12 دجمبر 1984 نهاية دكتاتورية وبداية ؟؟؟

أحد, 12/12/2021 - 20:14

شكلت حقبة حكم محمد خونا هيدالة أحلك فترات حكم الدولة الموريتانية لما امتازت به من تسلط وجبروت خصوصا في حق معارضيه من السياسيين والعسكريين ورجال الاعمال، كانت بداية تأليه الحكام واستئساد الأجهزة الأمنية.
امتلأت السجون من المناضلين وما نقم منهم إلا أن طالبوا بالحرية والعدالة وصيانة الهوية.
شكلت انتفاضة 1984 الناصرية الهبة الشعبية التي قوضت أركان نظام الطاغية وجعلت سفينة الجبروت تغرق في الوحل، فانتهز الرجل الثاني في النظام، العقيد معاوية ولد الطايع فرصة غياب هيدالة لينقض على الحكم زوال يوم 12 /12/ 1984.
عمت الفرحة التراب الوطني وتنفس الناس الصعداء وخرجوا في مظاهرات عفوية لسان حالهم يردد:
" دجمبر يا أملنا - يا ال فادي حياتنا -  ومنور مستقبلنا".
أحقا كان دجمبر كذلك؟
يمكن أن نقسم فترة حكم ولد الطايع إلى ثلاث فترات:
1- فترة 1984- 1988 كان النظام نظاما عسكريا بامتياز وطنيا فرانكفونيا حاول الانفتاح على كل الطيف السياسي وبدأ الخطوة الأولى في المسلسل الديمقراطي من خلال تنظيم انتخابات بلدية في عواصم المقاطعات اتسمت بالكثير من الفوضوية والتزوير، كان المكسب الوحيد فيها مبدأ الديمقراطية.
2- فترة 1988- 1991  تعرض النظام في هذه الفترة لتحديين وجوديين استهدفا الدولة والشعب والنظام تمثلا في محاولة انقلابية عنصرية دبرتها حركة FLAM واحداث 1989 التي استهدفت الوجود الموريتاني في السنغال وكانت بتدبير من المعارضة السنغالية وفلول  FLAM وبمباركة من فرنسا ورعاية من نظام عبدو ضيوف. 
تعامل النظام مع تلك الأحداث بالكثير من الحنكة والشجاعة والانضباط والمسؤولية وكانت بداية إعادة الوعي للنظام ليكتشف هوية البلد الحقيقية وعمقه الاستراتيجي العربي فاتجه إلى أسد العروبة فلم يخب رجاؤه فاستجاب الشهيد صدام حسين فكان الحصن الحصين الذي رد كيد المتآمرين.
فترة 1991 - 2003 اتسمت بتكملة المسلسل الديمقراطي من خلال المصادقة على دستور الجمهورية الثالثة وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية شابهما التزوير وتوظيف المال العام والعامل القبلي وحدة التنافس.
كان لمقاطعة بعض أهم احزاب المعارضة للانتخابات التشريعية الأثر البالغ في الإجهاز على التجربة الديمقراطية الوليدة وجعل النظام يرتمي في احضان القبائل، فانحرف التسيير العام وخنقت الحريات العامة من جديد وبدأ النظام يتقوقع على ذاته وينفتح على الخارج ويرتمي في أحضان المؤسسات المالية الدولية ويرتمي في أحضان أمريكا من خلال إقامة علاقات مشينة مع الكيان الصهيوني.
انهارت قيمة الأوقية وشل الاقتصاد بسبب الفساد الذي  استشرى في جميع مفاصل الدولة وساءت أوضاع المؤسسة العسكرية فانتفض صغار الضباط في حركة انقلابية فاشلة لكنها دقت ناقوس الخطر في أركان النظام واستشعر بعض رموزه بالخطر فانقلبوا فجر يوم  3 غشت 2005 على السلطة منتهزين فرصة غياب الرئيس إلى السعودية ليعيد التاريخ نفسه فكما دخل معاوية السلطة خرج منها بنفس الاسلوب.

شيخنا محمد سلطان