أخبار وطنية

موريتانيا: ترحيل سكان “اندغمشه” والقرى المجاورة دون تعويض والإبقاء على مساكن النافذين (تفاصيل)

نواكشوط (التواصل): شرعت السلطات العمومية يوم أمس الخميس، ممثلة في وزارتي الإسكان والداخلية، في ترحيل سكان القرى الواقعة شمال جسر مطار نواكشوط الدولي على طريق نواذيبو.
وكانت السلطات قد أعطت أوامر بإخلاء هذه القرى خلال أسبوع، وأعرقها قرية “اندغمشة” الواقعة على بعد 7 كيلومتر شمال جسر المطال على طريق نواذيبو، والتي يعود تاريخها، كما معظم تجمعات الشاطئ إلى نحو ثلاثة قرون، وهو ما تجسده شواهد مقبرة القرية الرفية الوادعة، وهو ما يعني انها عريقة وأقدم بقرون من ولادة الدولة الموريتانية الحديثة.

بعض سكان اندغمشه الأحياء ولدوا في تفرغ زينه حين كانت عبارة عن أضاة تقيض دون أن تفقد ألقها وجمال منظرها، ولم تكن هناك أي سلطة إدارية تحكم أو توزع الاراضي.
ومع وجود الدولة الحديثة كانت اندغمشة القرية، التي تعني بالعربية البئر الممتلئة، تابعة إداريا لواد الناقة ولم تتبع للعاصمة نواكشوط وتحديدا لمقاطعة تفرغ زينه إلا بعد بناء المطار الحالي سنة 2011.
سكان المنطقة الممتدة من نواكشوط إلى ما بعد المطار نظموا تظاهرة احتجاجية مطلبية يوم الأربعاء تزامنا مع اجتماع مجلس الوزراء، مطالبين رئيس الجمهورية والوزير الأول بمنع أوامر الإخلاء والهدم، خاصة وأن الدولة لم تقدم مساكن بديلة ولا حتى اراضي مستصلحة لسكان اندغمشه ومثيلاتها من القرى العريقة، التي يقيم فيها أحفاد السكان الأصليين الذين يمارسون الصيد التقليدي في المحيط “إيمراغن” منذ قرون ويمارسون التنمية الحيوانية ايضا، وتمتد مناطق سكنهم على شاطئ المحيط انطلاقا من مدينة روصو وانتهاء بمدينة السمارة.
وفي 25 يوليو الماضي نشرت وزارة الإسكان بلاغا قالت فيه:
بلاغ

“تبلغ وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي، السادة المواطنين، بضرورة الكف عن بناء أو استغلال الأراضي دون وثائق رسمية صادرة عن جهات الاختصاص الإداري والفني.
وفي هذا السياق؛ تحذر الوزارة من البناء في المنطقة الواقعة شمال الجسر المؤدي لمطار أم التونسي الدولي، لأنها تقع في المجال العمومي، ولم يصدر قرار قط بمنحها.
وتؤكد الوزارة بأن النصوص الواردة في القانون رقم 003-2024 المتعلق بالعمران والبناء، واضحة في هذا الصدد، وستقوم فرق الرقابة الحضرية بإشراف من السلطات الإدارية والأمنية بإزالة كافة العشوائيات المقامة هناك، وتوقيف المخالفات مع إحالة أصحابها للعدالة”.
وإذا كانت الوزارة تحدثت في بلاغها عن عدم إصدار اي منح لهذه الأراضي من قبل فإن السكان هناك يتحدثون عن امتلاكهم وثائق ملكية سابقة وهي وثائق قانونية والقانون لا يسري بأثر رجعي، وفي المقابل، وبحسب السكان، الذين تحدثت معهم “التواصل” فإن منازل تعود ملكيتها للوزير مدير ديوان الرئاسة الناني ولد اشروقة ومنزلا تعود ملكيته لكريمة رئيس الجمهورية وزوجها “يسمونه منزل بنت الغزواني” ومصنعا للدجاج قيد الإنشاء تعود ملكيته لرئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين زين العابدين ولد الشيخ أحمد، وبعض المساكن الأخرى لشخصيات نافذة، تم استثناؤها من الهدم، بحسب تصريحات أدلى بها السكان في اندغمشه، حيث برروا تجاوزها وعدم هدمها بأن أصحابها استظهروا بوثائق ملكيتها، وذلك في تناقض صارخ مع بلاغ الوزارة الذي أكد عدم وجود أي منح لتلك الأراضي ؟!.
المفارقة الغريبة في ما جرى هو أن الدولة الموريتانية لم تقدم مساكن جاهزة ولم تستصلح أراضي بديلة لسكان اندغمشه الذين يعيشون هناك منذ عقود وأكثر، ولم تقدم لهم أي تعويض، بل هددتهم بالإحالة إلى القضاء، بينما قام النظام السابق في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتوزيع العشوائيات وتخطيطها وتوزيع الأراضي المستصلحة على مواطني العشوائيات مثل الحي الساكن و”الكبات” رغم أن وجودهم فيها ارتبط بالنزوح هربا من الجفاف في أواخر السبعينيات والثمانينيات، وليس منذ ثلاثة قرون كما هو حال سكان اندغمشة.
مساكن الوزير مدير ديوان الرئاسة هناك قرب الجسر هي مساكن للاستراحة والترفيه وليست للإقامة، كذلك الوضع بالنسبة لبقية مساكن النافذين واقاربهم، بينما لا يملك الصيادون التقليديون والمنمون في اندغمشه شمال جسر المطار سوى مساكن متواضعة فيها ولدوا وفيها مات آباؤهم وامهاتهم وهناك شواهد مقابرهم تحكي قصة وتاريخ كفاح طويل وعراقة يجب الاعتداد بها في اي بلد يحترم مواطنيه ويحترم تراثه وثقافة شعبه.

زر الذهاب إلى الأعلى