مقابلاتأخبار وطنية

الوزير السابق سيد أحمد ولد الدي: كان رئيس الجمهورية يتقاضى 70 ألف أوقية شهريا والوزير 51 ألف أوقية

– لا غنى عن وجود المعارضة لأن طغيان طيف سياسي واحد مؤيد لا يتيح المجال لإظهار مكامن الخلل 

أجرت يومية الشعب مقابلة مع الوزير والسفير الأسبق السيد سيد أحمد ولد الدي تناولت مرحلة ـاسيس الدولة الموريتانية الحديثة وكيف كان الرئيس المؤسس يتعاطى مع وزرائه وكيف كان كل هم اعضاء الحكومة منصب في بناء الوطن الناشئ ولم يكن لديهم تفكير في المكاسب المالية بدليل رواتبهم المتواضعة إلى جانب تواضع راتب رئيس الجمهورية نفسه.

ولأهمية ما تناولته هذه المقابلة تعيد “التواصل” نشرها من لقرائها الكرام:

الحديث مع شخصية وطنية سياسية وثقافية في مستوى الوزير والسفير السابق السيد سيد أحمد ولد الدي يأخذك بعيدا في عوالم السياسة والثقافة والاقتصاد والتنمية وهموم الوطن والمواطن وغيرها من المواضيع الشيقة، وهو حديث ذو شجون مع دبلوماسي محنك ومثقف كبير من أبرز دبلوماسيي ومثقفي جيله، لكن وقار الرجل وسكينته، إلى جانب الحيز المتاح، يفرضان عليك التقيد بعدد محدود من المواضيع وعدد أقل من الأسئلة، ونتمنى أن نكون قد وفقنا في تناول قضايا تهم الرأي العام وخصوصا تلك المواضيع ذات الصلة بحدث الاستقلال الوطني وبعملية التنمية الشاملة

يومية “الشعب” حاورت الوزير والسفير السابق حول مختلف تلك المواضيع فكان الحوار التالي:

– أين كنتم غداة إعلان الاستقلال؟

سيد احمد الدي: غداة الاستقلال عام 1960 كنت شابا يافعا في التاسعة عشر من العمر ولم أكن منخرطا في أي عمل سياسي أو اجتماعي لذلك يمكنني القول إنني كنت خارج دائرة الحدث يومها حيث كان جل اهتمامي هو مواصلة دراستي. وذلك رغم أنني مارست العمل وأنا في سن مبكرة، حيث عدت  من تونس عام 1968 بعد دراستي هناك، وبعد ذلك بوقت وجيز تقلدت وظائف مختلفة مثل إدارة مدرسة المعلمين وتقلدت منصب وزير وكنت بذلك أحدث الوزراء سنا في تلك الفترة، حيث تقلدت منصب وزير الشباب لتصبح الوزارة لاحقا وزارة الثقافة والشباب والرياضة ثم ليتحول قطاع الشباب بعد ذلك إلى مفوضية خاصة، وبقيت وزيرا للثقافة حتى تاريخ الانقلاب على نظام الرئيس الراحل المرحوم المختار ولد داداه في يوليو 1978.

– كيف استقبلتم، وأنتم شاب يافع في تلك المرحلة، حدث إعلان الاستقلال الوطني؟

سيد احمد الدي: كنا قبل الاستقلال وتحديدا أواخر الخمسينيات، وخاصة غالبية سكان الشمال وغيرهم، كنا نعتقد أن موريتانيا لا يمكن أن تقوم بذاتها وتصبح دولة مستقلة وذلك بفعل تضافر عوامل عدة كقلة الأطر في الدولة وضعف الإمكانيات التي تمكن الدولة من فرض وجودها وهيبتها على الجميع، ثم التناقض الطبيعي القائم آنذاك بين مختلف مكونات المجتمع الموريتاني، حيث كان ثمة من يسعى للانضمام لفيدرالية مالي وهناك من يريد الانضمام إلى المغرب أو تشكيل حكم فيدرالي معه، إلى غير ذلك، إلا أن ذلك كله لم يستمر طويلا عقب قيام الدولة عمليا غداة إعلان الاستقلال حيث بدأ التكاتف والتركيز على رفع التحديات ومواجهة الصعوبات لبناء الدولة الناشئة كدولة مستقلة ذات سيادة خاصة وأنها أنـشئت من العدم بإرادة من الرئيس المرحوم المختار ولد داداه الذي فرض إقامة الدولة من العدم. ولكن بعد الاستقلال مباشرة بدأ الجميع يعمل يدا بيد للنهوض بهذا الكيان الناشئ، وكنت بعد الاستقلال بسنتين أي عام 1962 قد توجهت إلى تونس للدراسة هناك لأعود عام 1968 حيث كان عمر الدولة آنذاك ثمان سنوات، لكن الجميع بدأ يستشعر حقيقة وجود دولة وأنها أصبحت أمرا واقعا بالفعل.

وكان الجميع يعتبرون أنفسهم جنودا أوفياء في خدمة الدولة، ولا نتطلع إلى المال ولا الاعتمادات لأن الجميع سواسية. بل كان كل اهتمامنا ينصب على المساهمة بإخلاص في بناء موريتانيا الحديثة ونهضتها وتنميتها. وتحولت البلاد إلى ورشة ساهم فيها الجميع عبر العمل الجاد كل من موقعه.

وبعد رجوعي من تونس تم تعييني مساعدا لمدير التعليم الثانوي لمدة سنة، ليتم تحويلي بعد ذلك إلى ثانوية لكوارب كمدير لها سنة 1969 و 1970 ليتم تحويلي إلى مدرسة المعلمين التي أمضيت فيها خمس سنوات وعقب ذلك دخلت الحكومة وزيرا للثقافة عام 1975 وحتى الانقلاب عام 1978. بعد ذلك أمضيت فترة قصيرة دون عمل قبل أن ألتحق بالقطاع الخاص ثم أنشأت المكتبة الإسلامية في نواكشوط مع مجموعة من رجال الأعمال، ثم التحقت بمنظمة العمل العربي كمدير عام مساعد لها مرشحا من طرف رجال الأعمال الموريتانيين حيث أمضيت هناك خمس سنوات        

– كيف كانت الأجواء العامة وأبرز مظاهر الاحتفاء في البلد غداة إعلان الاستقلال؟

سيد احمد الدي: كماقلتلكمنحن في الشمال لم نكن مقتنعين بإمكانية استقلال الدولة ووقوفها على قدميها للعوامل التي ذكرت سابقا. وكان التوجه الأغلب هناك نحو الانضمام إلى المغرب أو تشكيل فيدرالية معه أو نحو ذلك بحكم التقارب الجغرافي وعوامل التداخل معه و لأننا كذلك كنا على قناعة بأن إعلان الاستقلال لم يكن ممكنا لأن عوامل قيام الدولة من وجود إمكانيات اقتصادية وأطر وطنية لم تكن متوفرة ساعتها وبالتالي لم يكن ثمة احتفاء بإعلان الاستقلال وإنما ترقب لما بعد الإعلان، لكن الأمر لم يستمر طويلا حيث انسجم الجميع وشرع في الإسهام الجاد في بناء الدولة الناشئة بكل تفان وإخلاص بمجرد إرساء أولى مؤسسات الدولة الحديثة.

– متى تقلدتم حقيبة وزير في الحكومة الموريتانية؟

سيد احمد الدي: في أغسطس عام 1975  تم تعييني في الحكومة وزيرا للشباب والرياضة قبل أن يتم إلحاق قطاع الثقافة بهذه الوزارة لتصبح وزارة الثقافة والشباب والرياضة ثم انفصل قطاع الشباب ليصبح مفوضية مستقلة مسؤولها الأول بمرتبة وزير ويشارك في اجتماعات الحكومة، وهكذا بقيت وزيرا للثقافة حتى الانقلاب عام 1978.

– كيف كانت دورية اجتماعات الحكومة، وكيف كان الرئيس الراحل المختار ولد داداه، رحمه الله، يتعاطى مع أعضاء حكومته ؟

سيد احمد الدي: الرئيس المختار، رحمه الله،كان ديمقراطيا بطبيعته، وخلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة كل يوم خميس، كان يتم تداول مختلف القضايا من طرف أعضاء الحكومة وتُشبع نقاشا، وحين يتبنى الرئيس فكرة أو موقفا ويتحمس لهما ثم يجد أن لأغلب أعضاء حكومته رأي مغاير يعود عن رأيه أو موقفه وينزل على رأي أعضاء حكومته بكل روح رياضية، وكانت اجتماعات مجلس الوزراء تبدأ في الصباح وتستمر حتى الساعة الواحدة زوالا ثم تستأنف عند الساعة الثالثة بعد الظهر وتستمر حتى منتصف الليل أو الواحدة صباحا، حيث تتم مناقشة كل ملف على حدة بشكل معمق من طرف كافة أعضاء الحكومة حتى يتبلور الصواب من خلال الاستفاضة في نقاش تلك الملفات ولم تكن هناك قرارات يتم تبنيها بشكل مسبق. وهناك مسألة أخرى وهي أن الوزراء كانوا وزراء بما تحمل الكلمة من معنى حيث يتحلون بالمسؤولية ويتحملونها بالكامل وكان همهم الأول هو تنمية البلد وخدمته وسمعته الداخلية والخارجية، وكان الوزير يتحمل مسؤولية التعيينات والترقيات في وزارته بمعنى أنه كان هو المسؤول عن قطاعه بشكل تام ولكن تتم إقالته إذا ارتكب مخالفة تستوجب الإقالة.

– على أي أساس، وفق تجربتكم، كان يتم تعيين الوزراء وكبار المسؤولين آنذاك؟

سيد احمد ولد الدي: أعتقد أن التجربة والنضج والشهادة هي المعايير الأساسية للتعيين، حيث كان هناك وزراء إداريون تكونوا سنة واحدة في المعهد الفرنسي لما وراء البحار ومن بين قادة البلد آنذاك مجموعة تلقت تكوينا سريعا لمدة سنة دراسية في هذا المعهد مثل الوزير أحمد ولد محمد صالح  وغيره من رفاقه الذين قامت الدولة على أيديهم

وأتذكر في هذا الصدد استدعاء الرئيس المرحوم المختار لي لتكليفي بحقيبة وزارية حيث اعتذرت له وتحججت بعامل السن وبرغبتي في الاستزادة من التحصيل الدراسي والتكوين، فرد علي، رحمه الله، بالمثل الحساني المشهور: “نحن نأكل قمحنا ربيعا” واستطرد: ” نرجو من كل من يستطيع مساعدتنا في هذا الجهد أن لا يبخل علينا بذلك”. ولم يكن الوزراء ساعتها يبحثون عن المال ولا المادة وكان بناء البلد يشكل الهاجس والأولوية بالنسبة لهم بما في ذلك تكوين الأطر وإعطاء البلاد سمعة تليق بها في الداخل وفي الخارج.

– كم كان يتقاضى أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين كرواتب شهرية في تلك الفترة؟

سيد احمد ولد الدي: في تلك الفترة كان الوزير يتقاضى 51 ألف أوقية شهريا ومن كان من الوزراء يقيم في منزله يستفيد من مبلغ 20 ألف أوقية إضافية كبدل سكن، وشخصيا كنت أتقاضى 51 ألف أوقية فقط لأنني كنت أقيم في منزل يتبع للدولة  وبالتالي فلم أكن من أعضاء الحكومة الذين استفادوا من علاوة السكن آنذاك. إلا أن الروح الاستهلاكية وطغيان المادة التي يعرفها مجتمعنا اليوم لم تكن معروفة ساعتها، لذلك كان الجميع يعمل بارتياح وما يهمه بالأساس هو الإسهام الايجابي والفعال في بناء بلده كل من موقعه.

وأذكر أنهم كانوا يقولون ساعتها إن أعلى راتب في البلد كله هو 110 آلاف أوقية كان يتقاضاها مدير الخطوط الجوية الموريتانية فيما كان رئيس الجمهورية يتقاضى 70 ألف أوقية كراتب شهري.

– ما هي أبرز التحديات السياسية والاقتصادية التي واجهتها الدولة الناشئة آنذاك وخاصة فيما يتعلق بمحدودية موارد الدولة ؟

سيد احمد ولد الدي: عند الاستقلال وحتى سنتين بعد ذلك كانت فرنسا تتبرع بنسبة تقارب 60% من ميزانية الدولة آنذاك، فيما تتم تكملة بقية الميزانية من موارد الدولة المتاحة يومها، إلا أنه وبعد سنتين قرر الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله التخلي عن تلك الهبة الفرنسية والاعتماد كليا على موارد البلاد المتاحة، وبالتالي كنا نعتمد سياسة غاية في التقشف مع أن الروح الاستهلاكية السائدة اليوم، كما أسلفت،  لم تكن معروفة ساعتها في المجتمع، ولعل رواتب الوزراء وكبار المسؤولين في ذلك الوقت تعكس سياسة التقشف التي اعتمدتها الحكومة لمواجهة ندرة الموارد المتاحة. إلا أن الجميع لم يكن يهتم إلا ببناء الدولة وبنهضتها ولم يكن ثمة من يفكر في بناء ذاته على حساب بناء الوطن وفي الأمور العامة.

– ما هي قراءتكم، كوزير وسفير سابق، للوضعية السياسية والاقتصادية التي يشهدها البلد في الوقت الراهن ؟

سيد احمد ولد الدي: بلدنا كانيعاني من الحكم الأحادي، وقد انعكست أحادية الحكم على جميع الميادين، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وقد أثرى بعض الأشخاص المقربين من دائرة الحكم فيما استشرى الفقر في الأغلبية الساحقة من المجتمع، وأصبح الموظف المسكين براتبه المحدود لا يستطيع إعالة أسرته لأيام قليلة في الشهر بهذا الراتب الزهيد، وهو ما أرغمه على البحث عن فرصة عمل أخرى لتمكنه من تلبية الحد الأدنى من احتياجاته الأساسية، فإما أن يغادر العمل لساعات من الدوام الرسمي من أجل عمل إضافي وإما أن يواصل العمل بعد الدوام مع ما يترتب على ذلك من إجهاد وتعب شديدين، أو يلجأ إلى التخلي عن القيم والأخلاق من أجل تلبية تلك الاحتياجات الأساسية، وفي الواقع يمكن القول إن البلد عاني من هذه المشكلة في السنوات الأخيرة معاناة كبيرة. وأملنا كبير في أن يغير النهج الجديد من المسلكيات والواقع الصعب تغييرا جذريا في سبيل حصول كل مواطن على نصيبه من ثروات بلده وأن ينعكس ذلك على الظروف المعيشية للمواطنين في كل مكان، خاصة وأن بلدنا غني بثرواته إلا أننا وكما يقولون “بلد غني وشعب فقير” حيث لم تنعكس كل الثروات الهائلة للبلد على مواطنيه وهو أمر يعود لأسباب مختلفة بينها غياب خطط تنموية تمكن من تحقيق هذا الهدف، حيث نجد في الدول ذات الإمكانات الكبيرة أن المواطنين العاطلين عن العمل أو العاجزين لأسباب مختلفة بما في ذلك الفقر، يتلقون رواتب من الدولة، وتمكينهم من الحد الأدنى الذي يضمن لهم حياة أفضل، صحيح أن غالبية سكان البلد يوجدون في وضعية غير مريحة ومن الصعب أن يستفيدوا جميعا وفي وقت واحد من سياسات دعم من هذا القبيل إلا أنه حين يتم اعتماد آليات تسيير نزيهة وشفافة للموارد الهائلة للبلد فإننا ساعتها سنجد جميع مواطنينا يعيشون وضعية أفضل خاصة وأننا مقبلون على استغلال ثرواتنا من الغاز الطبيعي في وقت قريب وهو ما سيضاعف من الإمكانات المتاحة لتوفير حياة معيشية أفضل لمواطني بلدنا من مختلف المستويات، حيث يقال إن موريتانيا ستصبح ثامن أو تاسع أكبر دولة مصدرة للغاز في العالم وذلك مع تعداد السكان القليل الذي تقابله ثروات هائلة تتوفر عليها بلادنا. لذلك أؤكد أننا حين نعتمد سياسات تسييرية عقلانية وتوجيه الموارد وجهتها الصحيحة فإننا بالطبع سنصبح بلدا غنيا وسينعكس ذلك على المستوى المعيشي للمواطنين ونتوقع بحول الله دخول البلاد مراحل جديدة واعدة.

– لنفترض أن صناع القرار طلبوا منكم تصورا لآلية التعاطي الأنجع مع المعارضة والتشكيلات السياسية المختلفة، بم تجيبونهم ؟

سيد أحمد ولد الدي: أعتقد أن السياسة التي ينتهجها رئيس الجمهورية في الوقت الراهن والتي يميزها الانفتاح على مختلف ألوان الطيف السياسي، أعتقد أنها سياسة مفيدة جدا ومن المهم أن يواصلها ويعمقها، ومن ذلك مثلا إشراكه لرموز المعارضة في افتتاح فعاليات مهرجان المدن القديمة في مدينة شنقيط قبل أيام، وجلوس هؤلاء الرموز إلى جانبه على المنصة الرسمية، يبشر بوجود انفتاح حقيقي وبجو جديد من التفاهم والانسجام. فالمعارضة حقيقة لا غنى عن وجودها لأن طغيان طيف سياسي واحد مؤيد لا يتيح المجال لإظهار مكامن الخلل والنصح السديد لمصلحة الوطن والشعب، واعتبار المعارضة وحشا كاسرا يجب القضاء عليه فقط هي نظرة غير سليمة وغير موضوعية، وبالتالي فالمعارضة المسؤولة التي تشارك في القرارات ويعتمد رأيها، تظل معارضة إلا أن إشراكها والتشاور معها مهم جدا ويضمن الاستقرار السياسي والهدوء وبالتالي فأي مجهود تنموي لا بد له من حد أدنى من الاستقرار السياسي.

– ماذا تقترحون بخصوص تسيير موارد الدولة وثرواتها الطبيعية لضمان استفادة الشعب الموريتاني من ثرواته خاصة وأن عدد السكان لا يتجاوز 4 ملايين نسمة ويمتلك ثروات هائلة ومتنوعة؟

سيد احمد ولد الدي: حين نجنب ثرواتنا سياسات النهب والاختلاس فإنها بطبيعة الحال ستفيد الشعب وتنعكس على المجتمع، ذلك أن تكديس الثروات في حد ذاته لا معنى له، لذلك لا بد أن تكون هذه الثروات في خدمة المواطنين، وكما قلت أنت، فنحن شعب قليل وثرواتنا هائلة ومتنوعة، ومن غير المعقول والحال هذه أن تكون نسبة 60% منا تحت خط الفقر، أي أنها لا تجد يوميا ما يسد احتياجاتها الأساسية، ونحن بلد غني، إذن لا بد من إعادة التفكير في هذه الوضعية، أي إعادة توزيع الثروة، ولا يعني ذلك بالطبع تبديدها ولكن لا بد أن تنعكس هذه الثروات على الظروف المعيشية للمواطنين وذلك عبر تحسين الوسائل العمومية كالتعليم والصحة والولوج إلى الخدمات العمومية كالماء والكهرباء والسكن والنقل وغير ذلك، وبذل مجهود أكبر في مكافحة الفقر وهو ما يتطلب تبني آليات ووسائل ناجعة اعتمادا على خبراء واختصاصيين في محاربة الفقر حتى تؤتي العملية أكلها ونتمكن بالفعل من القضاء على الفقر اعتمادا على التسيير السليم لثرواتنا الهائلة وتبني سياسات ناجعة في هذا المجال، وترتكز سياسات محاربة الفقر على الجوانب الاجتماعية وعلى النهوض بالمجموعات الهشة والأكثر فقرا. وفي هذا الصدد دائما يستحسن خلق فرص عمل ومشاريع مدرة للدخل لإشراك الفقراء في عملية التنمية الشاملة من خلال العمل. وسيتم ذلك فقط حين نجد رجالا يؤمنون بعملية النهوض بالبلد وبرفاهية شعبه من خلال التسيير السليم لثرواته، مع أن الرواتب الحالية للموظفين لا تعصمهم من إغراءات الفساد.

– هل من كلمة أو تهنئة توجهونها لقراء جريدة الشعب خاصة وللشعب الموريتاني عامة بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني؟

سيد أحمد ولد الدي: أولا أهنئ قراء جريدة “الشعب” على وجه الخصوص والشعب الموريتاني عامة بمناسبة هذا العيدوأطلب منهم أن يسمحوا لنا كما أطلب دعواتهم الصالحة، وأطلب من جميع المواطنين أن لا يترددوا في خدمة بلدهم كل من الموقع الذي يمكن أن يخدمه منه، إذ بمقدور كل مواطن أن يخدم هذا البلد بطريقة أو بأخرى من موقعه، ولا ينقصنا سوى تكاتف الجهود لخدمة وطننا لأن ذلك يعني خدمة ذواتنا وأهلنا ومجتمعنا ولأنه بدون بذل أي مجهود فلا يمكن أن نتوقع أي مردود إيجابي علينا وعلى الوطن لأن القاعدة تقول إن “السماء لا تمطر ذهبا”، ولذلك أطالب الجميع بالعمل وبذل الجهد الذي يضمن تحقيق تطلعاتنا كمواطنين ووطن.

شكرا جزيلا معالي الوزير والسفير السابق.

أجرى الحوار: أحمد ولد مولاي امحمد

جريدة الشعب الصادرة في 28 نوفمبر 2019

زر الذهاب إلى الأعلى