رئيس حزب الصواب لــ “التواصل: عارضنا ترشح الرئيس الغزواني لمأمورية ثانية لأنه لم يلتزم بتعهداته الانتخابية
قال رئيس حزب الصواب، النائب البرلماني، الدكتور عبد السلام ولد حرمة، إن أحزاب منسقية المعارضة لم تحسم بعد خيارها بخصوص المرشح الواحد للرئاسيات المقبلة، أو تعدد الترشحات، وإن كان يتوقع أن تعتمد الخيار الأخير باعتبار ذلك يخدم المعارضة وخاصة في حالة اللجوء لشوط ثان.
وقال ولد حرمة إن أحزاب المعارضة الديمقراطية ترى أن الرئيس لم ينجز أغلب ما تعهد بإنجازه في برنامجه الانتخابي، وبالتالي فليس من المقبول سياسيا وأخلاقيا مطالبته بمأمورية ثانية، مشددا على أن المواطن يعاني في شتى المجالات بما في ذلك المعاناة من غلاء المعيشة وهيمنة الليبرالية المتوحشة وتدني المستوى المعيشي للمواطن واستشراء الفساد غير المسبوق.
وأضاف، في حوار مع “التواصل”، أن وجهة نظر المعارضة هذه ليست ملزمة للأغلبية التي ترى أن الرئيس الغزواني حقق الكثير ويستحق أن يترشح لمأمورية ثانية، مبينا أن الرجل حقق بعض المكاسب لكنها لا ترقى إلى مستوى تطلعات المواطنين ولا تمثل شيئا بالنسبة للتعهدات التي التزم بها خلال الانتخابات الرئاسية المنصرمة.
وهذا نص الحوار:
التواصل: تسعون، في المعارضة، لتوحيد موقف تشكيلاتكم وأحزابكم في الرئاسيات المقبلة، هل هناك ما يمنع من تقديم مرشح توافقي يمكن أن ينافس بالفعل؟
عبد السلام حرمة: نحن في مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وهي مؤسسة دستورية، لها مسؤوليات دستورية وأخرى سياسية، ومن المسؤوليات التي خصها بها القانون أنها المسؤولة عن الدفاع عن مصالح المعارضة، والمسؤولة عن الإشراف وإدارة الحوار ما بين السلطة والمعارضة، وقد تبنت هذه المؤسسة الآن تبنت دورها الأول وهو توحيد وجمع كلمة المعارضة، وتجاوز أزمة الثقة التي عصفت بها في السنوات الأخيرة وتجاوز مرحلة الركود التي لا ننكر أنها موجودة وقائمة لأسباب عديدة منها لحظة التأمل أو لحظة المراجعة التي توقعت أن تكون موجودة مع النظام والبحث عن آلية لفتح حوار وتشاور معه للحصول على نتائج إيجابية عبر الحوار والتوافق بدل صيغ لنضال والتصادم التي عرفتها مراحل سابقة.
وهكذا فنحن الآن في مؤسسة المعارضة الديمقراطية سعينا إلى هذا الأمر من خلال تكتل قوى المعارضة عموما بما فيها تلك التي ليست ممثلة قانونا في مؤسسة المعارضة.
ونحن نسعى ونناقش ملف الرئاسيات واحتمالية تقديم مرشح توافقي موحد وهو خيار مطروح لدى مختلف أحزاب وتشكيلات المؤسسة التي حضرت لقاءاتها، وهو رأي لدى البعض بينما لدى البعض رأي آخر وهو أنه مما يعطي فرصا أكثر للمعارضة في الحصول على فرص أفضل أن تتوجه إلى الرئاسيات بعدة مرشحين ينسقون فيما بينهم في الشوط الأول ويدعمون المتجاوز منهم في الشوط الثاني إذا كان ثمة شوط ثان، وهذه الاحتمالات كلها مطروحة للنقاش ولكنني أرى أن المرشح الموحد قد يكون مستبعدا في هذه المرحلة.
التواصل: طالبتم بحوار شامل يجنب البلاد المخاطر المحدقة، كما وصفتموها في اجتماعكم الأخير، هل تعتقدون أن النظام يمكن أن ينظم مثل هذا الحوار قبل الرئاسيات مع اقتراب وقت الانتخابات، وهل يمكن لنتائج الحوار أن تؤثر على سير الانتخابات في حال التوصل إلى اتفاق بين الطيف السياسي؟
عبد السلام حرمة: فيما يخص الحوار فنحن مع الحوار لأنه في أي وقت يمكن أن يكون الحوار مفيدا، سواء تعلق الأمر بالحوار العام الذي من شأنه أن يتطرق إلى القضايا الأساسية، البنيوية الكبرى المعلقة المرتبطة ببنية الدولة واختلالات بنية الدولة ونظام الدولة السياسي ونظام الحكامة، وآليات تطبيق النصوص، فهذه في الحقيقة لا يمكن أن تناقش إلا من خلال مأمورية كاملة، إذ لا يمكن إنجازها وتطبيقها من طرف النظام أو الأغلبية الحالية في الوقت الضائع وإنما خلال مأمورية كاملة على أقل تقدير، وما يمكن القيام به الآن من حوار هو تحسين شروط المنافسة تصحيح الاختلالات الكبيرة التي شابت الانتخابات الماضية خصوصا وأن الرئاسيات المزمعة ذات أهمية خاصة بالنسبة للجميع.
وأهمية هذه الانتخابات بالنسبة للدولة والمجتمع لا تقاس بالانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية المنصرمة، رغم أن هذه الانتخابات يمكن أن يسبقها نقاش حول تحسين أداء اللجنة الانتخابية وتحسين شروط الشفافية وظروف المنافسة والشفافية وجهات الإشراف في داخل اللجنة الانتخابية وخارجها كالإدارة والشروط التي تمكن من ضمان رفع يد الدولة عن العملية الانتخابية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولا بد من تحسين الشروط الفنية والنقاش العام وإدخال بعض القوانين ذات الصلة بالتسيير الشفاف للعملية الانتخابية بناء على الثغرات التي تمت ملاحظة في الانتخابات الماضية، فمثل هذا النقاش الآن وارد ومطلوب ومستحسن ولكن ذلك لا يغلق الباب أمام الحوار أو التمهيد للحوار المستقبلي بين أطراف الساحة السياسية أغلبية ومعارضة.
التواصل: استغربتم، في المعارضة، مطالبة الأغلبية بترشيح الرئيس الغزواني لمأمورية ثانية، وعددتم ما وصفتموها بالأزمات التي تعيشها البلاد في مأموريته، ألا ترون للرجل بعض الحسنات المهمة التي يمكن أن تجعل الأغلبية تدعو له بمأمورية ثانية؟
عبد السلام حرمة: فيما يتعلق باستغرابنا كمعارضة لترشيح الرئيس الحالي لمأمورية ثانية هو استغراب سياسي، حيث نرى أن ما قُدّم من إنجازات خلال المأمورية الماضية لم يصل إلى الحد الأدنى مما تعهد به الرئيس في مأموريته الماضية، وفي العمل السياسي فالرأي العام الوطني ينبغي أن لا يقدم إليه من تعهدات والتزامات إلا ما يمكن أن تنجز أو ينجز جلها، وفي رأينا أن ما تعهد به الرئيس لم يُنجز بحد يسمح سياسيا وأدبيا بأن يطالب بوقت آخر لإنجازه، هذا رأينا كمعارضة، وبما أن رأي الأغلبية لا يلزمنا، فكذلك رأينا قد لا يلزم الأغلبية غير أن هذا هو الرأي الذي نوجهه للرأي العام الوطني كبديل برامجي وبديل سياسي وانتخابي عن الوضع القائم.
طبعا لن نكون ديماغوجيين ولن ننكر أن الفترة الماضية شهدت إنجازات، ولن ننكر أن هناك تهدئة وأن هذه التهدئة كانت لها جوانب إيجابية رغم أنها لم تصل إلى المستوى المطلوب الذي كنا نأمل أن تصل إليه، ولا ننكر أيضا أن بعض الأمور تم التعامل معها بشكل إيجابي في مواجهة الجائحة رغم ما شاب تسيير صندوقها من أمور عليها علامات استفهام ولا ننكر أيضا أننا تجاوزنا صدمات إقليمية قوية في المنطقة، كل هذا لا ننكره لكن دورنا في المعارضة ليس هو تثمين الجوانب الإيجابية للنظام لأن هذا من واجب النظام نفسه أو أجهزة دعايته السياسية والإعلامية، فيما تنحصر مسؤوليتنا في النقد البناء وإظهار جوانب الاختلال والبدائل التي نقدمها كمعارضة.
التواصل: برأيكم ما هي أبرز التحديات التي تعيشها البلاد حاليا وكيف يمكن إيجاد حلول لها ضمن الحوار الشامل الذي طالبتم به وتعهدت به الحكومة قبل فترة؟
عبد السلام حرمة: أهم التحديات التي نرى أن البلاد تواجهها هي مواجهة ملف الفساد، إذ أننا للأسف الشديد لسنا راضين عن معالجة ملف الفساد، لا ملف العشرية ولا التعامل مع الملف بشكل عام، بل نرى أن ظاهرة الفساد قد استشرت وأخذت صنوفا جديدة في عهد هذا النظام، ونحن ننظر بشيء من الريبة في التعاطي مع ملفات الحقوق العامة مثل الحريات وترخيص الأحزاب والتعامل مع الحقوقيين وسجن أصحاب الرأي حيث أن إدارة هذا الملف ليست في المستوى المطلوب بالنسبة لنا ويشكل تحديا مستقبليا للبلاد، خصوصا وأن بعض جوانبه مرتبطة باللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وهناك مشكل آخر مرتبط بحياة الناس المعيشية كغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتغول الليبرالية المتوحشة التي وجدت مساحة للتنفس في هذه الآونة، إضافة للتسيير الغامض للثروات خصوصا الغاز وعدم الشفافية في تسييره وما يدور حوله من نقاش عمومي حيث كنا نتوقع تصديره قبل سنة أو سنتين والأرقام التي قدمت إلينا أحيانا تكون متناقضة وأحيانا تكون غامضة مقارنة مع الأرقام التي يقدمها شريكنا السنغالي في حقل الغاز المشترك.
أيضا هناك ضبابية وعدم ارتياح لما يجري على حدودنا الشرقية وعلى حدودنا الشمالية من زهق لأرواح الموريتانيين تدبير هذا الملف لدينا عليه علامات استفهام ونحن في المعارضة الديمقراطية ننضم إلى الرأي العام وإلى الصحافة والمدونين وإلى المتابعين المحللين المحايدين الذين يرونه بحاجة إلى نقد وبحاجة إلى تقويم.
حوار: أحمد مولاي محمد