مقابلات

ذ/ إبراهيم أبتي لــ”ألتواصل”: “الرئيس السابق لا يواجه تهما تتعلق بصلاحياته الدستورية وإنما الرشوة والثراء الفاحش وتبييض الأموال وعليه أن يبرر مصادر ثروته”

قال منسق فريق الدفاع عن الدولة في ما بات يعرف بملف العشرية إن الخوض في المادة 93 من الدستور ليس مجديا و إنه أضاع الكثير من وقت المحكمة والمحامين، وأضاف أن مجال اهتمام هذه المادة واضح تماما لأنه يتعلق بفترة مأمورية الرئيس ولا صلة لأفعاله المنفصلة عن صلاحياته الدستورية بهذه المادة مشددا على أنه لم يعد رئيسا، وبالتالي فهو لا يحاكم على أفعال تتعلق بصلاحياته ووظيفته كرئيس وإنما يحاكم على أفعال وتهم منفصلة تتعلق بــ”الرشوة والثراء الفاحش وتبييض الأموال” وفق تعبيره

وقال ذ/ أبتي، في حوار مع “التواصل” إن على الرئيس السابق أن يبرر مصدر ثروته التي أعلن عنها بنفسه متسائلا عن مصدر أموال هيئة الرحمة التي تتجاوز 24 مليار أوقية، بحسب منسق فريق الدفاع عن الدولة، الذي تساءل أين أموال هيئة الرحمة الآن؟

ونفى ولد أبتي أن تكون هذه المحاكمة سياسية أو تتعلق بتصفية حسابات مشددا على أنها محكمة حق عام، وفق تعبيره.

وأكد ولد أبتي أن فريق الدفاع عن الدولة يسعى لاستعادة أموال الدولة وحقوقها كاملة وفق القانون.

وهذا نص الحوار:

التواصل: الأستاذ إبراهيم أبتي، بصفتكم منسق فريق الدفاع عن الدولة في محاكمة الرئيس السابق وبعض معاونيه، أين وصلت المحاكمة و هل تتوقعون خروجا وشيكا من دوامة المادة 93 والدفع بعدم اختصاص المحكمة؟

ذ/ إبراهيم أبتي: ما زلنا في دوامة المادة 93 من الدستور، وهي بالنسبة لهيئة الدفاع عن الدولة مادة ليست في محل الدفاع بها لسببين أولهما أن الرئيس السابق لا يحاكم على مدة مأموريته ولا على صلاحيته وأفعاله التي لها صلة بوظائفه كرئيس سابق للجمهورية، فهي مادة تنص على مدة المأمورية وتكون الأفعال لصيقة بالصلاحيات.

وبما أن كل التهم الموجهة للرئيس السابق لا علاقة لها البتة بوظائفه بل تتناول الأعمال والأفعال المنفصلة عن الوظيفة والصلاحيات وبالنتيجة يكون الاستشهاد بها في غير محله وهكذا فالرئيس السابق يحاكم على تهم تتعلق بجميع أشكال الرشوة والثراء الفاحش وهذه مسائل لا علاقة لها بوظائف وصلاحيات رئيس الجمهورية.

ويمكنني القول إن الترافع حول المادة 93 اتسم بالتكرار الممل، وبالنسبة لنا في دفاع الدولة الموريتانية فهذه المادة تتعلق برئيس الجمهورية طيلة مأموريته و وظائفه وصلاحياته الدستورية وكل الأعمال التي لها صلة بوظائفه ومدة مأموريته فهو فيها محل حماية وحصانة ولكن جميع الأفعال المنفصلة عن الوظائف والصلاحيات فالرئيس لا حصانة له فيها كما أن الرئيس لم يعد رئيسا للجمهورية والأفعال المنسوبة له لا صلة لها بوظائف وصلاحيات رئيس الجمهورية لأنها جميعها تتعلق بكافة أشكال الرشوة والثراء الفاحش وهي جرائم نصت عليها الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي نقلتها موريتانيا نصا في تشريعها الداخلي وفي قانون مكافحة الفساد، فهذه النصوص هي التي يُتهم على أساسها الرئيس السابق وعلينا أن نعي، وهذا في غاية الأهمية، أن الرئيس السابق لم يعد رئيسا،

ثانيا إن كل الأفعال المنسوبة له والتي تأسس عليها الاتهام، وبالنتيجة قرار الإحالة الذي أصبح نهائيا، تأسس على أن الأمر يتعلق برئيس سابق، وبأفعال لا صلة لها بمأمورية الرئيس ولا بوظائفه وصلاحياته وهو ما جعلنا نقول إنه لا محل ولا مجال للحديث عن المادة 93 في هذه المحاكمة.

نحن في هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية نعمل من أجل أن نركز على هذه المسائل لأن كل القضايا الأخرى تم تجاوزها مثل الاختصاص وعدم الاختصاص وشرعية الإجراءات من عدمها. وأملنا أن نمكّن المحكمة من أن تكسب وقتها ونكسب نحن كذلك وقتنا لأن المادة 93 لا محل لها من الإعراب في هذه القضية.

التواصل: يُنسب إلى جهة الاتهام أن لديها إثباتات وأن بحوزة الجهات المختصة أموالا معتبرة تشكل اتهامات صريحة للرئيس السابق وبعض معاونيه بالإثراء غير المشروع، ما مدى صحة ذلك؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه شائعات؟

ذ/ إبراهيم أبتي: نحن في هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية نستنتج الضرر الذي لحق بالدولة ماديا وفي سمعتها ومكانتها باستعمالها للثراء، فالأدلة متوفرة وعندما يحين وقت نقاشها أمام المحكمة باستجواب المتهم الرئيسي وبقية المشمولين في الملف سيتم القيام بغربلة عناصر الإثبات واحدا واحدا بما فيها تلك المتعلقة بالعقارات وبالصفقات سواء كان الأمر يتعلق بالطاقة أو بشركة اسنيم أو بخيرية اسنيم أو بالمنطقة الحرة، ففي كل هذه المسائل سنعمل على تقديم الأدلة المتوفرة لدينا، إلى جانب النيابة، التي تثبت الأفعال ونستخلص منها الضرر وطلب التعويض عن تلك الأفعال.

التواصل: ماذا لو كانت مصادر ثروة الرئيس السابق مشروعة؟ كأن تكون هبات غير مشروطة من جهات خارجية وداخلية كرؤساء وأمراء بعض الدول ورجال أعمال وغير ذلك؟ أم أن القانون يمنع الرئيس من تقبل هبات كهذه ؟

ذ/ إبراهيم أبتي: قانون الشفافية بالنسبة لجميع الموظفين مبني على قاعدتين أساسيتين، أولاهما أن يصرح الموظف، مهما كانت وظيفته ومنصبه الجديد، رئيسا أو وزيرا أو أمينا عاما أو مديرا، بجميع ممتلكاته وقت إسناد المهام أو المأمورية الجديدة له، وعندما تنتهي تلك المهام أو المأمورية يصرح كذلك بممتلكاته، وعندما يوجد فرق في الممتلكات فإن قانون مكافحة الفساد يحمله عبء إثبات مصدر هذا الثراء لأنه هو المطالب بتبرير مصادر هذا الثراء، والمحكمة، وعلى أساس العناصر المقدمة لها وعلى أساس تصريحاته وكل القرائن التي ستحصل عليها، ستصدر حكمها وسيكون وفق معايير دقيقة وواضحة لأن الثراء موجود

تصوروا معي أن الرئيس السابق صرح، عند بداية مأموريته، أنه لا يملك إلا حفارة، ثم يصرح بعد نهاية مأموريته بأنه ثري ويصرح كذلك بأنه لم يأخذ من راتبه فلسا واحدا؟ّ فمن أين له كل هذه الثروة الفاحشة التي يصرح بها، وقد تم فعلا حجز الكثير من هذه الممتلكات ولكن تكفي تصريحاته هو بالمقارنة مع ما وُجد من ثروات.

التواصل: ماذا لو قررت المحكمة عدم اختصاصها، هل سيتم تفعيل محكمة العدل السامية مثلا؟

ذ/ إبراهيم أبتي: لا أعتقد أن افتراض تصريح المحكمة بعدم اختصاصها في هذا الملف وارد، فكل المؤشرات وكل العناصر والقرائن وجميع النصوص القانونية ذات الصلة تؤكد اختصاص المحكمة الخاصة بمكافحة الفساد و لا مجال للمحكمة السامية لأن الأفعال التي تم على أساسها اتهام الرئيس السابق لا صلة لها باختصاص المحكمة السامية لأنها أفعال منفصلة عن الوظيفة والصلاحيات وقد تم اقترافها وهي التي بموجبها تم اقتياده وتمت متابعته ويوجد اليوم في قفص الاتهام بسبب تلك الأفعال المنفصلة عن الوظائف إذ أن الرئيس ، أيا كان، حدد الدستور وظائفه ومهامه، وإن مارس أعمالا خارجة عن تلك الوظائف والمهام المحددة دستوريا فتتم محاكمته من طرف القضاء العادي كأي مواطن عادي.

التواصل: يؤكد الرئيس السابق وأنصاره أن هذه المحاكمة سياسية بامتياز، وهدفها هو منعه من ممارسة العمل السياسي، فضلا عن اتهامهم لبعض النواب السابقين والوزراء الحاليين بالوقوف وراء ما يسمونه بفبركة ملف الاتهام في إطار تصفية الحسابات معه، ماذا ترون انتم من خلال دراستكم للملف من الناحية القانونية؟

ذ/ إبراهيم أبتي: من تابع مجريات المحاكمة ونوع التهم الموجهة والتي تتعلق جميعها بجميع أشكال الرشوة والثراء الفاحش وتبييض الأموال يدرك أن لا علاقة لها إطلاقا بالسياسة.

تتذكرون أن هناك جمعية خيرية تسمى جمعية الرحمة أنشأها الابن المتوفى للرئيس السابق وعندما تم النداء عليها والرئيس السابق في قفص الاتهام في المحكمة رفع يده وقال إنه يمثلها. وحتى تسيير هذه الجمعية ورد أن الأموال التي حصلت عليها تتجاوز 24 مليارا، والسؤال المطروح هنا هو من أين حصلت هذه الجمعية على 24 مليارا وكيف حصلت عليها؟ّ! وأين هذه الــ 24 مليارا؟ لا شك أن الرئيس السابق مطالب بالإجابة على هذا السؤال.

وهكذا فهذه التهم لا طعم للسياسة فيها، نحن نعرف المحاكمات السياسية وأدرنا الكثير منها في هذا البلد ولكن هذه المحاكمة هي محاكمة حق عام لا صلة للسياسة بها. أما فيما يتعلق بأن يكون له خصوم فكل ما يهمنا هو ما يجري في المحاكمة شأنه و شأن من يروج بأن له خصوما سياسيين وما إلى ذلك، بالنسبة لنا فالرئيس السابق في قفص الاتهام، ويواجه اتهامات بجميع أشكال الرشوة والثراء الفاحش وتبييض الأموال، وهذه هي التهم الأساسية الموجهة له والتي عليه أن يرد عليها إن هو أراد ذلك، ونحن نستخلص من البحث ومن الاستجوابات ومن كل العناصر المتوفرة، كل الأدلة لإثبات الضرر الذي أصاب الدولة الموريتانية ونعمل على استرجاع كل الأموال التي تم تحصيلها باستعمال جاه واسم ومكانة  الدولة الموريتانية وهذا هو الجوهر الحقيقي لهذه القضية وعلينا أن نعي أن العمل ينصب على هذه النقاط.

فعلا هناك كثيرون تضرروا في فترة حكم الرئيس السابق ولكن لا علاقة لهم بهذا الملف لأن المحكمة ليست محكمة تصفية حسابات كما يدعيه البعض، فهي محاكمة حق عام لرجل ومتهمين معه بسبب جميع أشكال الرشوة والثراء الفاحش وتبييض الأموال وليست محاكمة سياسية ولا محاكمة لتصفية الحسابات، بل واضح جدا أنها محاكمة حق عام ومن حق كل أحد أن يقول ما يشاء.

حوار: أحمد مولاي محمد

زر الذهاب إلى الأعلى