مقابلات

وزير الأوقاف الفلسطيني لـ “التواصل”: سيتم توقيع مذكرة تفاهم تتضمن التعليم العلمي والأكاديمي وإيفاد فلسطينيين للدراسة المحظرية بموريتانيا

وزير الأوقاف الفلسطيني لـ “التواصل”: سيتم توقيع مذكرة تفاهم تتضمن التعليم العلمي والأكاديمي وإيفاد فلسطينيين للدراسة المحظرية بموريتانيا

زار موريتانيا مؤخرا سماحة الشيخ حاتم البكري وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني حيث شارك في الملتقى الدولي السيرة النبوية المنظم من طرف التجمع الثقافي الإسلامي في نواكشوط بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

واستقبل سماحة الشيخ البكري من طرف نظيره الداه الطالب أعمر وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي كما استقبله وزير العدل السيد محمد محمود عبد الله بيه، وناقش مع الوزيرين أوجه التعاون الموريتاني الفلسطيني في مجالي اختصاصهما، الشؤون الإسلامية والعدل، وعقد الوزير الفلسطيني لقاء عمل مثمر مع رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم الدكتور إسلمو سيد المصطف، ومن المتوقع أن يتم قريبا توقع مذكرة تفاهم بين وزارتي الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في موريتانيا ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين ستشمل من بين أمور أخرى إيفاد طلاب فلسطينيين للدراسة المحظرية في موريتانيا.

التواصل، التقت وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني سماحة الشيخ حاتم البكري، على هامش حفل عشاء فاخر نظمه على شرفه سعادة سفير دولة فلسطين في موريتانيا الدكتور محمد الأسعد، وحاورته حول العلاقات الثنائية والقضية الفلسطينية وفي مقدمتها التهديدات التي يواجهها المسجد الأقصى من طرف قطعان المستوطنين الصهاينة وعساكر الاحتلال، وهذا نص الحوار:

التواصل: معالي الوزير، تزورون بلدكم الثاني موريتانيا حاليا، كيف وجدتموها، وما هو تقييمكم لمستوى التعاون الثنائي الموريتاني الفلسطيني؟

الوزير حاتم البكري: تلقيت دعوة من رئيس التجمع الثقافي الإسلامي، الشيخ محمد الحافظ النحوي، بصفتي وزيرا للأوقاف في فلسطين للمشاركة في فعاليات ملتقى السيرة النبوية الذي نظمه التجمع وشارك فيه وزراء وعلماء وشخصيات سامية من مختلف الدول الإسلامية. وهكذا قبلت الدعوة وحضرت لإطلاع المواطن الموريتاني والنخبة الموريتانية وكل الموريتانيين من مختلف المستويات على الواقع المعاش في المسجد الأقصى المبارك الذي يشكو الجراح المثخنة التي أصيب بها جراء الاحتلال لذلك كان المهم أن آتي إلى هنا حتى يطلع الجميع على الواقع الفلسطيني الصعب الذي تعيشه البلاد في هذه الأوضاع الصعبة وخاصة المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.

وبالفعل التقينا بعدد كبير من الإخوة وكان التجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا قد أبلى بلاء حسنا في المؤتمر الذي دعا إليه وحضره نخبة من العلماء الأجلاء من مختلف بلدان العالم، لذلك فإن الالتقاء بمندوبي أكثر من 50 دولة يعد نجاحا باهرا أن تلتقي بالنخب والوزراء والمسؤولين ورجالات الدول ومن لهم قصب سبق في الإثراء الفكري وهو ما أثر وسيؤثر في المستقبل على القضية الفلسطينية حيث مكنتنا اللقاءات المباشرة والجانبية من تقديم صورة واضحة عن القضية الفلسطينية.

ومما لا شك فيه أننا لاقينا ترحابا كبيرا من كل الذين التقينا بهم حيث أكدوا وقوفهم إلى جانب القضية الفلسطينية و إلى جانب القدس وأكدوا على أنهم مع الفلسطينيين في وحدتهم واجتماعهم في مواجهة الاحتلال، كما التقينا بعدد كبير من المؤسسات في موريتانيا حيث التقيت بمعالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ومعالي وزير العدل وبرئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم، كما التقيت بتجمعات مثل الرباط وكذلك بعض النواب الذين يعرفون بنواب فلسطين، وكل هذه اللقاءات أكدنا خلالها على أمر واحد وهو أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في حياة الشعوب، كما استمعنا إلى وجهة النظر الموريتانية التي تمثل وجهة النظر بالنسبة للشعب وللنخب الموريتانية والتي تجمع على محبة فلسطين والتعلق بها ودعمها قضية وشعبا وهو ما يظهر في ألسنتهم وقلوبهم وكل ما تعبر عنه مكنونات أنفسهم حيث يؤكدون على أن فلسطين هي القضية المركزية

وهكذا فالانطباع الذي خرجت به هو أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للشعب الموريتاني بكل أطيافه وتشكيلاته السياسية التي تمثل موريتانيا بمختلف مكوناتها حكومة وشعبا وتشكيلات سياسية ونقابية حيث يعبرون بكل صدق عن وقوفهم مع الشعب الفلسطيني ومع القدس، ويدعمون القيادة الفلسطينية في توجهاتها نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

التواصل: هل من تفاصيل حول مذكرة التفاهم التي ينتظر توقيعها قريبا بين سماحتكم ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي وما هي أهم محاورها؟

الوزير حاتم البكري: التقينا  كوفد فلسطيني بمعالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي وتباحثنا حول الكثير من القضايا ورأينا من المهم أن تكون من بين هذه القضايا التي نتباحث فيها التعليم العلمي والأكاديمي والتعاون في مجال العلوم الإسلامية والفقه الإسلامي وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات بيننا خصوصا وأننا نمتلك في فلسطين معلومات وفيرة حول المخطوطات والفقه ونفس الشيء بالنسبة لموريتانيا، وكذلك التعليم الأصلي الكتاتيب “التعليم المحظري”، كما ناقشنا عملية إيفاد بعثات من الطلبة الفلسطينيين ليتعلموا في الجامعات الموريتانية في مجال التعليم الشرعي على الطريقة الموريتانية، ونحن نعلم أن الطريقة الموريتانية في التعليم الأصلي تنطلق من الكتاتيب وهو الجلوس أمام الشيخ للتعلم والمعروفة محليا بالمحظرة، وهي طريقة عريقة، ولكي يتم تنظيم وتنسيق هذا التعاون يتطلب ذلك وجود مذكرة تفاهم تضبط هذا التعاون والتكامل لتنظم العلاقة في المستقبل، وهي مذكرة من شأنها أن تبين معالم طريق التعاون بيننا في فلسطين وموريتانيا وسيعمل فريق فني من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية و وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في موريتانيا على إعداد هذه المذكرة في المستقبل القريب إن شاء الله، وسيتم توقيع هذه المذكرة قريبا بحول الله تعالى.

التواصل: يواجه المسجد الأقصى تهديدات جديدة ومستمرة من طرف قطعان المستوطنين الإرهابيين الصهاينة وجنود الاحتلال الذين يستفزون مشاعر المسلمين عموما مما يهدد بانفجار الوضع، ترى ماذا تطلبون من العرب والمسلمين نصرة للأقصى، وما هي الإجراءات التي تعتمدونها رسميا لمواجهة هذه الاستفزازات الخطيرة؟

الوزير حاتم البكري: أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يعتبر المقدس الأول في فلسطين والمقدس الثاني بالنسبة للأمة الإسلامية بعد المسجد الحرام، وهو أول قبلة صلى إليها المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.لذلك فهو يحمل قداسة عالية جدا، هذا أولا، وثانيا فــ(إسرائيل) بيهوديتها تحاول أن تثبت رواية تاريخية عكس الرواية التاريخية القائمة على الذكر القرآني الذي حسم الأمر في قوله تعالى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” أي أن هذا المسجد، وهو المسجد بلا خلاف ولا اختلاف، ونحن أمام الرواية القرآنية لا نستطيع إلا أن نسلم تسليما كبيرا وكثيرا، بينما (إسرائيل) تحاول أن تحرف هذه الرواية وتقول إن هنا هيكلا، هيكل سليمان، أو ما تدعيه من مزاعم وأفكار لا تستقيم لأنها لا تستند إلى أدلة قطعية بينما هذه الرواية تخالف القرآن كما تخالف نتائج الحفريات التي تمت في الأقصى وحوله.

و(إسرائيل) تحاول أن تسيطر على المسجد الأقصى، وبدأت هذه السيطرة في 5 حزيران / يونيو عام 1967 عندما احتلت القدس وباقي فلسطين ومنذ ذلك التاريخ وهي تعمل على الانقضاض على المسجد الأقصى المبارك، وتمثلت أولى عملياتها في إحراق المسجد الأقصى عام 1969 عن طريق المتطرف اتنوهان، وبعد ذلك وجدنا محاولات انقضاض أخرى على المسجد الأقصى المبارك قبل عدة سنوات حيث وضعت البوابات الإلكترونية لكن هذه البوابات فشلت أمام إصرار الشعب الفلسطيني والوقوف الحازم للشعب الفلسطيني في مواجهة محاولات الاحتلال حتى سقطت هذه البوابات بالإرادة الفلسطينية والمثابرة الفلسطينية على المستوى الدبلوماسي وعلى المستوى الأدائي للنشاط المواجه لهذه الفكرة على أرض الواقع في المسجد الأقصى المبارك.

وحاليا لم تترك (إسرائيل) ذلك بل إنها تحاول المواصلة حيث بدأت عملية الانقضاض على المسجد الأقصى المبارك منذ فاتح رمضان الماضي حيث هاجمت المسجد الأقصى من خلال الاقتحامات اليومية المتكررة من قبل عدد كبير من قادة المستوطنين في الأراضي الفلسطينية وتحاول فرض واقع زماني ومكاني في المسجد الأقصى ويتمثل في أنها تريد بعض المواقع لها دون أن يكون هناك أحد في المسجد الأقصى والواقع الزماني يتمثل في أنها تريد أن تدخل في بعض الأوقات دون السماح لغير اليهود بالدخول في تلك الأوقات، وهذا هو التغيير الزماني والمكاني الذي تسعى سلطات الاحتلال لفرضه وجعله أمرا واقعا، وهذا التغيير الزماني والمكاني يواجه من قبل الفلسطينيين بكل الإمكانيات المتاحة لمنع وصول (إسرائيل) إلى هذه النقطة بالمطلق.

لذلك تحاول (إسرائيل) فرض واقع جديد على القدس وعلى المسجد الأقصى المبارك وهذا يتطلب عملا مكثفا للدبلوماسية الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع المملكة الأردنية الهاشمية والملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، حيث تقوم المملكة الأردنية على الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسة في فلسطين، وهي الرعاية المتفق عليها بيننا والأردن في عهد الملك الحسين بن طلال والرئيس الشهيد ياسر عرفات رحمهما الله تعالى، لأننا لا يمكن أن نترك القدس دون أن تكون هناك رعاية رسمية لأن الواقع الفلسطيني لم تكن لديه القدرة للقيام بذلك باعتبار القدس تحت الاحتلال لذلك بقيت الأماكن المقدسة تدار بالرعاية الهاشمية حتى يومنا هذا بالاتفاق بيننا وبين المملكة الأردنية الهاشمية.

ولكن نحن أيضا بحاجة إلى دعم وإسناد إسلامي حيث في العام 1969، لما أحرق المسجد الأقصى المبارك، كانت هناك فكرة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي أنشئت خصيصا للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وكذلك لجنة القدس المشكلة برئاسة الملك المغربي وهي الآن برئاسة الملك محمد السادس، وهذه المؤسسات، سواء لجنة القدس أو منظمة المؤتمر الإسلامي يجب عليهما العمل بكل إمكاناتهما وطاقاتهما للحفاظ على المدينة المقدسة وللحفاظ على المسجد الأقصى المبارك، كما أننا بحاجة إلى دعم وإسناد من كافة الدول العربية  ومن العرب والمسلمين بشكل عام من أجل مواصلة دعم القدس والمسجد الأقصى المبارك والمحافظة على المقدسات ويكون الدعم بالإسناد الدبلوماسي والشعبي وأن يتم إدراج ملكيتنا للقدس والأقصى في المناهج التربوية والتعليمية في الدول العربية والإسلامية بصفة الأقصى والقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتدريس أهميتها في القداسة الإسلامية بما في ذلك قصة الإسراء حيث عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى وهي أمور يجب أن يتعلمها أبناء العرب والمسلمين وان ترسخ في أذهانهم للمحافظة على قدسية أماكننا المقدسة في فلسطين وحين يتم ذلك فإنه سيصعب على الاحتلال محاولة تغيير الواقع على الأرض.

التواصل: شكرا معالي الوزير. حوار: عبد الله علي 

زر الذهاب إلى الأعلى