رأي حول ما بات يعرف بقضية العشرية

أحد, 14/03/2021 - 19:49

لم يكن في يوم من الأيام أكل المال العام بغير وجه حق جرما يعرض صاحبه للعقاب أو يضر بسمعته أو بمكانته الإجتماعية، بل كان و لا يزال عملا بطوليا يمنح مرتكبه جاها و نفوذا و يلحقه بنادي الزعماء و الأخيار.
من أين أتت إذا هذه الصحوة المفاجئة التي اتخذت من محاربة الفساد ذريعة لتصفية حسابات لا تخدم الوطن في شيئ، بل تؤسس للمزيد من تمزق النسيج الإجتماعي و شرذمته ؟ بقدرما نعلن ولاءنا المطلق للرئيس الحالي الذي انتخبه الشعب الموريتاني بأغلبية ساحقة، و ندعم كل السياسات التي يراها مناسبة لتطوير البلد، فإننا نعلن كذلك تقديرنا و إجلالنا للرئيس الأسبق الذي حكم البلاد عقدا من الزمن و مثلها في المحافل الدولية و كانت فترة حكمه سلاما و أمانا و إعمارا.
لا شك أن الرجل، بإصراره على ممارسة السياسة، قد جنى على نفسه و ارتكب خطأ من العيار الثقيل، جعل من أصدقاء الأمس أعداء اليوم لكن، هل كان من الحكمة إحالة الملف إلى أطراف مدنية لا تعترف أصلا بحق أفراد الجيش في ممارسة السياسة و تعتبر وجودهم على رأس هرم السلطة، عائقا في وجه الديموقراطية ؟ ألا يخشى أن تفتح شراكة القصر الرئاسي و زعماء أحزاب المعارضة شهية هؤلاء و أن يرفعوا سقف مطالبهم و على رأسها إبعاد المؤسسة العسكرية عن الشأن العام ؟
هل من ضمانات تمنع مقاضاة غير عزيز ممن سيصلون إلى سدة الحكم ؟ ألم يكن من الحكمة بمكان، تسوية المشكلة و الحصول على أفضل النتائج، بعيدا عن الأضواء و عدسات الكاميرات ؟
ألا ينصح المثل الفرنسي بغسل الثوب الوسخ في البيت بدلا من عرضه في المغسلة ؟ إن عدم ارتياحنا لما آلت إليه الأمور فيما بات يعرف بقضية العشرية، ليس من باب الولاء الأعمى لقائد أفل نجمه، أكثر مما هو حرص منا على المصلحة العليا للوطن و استمرارية الحكم في جو من الأمن و السكينة لا تشيبهما شائبة.

المفتش: يحظيه ولد الطاهر