غابت ولاية الترارزة عن المؤامرة لو كنا منصفين

اثنين, 24/12/2018 - 01:56

سيدي محمد بن جعفر

ليس من جبلتي استراق السمع أو مخالسة النظر لهمسات الفئام المدرة لما ينفع المحتاج ، فمن باب أولى أن لا استمع لصداح  رِعاء شاءٍ بمعزوفات مديح سفيه مسلطٍ باحثٍ عن حتفه بظلفه ، سالك بخطى حثيثة دروب هلاك سابقيه من المستبدين شبراً بشبر حتى إذا هلك قالوا كنا لأمره كارهين وعن غيره باحثين .

في قصر "المؤامرات" ما حدث ليس بدعاً، ولا مفاجأً ، إنه سلوك معهود ، ألفه  أهل هذا البلد ، فقد اعتادوا أن ينبري ماسح شسع أحذية ، أو زنيم تداعاه الأقوام ، فيجمع الدهماء ، ويزبد ويرعد بأقبح ما يٌهجى به من لم يوقد ناراً بزمهرير، ولم ينصب خيمة بطريق، ثم ينسب سيء القول وأقبح فعل لأماجد جهة لم يسمعوا عنه أصلاً ولم يعرفوا عن أكابره حضور نادٍ، ولم تثر جيادهم نقعاً يوم كريهة ، ولم يرد جفانهم ذو مسغبة ، ولم تنبح كلابهم عابر بيداء راجلا أشعث قط.

شنفت الآذان بالقول إن أطر "الترارزة" بطروا، وردد الشامتون أنهم مردو على النفاق، كلا فلم يشهد بنو هدي ، وغاب آل التونسي ، وآل سيديا، ولم  يحضر اكابر شُمٌس وآل متالي ، ولم تُضرب قبة سعدٍ التي يرفع فيها اسم الله بساحتهم ، ولم تسمع ترانيم المفردون بالذكر ؟ غابت ولاية الترارزة عن المؤامرة لو كنا منصفين أو متثبتين فلو لو كان يوم رفعة أو منفعة للأمة ما تخلف هؤلاء وأترابهم مما لا يتسع المقام لذكرهم فقد اكتفينا برؤوس اقلام قارعين بعصى طويلة الأولى الأفهام في زمن الأقزام أن الترارزة لم تحضر ولم تستأذن ولم تمثل.

قد يقتنع "العزيز" بنص المسرحية المهلل، والإخراج الرديئ ، كما اقتنع الرمسيس قبله بأن الدهماء التي قِيدت بدون أعنة، إلى حيث يريد المتملقون ستشكل تُرسا واقيا له عند ما يوزع أحرار هذا البلد الدروس والعبر داخل غرف نومه، وعند ما تميط له أم قشعم اللثام على وجه مكفهر ، وتنتج له غلمان شؤمٍ كحمر عادٍ ، وتقلب له الجماهير المنتصرة لشرفها ظهر المجن، وتظلم أيامه البيض التي سودت وجوهنا ،عند ما ينجلى عنه غبار ذلك اليوم الذي يظنه بعيداً ونراه قريباً سيخيل إليه يومئذ أن الجون من شدة الهول أصبح أشقرى.

لن يرعوي "العزيز" فكل مستبدٍ سيماه الغرور ، حتى إذا أورده المتملقون الصعب المهلك تزاوروا عنه مرددين مقولة هاديهم (الشيطان) ما كان لنا عليك من سلطان إلا أن دعوناك فاستجبت فلا لوم نافع، ولا حامية من غضب الأحرار المكلومين تقيك ، أنت وحدك في الوغى ، فقد سبق السيف العذل والأيام دول وكما تدين تدان ، وإنا لفقدك "ياعزيز" غير محزونين ، ولغيرك داعمين ، وعلى هديه سائرين وبفكره النير مقتدين.

نقول لهم واصلوا يا خفافيش لقد اغثيتم نفوسنا أغثى الله نفوسكم القذرة لا هوادة بعد اليوم فالسوط في اليد وجلودكم لمثلها خلقت وسنفرغ لكم أيها الثقلاء.