حوار المحنطين / شيخنا محمد سلطان

في السنغال طبقة سياسية مدنية شابة تدير البلاد، أزاحت جيل الستينيات نحو التقاعد السياسي و ها هي اليوم تصحح المسار وتستكمل الاستقلال بجلاء القواعد العسكرية الفرنسية من البلاد وتطارد المسؤولين المفسدين من الرئيس إلى المدير مرورا بالوزير وتخفف من شظف العيش.
في مالي طبقة سياسية عسكرية شابة تدير البلاد، أزاحت عجائز الضباط العسكريين وسدنة أنظمتهم من المخلدين المدنيين، جعلت من مالي مركز تحول إقليمي لصراع القوى الدولية وعاصمة لإقليم الساحل الإفريقي، استكملت الاستقلال وأجلت القواعد العسكرية الفرنسية و سيطرت على ثرواتها المعدنية.
تنادى إليها الروس والأتراك والقطريون والمغاربة و الصينيون، و ها هي اليوم، على الرغم من حربها الأهلية الداخلية التي ورثتها من أسلافها المفسدين من الحكام، تستخدمنا كمجاري صرف قنبلتها البشرية لتخفيف الضغط الاجتماعي عليها ريثما ترتب أوراقها الداخلية.
أما نحن فلا نزال تحت رحمة المحنطين من العسكريين والمدنيين ندورهم في المناصب الإدارية و السياسية، يكررون نفس نمط التسيير الفاسد يتحاورون فيما بينهم، يعيدون في كل حوار إنتاج أنفسهم دون حتى أن يغيروا جلودهم.
بعد التقاعد الوظيفي يقضون بقية أعمارهم رؤساء مجالس إدارة كبريات المؤسسات في الدولة، يترأسون البرلمان والمجالس الجهوية.
البارحة كانوا على مائدة الرئيس فاختاروا أحد محنطيهم ليدير حوارهم.
على المعارضة الشابة أن تقاطع هذا الحوار وتتنادى إلى حوار مواز يرسم ملامح مستقبل جديد للبلد يزيح طبقة المحنطين ويأتي بطبقة سياسية مدنية شابة تنقذ الوطن الذي أصبح على حافة الانهيار.
بلد يصارع من أجل البقاء واقع بين مطرقة الفساد وطوفان الهجرة.
شيخنا محمد سلطان.