حتى لا نخسر المستقبل

ثلاثاء, 22/03/2022 - 01:34

إن من واجبنا كنخب واعية في بلد يعاني، أن ندرك حجم التغيرات الكبيرة بفعل تنامي الوعي لدى مختلف فئات شعبنا المغبون. إذ أن ما يحاسب عليه اليوم حكام الأمس سيكون مختلفا تماما عن ذلك الذي سيحاسب عليه حكامنا غدا، فاليوم نحاسب حكام الأمس بتهم اختفاء المليارات واستغلال النفوذ وغدا سيحاكم شعبنا حكامه اليوم على أي سوء تسيير أو صفقات مشبوهة ولو كانت بالملايين أو مئات الآلاف فقط، ولن يكون "منطوق الحكم" الشعبي مكتفيا باستعادة تلك المبالغ المختفية بل بسجن من اختلسوها وتجريدهم من حقوقهم المدنية و و و......

إن عالمنا في تطور، ووعي شعبنا في تنام، وسيكون من الصعب أن يتم التلاعب بهذا الشعب الصبور بعد اليوم حيث أصبح يدرك أن الأرض أرضه والثروات ملك له والحكام خدم له مستأجرون بأمواله، مؤتمنون على مصالحه.

وما يؤسف له هو أن كل حكام موريتانيا، السابقين على الأقل، كانوا ضحايا لبطانة سوء زينت لهم ما أوقعهم في المحظور وأدى إلى ما نحن عليه من ترد اقتصادي وتفاوت اجتماعي وتخلف عام. ولو قيض الله للحاكم أن يختار بطانة تعينه، تنتقد وتوجه وتقيم وتنصح وترشد، لكنا اليوم أفضل عشرات المرات من دول شقيقة وصديقة نمد لها يد السؤال طلبا للمعونة والمساعدة، بل لكنا من أكبر الداعمين للأشقاء والأصدقاء الأقل حظا وحظوة ولكان العاطلون من أبناء شعبنا يتقاضون تعويضات مجزية عن البطالة إن وجد عاطلون أصلا.

أتمنى أن يستخلص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني العبرة ممن سبقوه ومن تجاربهم مع معاونيهم ليستعين بالأوفياء الذين لا يتطلعون إلى مكاسب وامتيازات شخصية على حساب مصالح ومستقبل الشعب والوطن. ولا شك أنه يملك من رجاحة العقل والحكمة ما يدفعه إلى قراءة مآلات من سبقوه وحالهم أمس مع بطانتهم أيام العز والسلطة وحالهم اليوم معها وقد غادروا السلطة والجاه. فأول من يتحامل عليهم اليوم هم أولئك الذين كانوا يضعونهم أمس في مراتب الأنبياء والمعصومين؟!! وهؤلاء هم من يحيطون بالرئيس اليوم، ويتبنون شعاراته وبرنامجه التنموي، لكنهم في النهاية يتطلعون في الغالب لأمجاد ومكاسب شخصية بحتة وسيكونون عليه غدا مثلما فعلوا مع من سبقوه من الحكام.

لذلك، وحتى لا نخسر المستقبل، فإننا مطالبون بالاستعانة بالخلصاء الأوفياء، الذين يدركون أنهم خدم لوطن ولمشروع وطني كبير ولشعب عظيم، يتم انتقاؤهم من أنظف أطر وكفاءات بلدنا من الذين لم يتلطخوا بشبهات نهب أو فساد على مدى العقود والسنوات الماضية. وهو أمر في غاية اليسر، وهو الوحيد الذي سيخلصنا مما نحن فيه من ترد وتخلف.

أبو محمد.

زاوية "بلا قناع" العدد 695 من صحيفة التواصل بتاريخ 21 مارس 2022