نواكشوط: توقيف وتغريم المتسولين المعاقين لعدة أيام

قامت مفوضية الشرطة 3 بمقاطعة السبخة، مساء الأحد، بإطلاق سراح آخر مجموعة من المتسولين المعاقين، وهن مجموعة نسوة من فئة قصار القامة (الأقزام)، بعد أن رفضن دفع غرامة 6000 أوقية قديمة، إثر ممارستهن للتسول، ورغم انتسابهن لمنظمة مختصة بهذه الفئة، وهي “الجمعية الموريتانية لترقية وحماية قصار القامة”، برئاسة الاعلامية: بنتا صو، فقد تم إطلاق سراح هذه المجموعة بعد تدخل من رئيس “هيئة الأعمال الخيرية لمساعدة المعوقين حركيا”، السيد المختار لكويري، وبمؤازرة من رئيس “جمعية الموسيقيين المكفوفين الموريتانيين”، السيد عبد الله محمد، وهو متسول سابق، ومهتم بهذه الفئة من المعاقين.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا يدخل في إطار حملة شنتها إدارة الأمن الوطني، ابتداء من مساء الأربعاء 19 مارس، على المتسولين، خاصة على مستوى انواكشوط الغربية، وبالتحديد تقاطعات الطرق الرئيسية بمقاطعتي تفرغ زينه ولكصر، فكانت مفوضيات هاتين المقاطعتين مسرحا لتوقيف العديد من المعاقين حركيا، ومن الصم والمكفوفين من الرجال والنساء، وفي ظروف يرثى لها، بل إن هذه المفوضيات اشترطت على هؤلاء المتسولين دفع غرامة 6000 أوقية قديمة، مقابل ممارسة التسول، فقام البعض بدفعها لفرقة المراقبة الطرقية بالمفوضية (انظر المخالصات المرفقة)، ليتم إطلاق سراحه، بينما امتنع البعض الآخر عن دفع ما اعتبره ضريبة مقابل ممارسة التسول، وسابقة من نوعها قد تصبح مع مرور الوقت إجبارية الدفع.
وكان “تحالف منظمات ذوي الاحتياجات الخاصة”، المكون من 4 منظمات مختصة بالمعاقين، ممثلا في رئيس منظمة “سند” الرئيس محمد عساف، أول من تم إبلاغه في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، 19 مارس، فما كان من هذا الرئيس إلا أن تنقل إلى حيث تم توقيف المعنيين، ونظرا لأن المفوضيات أحالت المسؤولية إلى الإدارة الجهوية للأمن الوطني بنواكشوط الغربية، فقد طلبنا لقاء المدير، فمنعنا من ذلك فلم يبق أمامنا، سوى اللجوء إلى الرأي العام عبر فيديو تم تصويره من أمام إدارة الأمن صباح الخميس 20 مارس 2025.
وهنا لا يفوتنا أن نلفت الانتباه إلى عدة أمور بالغة الأهمية، وهي:
ـ أن الجهة الرسمية الوصية على الأشخاص المعاقين، وهي وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، كانت غائبة، رغم أنها المعني الأول بمشاكل هذه الشريحة، فما السبب، يا ترى ؟
ـ اتحادية جمعيات الأشخاص المعاقين، الوجه الآخر للوزارة، لم تحرك ساكنا في الموضوع، وكأنها غير معنية بالمعاقين؛
ـ وزارة الداخلية بصفتها جهة وصية على مشروع محاربة التسول، الذي كان انقطاعه سببا في عودة الكثير من المتسولين، إلى امتهان التسول مكرهين تحت وطأة الظروف الصعبة؛
ـ أخيرا: نرى أن المقاربة الأمنية، التي كثيرا ما تلجأ إليها السلطات الأمنية، لن تكون حلا لهذه المشكلة ذات الأبعاد الكثيرة: اقتصادية واجتماعية ودينية، وأخلاقية، وحقوقية، فهل ستتضافر الجهود لإيجاد حل جذري ونهائي، أما أننا سنبقى نلعب لعبة “توم وجيري” مع المتسولين ؟ ثم أين كل هذا مما أعلن عنه رئيس الجمهورية بخصوص دعم الفئات الهشة في العشر الأواخر من شهر رمضان ؟
انواكشوط، بتاريخ: الأحد 23 مارس 2025
تحالف منظمات ذوي الاحتياجات الخاصة
محمد عبد القادر محمد سالم
