ملحمة الانتفاضة.. وا أحمداه ...

اثنين, 05/04/2021 - 15:10
د.  الشيخ معاذ سيدي عبد الله

من أروع النصوص الشعرية التي تحكي بألم درامي فجيعة الناصريين في شهيديْهم اللذين سقطا خلال انتفاضة الثمانينات المشهورة، قصيدة الدكتور يحي محمدن الهاشمي ( وا أحمداه)..
القصيدة تروي حكاية والدة الشهيد أحمد عندما مرت صباحا وبدون اتفاق مسبق على مقابر المدينة فاكتشفت قبرا جديدا، كأنه حفر البارحة، ليخفق قلبها جزعاً.. إنه قلب الأم .. 
كان ذلك قبر ابنها أحمد ولد أحمد محمود الذي توفي تحت التعذيب في مخافر الشرطة بأطار..
الشاعر يحي الهاشمي استطاع أن يروي حكاية الشهيد أحمد من خلال قصة والدته التي كانت تقضي سحابة يومها بين المخافر وعلى لسانها سؤال باكٍ، حزين، كانت تطرحه على رجال الشرطة وعلى المارة : ناشدتكم بالله ألا رأيتم ولدي أحمدا ؟..
لازمة تكررت في القصيدة، التي بدأها الشاعر بلوحة فنية عن آدرار وتضاريسها، لم يكن ينقصها سوى دعوة فنان ليحولها إلى جدارية تشهد على لحظة من لحظات الثكل الكالحة..
قصيدة ( وا أحمداه) ملحمة إنسانية للناصريين أن يجعلوها نشيد انتفاضتهم الخالد .. 
تماما كما على البعثيين أن يتغنوا في ذكرى نكبتهم بإلياذة فاضل أمين :

اسمع أخي سأقص عما قد جرى == طرق اللصوص بيوتنا غب الكرى

كان المؤذن يا أخي يدعو الورى == الله أكبر فالصباح قد أسفرا

كنتُ تناولت هذه الثوريات في عمل أدبي بعنوان ( الشعر الحركي في موريتانيا).. صحبت فيه غضب الكادحين والناصريين والبعثيين ..

ذات يوم قال نزار قباني مخاطبا دمشق ما بعد النكسة :

الشعر ليسَ حماماتٍ نطيرها == نحو السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا 

لكنّهُ غضبٌ طالت أظافرهُ == ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ الغضبا
لقد ركب هؤلاء الغضب .. ورغم رحيلهم بقيت كلماتهم على الصهوات تأبى النزول ....
*الشيخ معاذ سيدي عبد الله*