إلى متى يتحكم "الكومبرادور" في مصير بلادنا ؟

اثنين, 06/09/2021 - 21:23

الكومبرادور هم باختصار نخبة مستلبة من أبناء أي بلد، ثقافتهم ثقافة الاستعمار وولاؤهم للاستعمار وتفكيرهم هو تفكير المستعمر، وهم باختصار نبتة استعمارية خالصة خلّفها الاحتلال الأجنبي في البلد الذي كان يحتله ليقوموا بما كان يقوم به الاستعمار المباشر حين كان يتولى إدارة شؤون مستعمرته، وبذلك فهم بوعي وبدون وعي يؤدون دور المستعمر في بلدهم، الذي لا تربطهم به إلا رابطة الاسم، فولاؤهم الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي للاستعمار، وتفكيرهم يتم نيابة عن الاستعمار، إنهم مستلبون ثقافيا وفكريا وبالتالي فهم بيادق للاستعمار في بلدهم. لذلك لا نستغرب أن نجد من بين السياسيين الموريتانيين من يتحدث عن أن اللغة العربية هي عامل فرقة وتفرقة بين مكونات الشعب العربي الإفريقي المسلم في موريتانيا، بدل الحديث عن ضرورة ترسيمها وفرضها كلغة وحيدة للإدارة والمعاملات بحكم نص الدستور؟!

وهكذا فقد تم بعد الاستقلال تأكيد ترسيم اللغة الفرنسية باعتبارها اللغة الرسمية للبلد رغم أنها ليست لغة أي من مكونات الشعب الموريتاني العربي الإفريقي المسلم، قبل إقرار ترسيم اللغة العربية لاحقا وخاصة في دستور 1991، كما ظلت فرنسا متحكمة في مصير البلد وفي قراراته السياسية والسيادية حتى وقت قريب، ومع ذلك نجد أن نخبة الكومبرادور ما زالت قائمة تؤدي دورها المنوط بها على أكمل وجه وتتوارث الامتيازات والمكاسب والثروة على حساب تقدم البلد ورفاهية الشعب وتنهب ثرواته الهائلة التي لا تعود بالنفع إلا على هذه النخبة المستلبة ثقافيا وفكريا وسياسيا وعلى أسيادها في الخارج.

ليس من الصعب التخلص من الكومبرادور ولفظهم، وإن كان الأمر يتطلب إرادة سياسية جادة ووجود طلائع نخبوية وطنية مخلصة ووفية لهويتها الوطنية الحرة ولمستقبل بلد ظل يعاني من مخلفات الاستعمار والاستحمار. وهي النخب التي ستواجه لا محالة واقع الاستلاب والتبعية وتحرر البلد سياسيا وثقافيا واقتصاديا لتعيد توزيع السلطة والثروة بين مختلف أبناء مكونات الشعب الموريتاني.

ترى إلى متى سيستمر حكم "الكومبرادور" لبلدنا، وهل ينجح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تأكيد هوية البلد الثقافية واستقلاله السياسي والاقتصادي واستعادة ثرواته التي يتواصل نهبها منذ 1978 وحتى اليوم؟

 

  أحمد.م.أ

من زاوية جسر التواصل، العدد 669 من صحيفة التواصل الصادرة بتاريخ 06 – 09 – 2021