الجيش في ميانمار يستولي على السلطة ويعتقل زعيمة البلاد المنتخبة

اثنين, 01/02/2021 - 16:54

(رويترز) - استولى جيش ميانمار على السلطة يوم الاثنين في انقلاب على حكومة أونج سان سو كي المنتخبة ديمقراطيا والحاصلة على جائزة نوبل للسلام التي اعتُقلت مع زعماء آخرين من حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في مداهمات خلال الساعات الأولى من الصباح.

وأعلن الجيش في بيان على محطة تلفزيون تابعة له إنه نفذ اعتقالات ردا على تزوير الانتخابات وسلم السلطة لقائد الجيش مين أونج هلاينج وفرض حالة الطوارئ لمدة عام.

ونشرت صفحة لحزب سو كي على فيسبوك تم التحقق منها تعليقات قالت إنها كُتبت تحسبا لوقوع انقلاب ونقلت عن سو كي قولها إن على الناس الاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة.

ويعطل الانقلاب مسار سنوات من الجهود المدعومة من الغرب لإرساء الديمقراطية في ميانمار، التي كانت تعرف سابقا باسم بورما، والتي تحظى فيها الصين بنفوذ قوي.

وجاء تحرك الجيش قبل ساعات من موعد انعقاد البرلمان للمرة الأولى منذ الفوز الساحق لحزب الرابطة الوطنية في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني والتي اعتبرت بمثابة استفتاء على الحكم الديمقراطي الوليد لسو كي.

وتعطلت اتصالات الهاتف والإنترنت في العاصمة نايبيداو ومدينة يانجون التجارية الرئيسية، وانقطع بث التلفزيون الرسمي بعد اعتقال زعماء حزب الرابطة الوطنية.

وقال ميو نيونت المتحدث باسم الحزب لرويترز عبر الهاتف إن سو كي ورئيس ميانمار وين مينت وزعماء آخرين اعتقلوا في الساعات الأولى من الصباح. ولم تتمكن رويترز لاحقا من الاتصال به.

ونشر عضو بالبرلمان مقطعا مصورا على فيسبوك يُظهر على ما يبدو اعتقال با با هان النائبة بالبرلمان. ويظهر زوجها في المقطع المصور وهو يتوسل لرجال في زي عسكري يقفون خارج البوابة أن يتركوها وشأنها كما يظهر طفل صغير يتشبث بصدره وينخرط في البكاء.

واتخذت القوات مواقع في يانجون حيث هرع السكان إلى الأسواق لتخزين المؤن فيما اصطف آخرون أمام ماكينات الصرف الآلي لسحب نقود. وقامت البنوك لاحقا بتعليق الخدمات بسبب ضعف الاتصال عبر الانترنت.

وجاءت الاعتقالات بعد أيام من تصاعد التوتر بين الحكومة المدنية والجيش في أعقاب الانتخابات.

وفاز حزب سو كي بنسبة 83 في المئة من الأصوات في ثاني انتخابات فقط تجرى منذ أن وافق مجلس عسكري على تقاسم السلطة في 2011.

* أجنحة مكسورة

نقل البيان المكتوب سلفا والذي جرى تحميله على صفحة حزب الرابطة الوطنية على فيسبوك عن سو كي قولها إن هذه الإجراءات ستعيد ميانمار إلى عهد الدكتاتورية.

ونسب إليها القول أحث الناس على عدم قبول ذلك ... والاحتجاج على الانقلاب العسكري. ولم يتسن لرويترز الوصول إلى أي من مسؤولي الرابطة الوطنية للتحقق من صحة البيان.

واحتفل بعض المؤيدين للجيش بالانقلاب وطافوا في شوارع يانجون في شاحنات صغيرة ولوّحوا بالأعلام الوطنية.

وقال راهب من القوميين أمام حشد في لقطات مصورة بُثت على فيسبوك اليوم هو يوم سعادة للناس.

وعلى عكس ذلك انتاب الناشطون المؤيدون للديمقراطية حالة من الذعر.

وقال الناشط الطلابي سي ثو تون كانت بلادنا طائرا يتعلم الطيران والآن كسر الجيش أجنحتنا.

وقالت امرأة اشترطت عدم ذكر اسمها لأن زوجها يعمل مع الجيش حكومة حزب الرابطة الوطنية هي التي صوّتنا لها. إذا لم يكونوا سعداء بالنتيجة فبوسعهم الدعوة لانتخابات أخرى. الانقلاب غير مقبول.

وقال وين هتاين، القيادي الكبير في حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، في منشور على فيسبوك إن استيلاء قائد الجيش على السلطة أظهر طموحه وليس قلقه بشأن البلاد.

وأشار وزير الصحة ميينت هتوي في منشور إلى تطور الوضع وقال إنه يتنحى. وحث زملاءه على خدمة الناس لا سيما فيما يتعلق بجائحة فيروس كورونا والتطعيمات.

وفي العاصمة قال النائب ساي لين ميات إن قوات الأمن حبست أعضاء البرلمان في مجمعات سكنية في اليوم الذي كانوا يتوقعون فيه شغل مقاعدهم.

* احتمال حدوث اضطرابات

وقال الجيش، في إيجاز لاجتماع المجلس العسكري الجديد، إن مين أونج هلاينج تعهد بممارسة نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب ومزدهر بشكل حقيقي ووعد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتسليم السلطة للحزب الفائز.

ولم يحدد إطارا زمنيا للانتخابات لكن الجيش قال بالفعل إن حالة الطوارئ سوف تستمر لمدة عام.

وقادت الأمم المتحدة إدانة الانقلاب والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإعادة الديمقراطية في تصريحات تشابهت مع ما أدلت بها أستراليا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والهند واليابان والولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يجب على الجيش التراجع عن هذه الإجراءات على الفور، بينما أصدرت السفارة الأمريكية في يانجون تحذيرا للمواطنين الأمريكيين بخصوص احتمال حدوث اضطرابات مدنية وسياسية.

ودعت الصين كل الأطراف في ميانمار إلى احترام الدستور ودعم الاستقرار، وذلك في بيان أشار إلى الأحداث الملحوظة في البلاد بدلا من إدانتها صراحة.

ودعت بنجلادش، التي تؤوي زهاء مليون نسمة من الروهينجا الذين فروا من ميانمار، إلى السلام والاستقرار وقالت إنها تأمل في أن تمضي عملية إعادة اللاجئين قدما.

ودعت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وميانمار من أعضائها، إلى الحوار والمصالحة والعودة للوضع الطبيعي، بينما في بانكوك اشتبكت الشرطة مع مجموعة من النشطاء المؤيدين للديمقراطية أمام سفارة ميانمار.

وقال مسؤول في الحكومة التايلاندية عن أحداث ميانمار إنها شأن داخلي، وهو نهج عدم تدخل اتبعته ماليزيا والفلبين أيضا.

ووصلت سو كي (75 عاما)، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، إلى السلطة عقب فوز ساحق في انتخابات عام 2015 بعد خضوعها للإقامة الجبرية لعقود ونضال ضد الجيش، الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1962 وقضى على كل المعارضة لعقود.

ورغم أنها ما زالت تحظى بشعبية عريضة داخل البلاد فإن مكانتها العالمية تضررت بعد فرار مئات الآلاف من الروهينجا المسلمين من عمليات عسكرية بإقليم راخين في غرب البلاد عام 2017.

وقوبلت انتخابات نوفمبر تشرين الثاني ببعض الانتقادات في الغرب بسبب حرمان كثير من الروهينجا من حقوقهم، لكن مفوضية الانتخابات رفضت شكاوى الجيش بخصوص حدوث تزوير.

وفي بيان إعلان حالة الطوارئ أشار الجيش إلى إخفاق اللجنة في بحث الشكاوى ذات الصلة بقوائم الناخبين ورفضها تأجيل انعقاد البرلمان الجديد واحتجاجات مجموعات مستاءة من الانتخابات.

وقال الجيش ما لم تُحل هذه المشكلة فإنها ستعرقل المسار الديمقراطي وبالتالي يتعين حلها بموجب القانون، مشيرا إلى بند الطوارئ في الدستور في حالة تهديد السيادة

وكالات