رئيس المنظمة الموريتانية لمحاربة التدخين لــ "الشعب": نجاح تطبيق مشروع القانون الجديد كفيل بالحد من ظاهرة التدخين والاتجار بالتبغ ومشتقاته

خميس, 04/10/2018 - 01:34

صادقت الجمعية الوطنية خلال جلسة علنية عقدتها يوم الاثنين 14/05/2018 على مشروع قانون يتعلق بإنتاج التبغ ومشتقاته وإيرادها وتوزيعها وتسويقها وإشهارها وترقيتها واستهلاكها.

ويهدف مشروع القانون إلى حظر إشهار التبغ، وإلزامية أن يحتوي التعليب والوسم الخارجي لمنتجاتها تحذيرات صحية، وتحسيس السكان، وخصوصا الشباب، حول أضرارها، وحماية السكان من التعرض لدخانها بحظر التدخين في الأماكن العمومية، وتعزيز مكافحة المتاجرة غير المشروعة بالتبغ ومنتجاته ورفع الضرائب عليهما.

وقال وزير الصحة البروفيسور كان بوبكر امام النواب، خلال جلسة المصادقة على مشروع القانون الجديد،  إن انتشار التدخين وطنيا بسرعة وسهولة، استدعى قيام الحكومة بالتفكير الجدي في سن قانون لمكافحته والتضييق على متاجرته، الشيء الذي تطلب إعداد مشروع القانون الحالي، وتقديمه للمصادقة عليه.

و أكد وزير الصحة على أهمية العمل الجاد على القضاء على هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن تحريم هذه المادة بشكل كلي غير موضوعي حاليا، ولكن يمكن - عوضا عن ذلك- تنظيم وتقنين استخدامها وتداولها والتركيز على التعبئة والتحسيس المكثف بخطورتها وترك الحرية للمواطن في اتخاذ القرار المناسب له عن وعي.

مشروع القانون الجديد لقي ترحيبا واسعا من طرف المنظمات المتخصصة في محاربة التدخين والتي عملت على الحد من هذه الظاهرة في بلدنا بكل السبل.

وفي هذا الإطار إلتقت يومية "الشعب" برئيس المنظمة الموريتانية لمحاربة التدخين والتلوث البيئي، السيد أحمد عالم ولد محمد يحي، الذي تعد منظمته من أوائل المنظمات غير الحكومية المرخصة في مجال محاربة التدخين في بلادنا حيث كانت لها إسهاماتها منذ أواخر التسعينيات في محاربة التدخين. وسلط رئيس المنظمة الضوء على مشروع القانون الجديد وأهمية تطبيقه عمليا.

وهذا نص الحوار:

الشعب: بودنا لو قدمتم ورقة تعريفية موجزة عن منظمتكم، نشأتها وأهدافها؟

الرئيس أحمد عالم: في البدء أشكركم على الاهتمام بهذا الموضوع الذي هو في غاية الأهمية، وهو محاربة التدخين والذي تم مؤخرا اعتماد مشروع قانون جديد للحد منه ومحاصرته من طرف السلطات التشريعية والتنفيذية.

لقد تأسست المنظمة الموريتانية لمحاربة التدخين والتلوث البيئي يوم 4 إبريل 1997 وتم الاعتراف بها رسميا يوم 26 - 4 - 1999 حيث باشرت التخطيط لتنفيذ برنامج عملها يومين بعد ترخيصها، وهو برنامج عمل يصب في مصلحة المواطنين المدخنين وصحتهم وفي مصلحة المجتمع والبلد عموما، ونعتقد أن منظمتنا هي أول منظمة وطنية غير حكومية لمحاربة التدخين يتم الاعتراف بها رسميا في بلادنا.

الشعب: ما هي أبرز إنجازات منظمتكم في مجال اختصاصها حتى الآن؟

الرئيس أحمد عالم: بدأت المنظمة الوطنية لمحاربة التدخين والتلوث البيئي عملها منذ انطلاقتها عقب ترخيصها مباشرة حيث نفذت  سلسلة حملات إعلامية على شكل بيانات وتحسيس وعمل ميداني في القطاعات العمومية والمدارس والكليات والمعاهد والمستشفيات والمراكز الصحية، وخاصة على مستوى مباني وزارة الصحة التي كان المدخنون آنذاك يستبيحون مكاتبها وأروقتها ويلوثونها بشكل غير عادي بما في ذلك طاقم الوزارة والأطباء والمواطنون وغيرهم، وقد ركزنا جهودنا على الوزارة للقضاء على تفشي هذه الظاهرة داخلها. وبفضل الله ثم بجهودنا التي لم تكلّ استطعنا أن نقضي على هذه الظاهرة في مباني وزارة الصحة ويمكننا القول إننا نجحنا تماما في هذه المهمة. وقد بدأنا باستهداف وزارة الصحة لأنها القدوة المفترضة للجميع في مجال المحافظة على الصحة والوقاية من الأمراض.

كما قمنا في هذا السياق التحسيسي بالعديد من الجولات وبفتح مراكز في البلديات بما في ذلك البلديات الريفية وعواصم الولايات والمقاطعات من بين أمور أخرى.

وتحصل منظمتنا بشكل شبه دائم على مساعدات مختلفة وخاصة في مجال الصحة تقوم على الفور بتوجيهها للفقراء وعلى وجه الخصوص على مستوى مقاطعات تيارت وتوجنين وعرفات.

كما حظيت منظمتنا بإشادة دائمة من مختلف الفاعلين العموميين والخصوصيين وهي إشادة تترجم حجم ما تقوم به من نشاطات فاعلة ومؤثرة في هذا المجال. وقد حظينا بشاهدات تقدير وطنية ودولية على الجهود التي نبذلها في سبيل محاربة التدخين والتلوث البيئي

ووفق الإحصائيات التي لدينا، يمكننا القول إننا أقنعنا بالفعل أكثر من 6718 شخصا بالإقلاع عن التدخين وذلك باستخدام وسائل تحسيس وتعبئة متنوعة ونواصل بذات الآلية، ولحسن الحظ نلقى الدعم من المقلعين عن التدخين الذين أصبحوا يؤدون أدوارا مهمة في عملية التحسيس ضد هذه الظاهرة السيئة.

ومن أبرز إسهاماتنا في مجال محاربة التدخين والتقنين لها رسميا، اتصالنا بوزير الصحة خلال المرحلة الانتقالية الأولى حيث طلبنا منه رسميا إنشاء برنامج وطني لمحاربة التدخين، وفي المقابل طلب منا معالي الوزير وضع تصور شامل للموضوع، وقمنا بالفعل بتقديم مقترحنا كاملا وشاملا، وقد صادق الوزير على مقترحنا لكن تطورات حصلت في أعاقت تقدمه فتوقف المشروع مؤقتا ليرى النور لاحقا في العام 2011 وهو موجود وفاعل حتى الآن. وفي هذا الصدد نشكر السلطات العليا في بلدنا على سرعة التجاوب مع هذا المشروع والذي ينم عن إرادة سامية جادة لمحاربة آفة التدخين في بلادنا.

الشعب هل أسهمتم في صياغة أو دعم مشروع القانون الجديد المتعلق بالتضييق على تجارة وترويج التبغ والتدخين في الأماكن العامة الذي رأى النور مؤخرا؟

الرئيس أحمد عالم: فيما يتعلق بمشروع القانون الجديد كنا حاضرين بقوة في التعبئة والتحسيس من أجل أن يرى النور حيث اتصلنا بمختلف الجهات المعنية بما في ذلك القطاعات المعنية مباشرة، وحركنا الملف على مستوى البرنامج الوطني لمحاربة التدخين ووزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وإدارة التشريع وغرفة البرلمان حيث نعتقد أن دورنا كان إيجابيا في التعجيل بإقرار مشروع القانون المذكور رغم كل التحديات ورغم العراقيل التي وضعها أنصار تجارة التبغ في مختلف مراحل إعداد وتمرير هذا القانون.

وفي هذا الصدد بالذات كان لنا دور كبير في تحريك هذا الملف على مستوى إدارة التشريع، حيث أمضى بضعة أشهر في اروقة البرلمان دون علم إدارة التشريع فاضطررنا لتتبع مراحله انطلاقا من برنامج محاربة التدخين مرورا بوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني إلى أن وصل إلى البرلمان، وقد ساعدنا الإدارة في تحريك الملف ليرى النور رغم كل العراقيل التي ذكرنا سابقا.

وقد كانت لنا محاولات سابقة خلال السنوات الماضية بغية المصادقة على مشروع قانون كهذا لكنها فشلت في مراحل متقدمة بسبب أعداء محاربة التدخين وأنصار تجارة التبغ

وخلال زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لولاية الحوض الشرقي وتحديدا لــ "اقليك أهل بيّه" عام 2015 قمنا بتسليمه رسالة تتضمن، من بين أمور أخرى، مطالبتنا بصياغة واستحداث قانون وطني لمحاربة التدخين

ولنا جهود عديدة في هذا المجال بعضها مع قطاعات عمومية مختصة وبعضها مع شركاء وطنيين ودوليين.

ولكننا في المقابل واجهنا العديد من العراقيل التي كان من أكثرها تحديا عدم اهتمام بعض القطاعات المعنية في مراحل سابقة بمحاربة التدخين حيث لم يكن الوعي بخطورته على المستوى الذي هو عليه اليوم، وبالتالي اصطدمت جهودنا في تلك المراحل بتجاهل وجهل مسؤولي تلك القطاعات الذين نعتقد أن بعضهم لم يكن خصما للتدخين وتجارة التبغ في بلادنا، غير أن الوعي اليوم أفضل بكثير وهو ما مكّن من خروج هذا القانون الجديد إلى النور رغم ما واجهه من عراقيل وتحديات.

الشعب: من هم أبرز شركاء منظمتكم في مجال محاربة التدخين على المستويين الوطني والخارجي؟

الرئيس أحمد عالم: لدينا العديد من الشركاء في هذا المجال وفي مقدمتهم بالطبع منظمة الصحة العالمية، كما نعتبر كل مهتم بموضوع محاربة التدخين هو شريك لنا، إلى جانب ذلك نسعى لإقناع غير المهتمين من اجل الاهتمام بهذا الموضوع والإسهام الفاعل معنا في محاربة هذه الآفة. وبالفعل نلقى تعاونا كبيرا من طرف مختلف القطاعات العمومية ومن المنتخبين

وفي العام 2012 استطعنا تأسيس أول شبكة لمحاربة التدخين في موريتانيا وهي الشبكة الموريتانية لمكافحة التدخين ودعم التنمية المستدامة، التي تؤدي أدوارا مشهودة في مجال محاربة التدخين. وقد وصل خبراء دوليون متخصصون، في وقت سابق، واستمعوا إلى ممثلي مختلف المنظمات والجهات المعنية بالموضوع وأعجبهم بالفعل برنامج عمل شبكتنا هذه والتي بحوزتها إفادة من وزارة الصحة تدعو جميع الجهات إلى التعاون معنا في مجال عملنا التحسيسي بالغ الأهمية.

وفي هذا الصدد أشكر باسم المنظمة والشبكة كل الجهات المتعاونة بما في ذلك الإدارات والبلديات التي ساعدتنا في إصدار ونشر تعميم على مستوى مكاتبها ودوائر اختصاصها يقضي بحظر التدخين فيها وهو أمر يستحق الإشادة والتنويه وأخص بالذكر هنا بلدية دار النعيم التي أصدرت تعميما يحظر التدخين في المباني الرسمية للبلدية.

الشعب: هل تعتقدون في المنظمة أن  زيادة الضرائب على التبغ ومنع الترويج له وتجريم التدخين في الساحات والأماكن العامة هي إجراءات كفيلة بالحد من انتشار هذه الظاهرة؟ أم أنكم ترون، كما يرى البعض، أن زيادة الضرائب ستقابلها، من طرف تجار التبغ، زيادة ومضاربات في الأسعار وانتشار أنواع لم تكن معروفة من التبغ والسجائر، وبالتالي زيادة في الأرباح دون أن يحد ذلك بشكل فعال من انتشار الظاهرة؟

الرئيس أحمد عالم: أعتقد أن تطبيق القانون الجديد بحذافيره كفيل بأن يترك آثارا إيجابية طيبة في المجتمع وستكون له نتائج إيجابية كبيرة حيث سيحد من عدد المدخنين كما سيحد من الاتجار به ويقضي على الترويج له، ونحن واثقون من أهمية وضرورة إشراك المجتمع المدني في مختلف مراحل تطبيق بنود هذا القانون  الجديد ذلك أن في المجتمع المدني منظمات صارمة وفاعلة وجادة ستكون عونا للسلطات العمومية في تنفيذ وتطبيق هذا القانون بالصرامة المنشودة.

كما أود أن أوضح في سياق الرد على سؤالكم هذا أن بلدنا يعتبر أحد أهم المعابر للسجائر إلى دول الجوار وهو ما يعني أنه لم يكن مستهدفا بالدرجة الأولى لذلك نجد أن أسعار التبغ من العينات المطلوبة أكثر هي أكثر ارتفاعا في دول الجوار من بلدنا، ونحن نتصور أنه حين يصل سعرها إلى نفس المرحلة التي يوجد عليها في الدول المجاورة فإن ذلك سيحد من الاتجار بها وبيعها وترويجها في موريتانيا.

و مع ذلك نجد بالفعل أن عينات أخرى لم تكن معروفة غزت السوق بكثرة كبدائل رخيصة الأثمان للعينات المطلوبة أكثر  وهي ظاهرة مقلقة بالفعل خاصة وأننا لا نعلم بعد ما إذا كانت تلك العينات مهربة ولم تخضع للجمركة مثلا، ونحن بالمناسبة نتابع ذلك كله بهدوء ونراقبه بشكل جيد حتى نعرف من أين وكيف يمكننا التصدي له، غير أن مشروع القانون الجديد وجهود كافة المنظمات والسلطات المعنية كفيلان بالتصدي لمختلف تلك التجليات التي لن تعيق تنفيذ القانون ولا عمل المنظمات غير الحكومية المتخصصة في مجال محاربة التدخين في بلادنا. وسيعمل المعنيون على مواجهة ذلك بالقانون وبالقانون فقط..

وفي هذا السياق أود أن ألفت انتباه السلطات المعنية إلى أن الفعاليات السنوية لتخليد اليوم العالمي لمحاربة التدخين، الذي يصادف 31 مايو من كل عام،  لم ترق بعد إلى المستوى الذي تتطلع إليه منظمتنا وهو استهداف المراهقين والشباب من الجنسين في المدارس والجامعات والأماكن العامة بدلا من تخليد هذا اليوم في فندق مغلق يستضيف بعض المسؤولين ورؤساء المنظمات والقطاعات بعيدا عن المستهدفين.

 

أجرى الحوار: أحمد ولد مولاي امحمد

نقلا عن جريدة الشعب