسلطات المعنية عبر صحيفة التواصل؟

النهى محمد صالح: أرغب في أن تعيد السلطات المعنية النظر في طريقة تعاطيها مع منظمات المجتمع المدني والتي من المفروض أنها شريك أصيل فيما يتعلق ببناء الدول المدنية الحديثة، فليس من المقبول أن تبقى هذه الشراكة مجرد وهم وعلامات ترقيم يمكن الاستغناء عنها !،

نحن في حاجة لشراكة حقيقية يمكن أن توظف في سبيل رفعة وطننا وشعبنا .

التواصل: منظمتكم نور القمر معروفة بعملها الخيري في دعم الفقراء والمرضى والمحتاجين وتدخلت مؤخرا في أزمة نفاد الأدوية المزمنة فوفرتها للكثير من المرضى المحتاجين، كما كان لها دور مهم في توزيع الأغذية وسقاية الفقراء ونحو ذلك، فما هي مصادر تمويلكم؟ وهل تتلقون دعما ماليا من الحكومة ورجال الأعمال والمنظمات الدولية المتخصصة ؟

النهى محمد صالح: الحقيقة أن مصادر تمويلنا مازلت ذاتية وتحديداً من منتسبي المنظمة والمؤمنين برسالتها وبجدية عملها من خلال مراقبتهم لأنشطتها، وليس للمنظمة تمويل من أي جهات حكومية .

وفي الختام كل الود والشكر لكم

التواصل: شكرا جزيلا.