رأي آخر حول مشروع قانون الأحزاب
تفاجأت بمواقف بعض القادة السياسيين والمثقفين المعلنة أيامنا هذه – الرافضة أوالمعارضة لمشروع القانون المتعلق بشروط تأسيس وضوابط تسيير الأحزاب السياسية الذي أجازته الحكومة مؤخراً..!!
يمكن للمتتبع لمسار “تعدديتنا” والمشهد الديمقراطي منذو مطلع تسعينيات القرن الماضي ، أن يصفه بالمشهد الفوضوي أو بالمشهد العبثي. فقد عجزت كل التشكيلات واشباه التشكيلات السياسية على اختلاف أشكالها والوانها ومواقعها عن التعبير عن إرادة جدية، لا في التجسيد الشكلي للتعددية الديمقراطية ، أحرى في الوصول إلى تحقيق طموح الشعب في نوع الحكم الديمقراطي.
فقط، كان المشهد يزدحم بعناوين ويافطات تعمل في أسمى غاياتها على تكريس نفوذ فرد أو توسيع دائرة حضور شخص سواء تنوعت المناسبات أوتعارضت الغايات.
فتعددت الأحزاب بتعدد أسماء الأفراد والإديلوجيات والشرائح والقبائل.
وقد نادت أصوات كثيرة عبر مناسبات عديدة في أزمنة مختلفة بوجوب تغير هذا الواقع وبضرورة مراجعة نمط تسيير الأحزاب السياسية. إلا أن حاجة الأنظمة المتعاقبة في الاستمرارية في السلطة والتسويق لسياساتها العرجاء في أغلب الأحيان كانت تدفعها للاحتفاظ بحالة تشتيت جهود النخبة السياسية وإلهائها بهذه العبثية.
حتى جاء هذا النظام بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حيث كانت إشاراته واضحة وخطواته محسوبة بدءا بترشحه من خارج الأحزاب السياسية وما تضمنه خطاب ترشحه 2019 من رؤى وأفكار أسست لمشروع سياسي وطني و تخطيط استشرافي يهدف إلي صياغة آليات وتكييف وسائل اقتصادية وسياسية واجتماعية كفيلة بترميم المشهد الوطني في صورته السياسية والاجتماعية، فلعبت إنجازات تآزر ونظيراتها أدوارا حاسمة في تغيير الواقع الاقتصادي نحو الأفضل لقائمة عريضة من الأحياء والقرى في الداخل وفي المدن الكبيرى. وأمثلة ذلك كثيرة على الحصر هنا.
وعلى المستوى السياسي فقد فتح هذا النظام الحوارات التشاورية والتحضيرية لكل المناسبات والاستحقاقات الوطنية مع عموم تشكيلات الطيف السياسي، ونظم اللقاءات الدورية الجادة مع قادة الرأي والشخصيات الاعتبارية والمرجعية في البلد…
وكان -فعلا- لوزير داخلية هذا النظام السيد محمد احمد ولد محمد الأمين – الذي أبان عن حنكة سياسية وطول نفس في ممارسة العمل الإداري- دورا مشهودا، وله الفضل في تحقيق إصلاحات معتبرة، فأعاد الاعتبار لمؤسسة الشرطة وتحسنت اللامركزية، وغدت في عهدة الإدارة أقرب إلى المواطن.
ومن المؤكد (وهذا رأيي) أن مشروع قانون الأحزاب الجديد سيشكل رافعة التحول الإيجابي في شكل ومضمون تعدديتنا الديمقراطية، فبضله سنتمكن من:
القضاء على فوضوية وجنونية هذه التعددية التي شوهت مشدهنا السياسي.
وستتأسس وفق ضوابطه أحزاب مؤهلة للمساهمة في تعزيز نهج التحول الديمقراطي في البلد.
وعن طريقه سيتمكن أكبر كم من المواطنين من المشاركة السياسية والمساهمة المستمرة في عملية اتخاذ القرار.
أما الفائدة الأكبر لهذا الإصلاح -بفضل شروط الانتشار والتنوع- فهي إعادة تفعيل وظيفة الأحزاب السياسية وتهيئتها كإطار للتفاعل الإيجابي بما تخدمه من مصالح اقتصادية فردية وجماعية، وتُنميه من مشتركات وطنية ثقافية واجتماعية وسياسية تشكل مجتمعة هوية مشتركة يعول عليها في تعزيز اللحمة الوطنية وفي تحقيق التنمية المحلية.
محمد الهادي الزين الإمام.