التيار الصدري وكارت العودة إلى الحياة السياسية
محمد حسن الساعدي – العراق
مع ذهاب الصدر إلى التغيير الرابع لاسم تياره والذي آخره “التيار الوطني الشيعي” فقد اقترب كثيراً من محاولة تغيير إيديولوجية المشاركة القادمة في السلطة وهذه المرة تعتمد على أساس النفوذ والقوة وضرب الآخرين دون هوادة، وكانت مقدمات هذه الحركة هو نعت الآخرين “بالأحزاب الفاسدة “والسعي الجاد من اجل التقرب من الأحزاب والتيارات الأخرى التي ربما تختلف مع الإطار الشيعي وتسعى إلى إزاحته من السلطة.
التطورات المهمة والخطوات التي يقوم بها التيار الصدري تشير بصورة واضحة إلى احتمالية عودته إلى السياسة، ما يفتح المجال واسعاً أمام النوايا التي تقف خلفها هذه العودة، حيث يرى مراقبون مختصون بالشأن السياسي العراقي أن عودة الصدريين قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المشهد السياسي الذي نراه اليوم، إذ أن الصدر يضفي الشرعية على حقه في تمثيل الشيعة واعتماده على أنصاره ولكن الأرقام تشير بحسب المفوضية العليا للانتخابات أن التيار الصدري يمتلك 18% من أصوات الشيعة في العراق.
يرى المراقبون أن هناك سيناريوهات محتملة لعودة الصدريين إلى المشهد السياسي يتمثل بـ:
1) تشكيل تحالف ثلاثي مماثل لتحالف 2021 والذي ضم (الصدر- الحلبوسي- البارزاني) والذي لم يستطع الذهاب نحو تشكيل الحكومة، وانسحاب العديد من أنصار الحلبوسي والذين اتهموه بتغليب مصالحه على مصالح العرب السنة، في حين أن البعض الآخر من القوى السنية غير راض بالتحالف مع الصدر، ويعدونه خروجا من الثوب السني والتحرك تحت عباءة الصدر.
2) يسعى الصدر لاستمالة المستقلين،عبر تأمين أغلبية انتخابية منهم، ويسعى الصدر إلى الحصول على 100 مقعد في البرلمان في الانتخابات القادمة وتشكيل تحالف استراتيجي مع المستقلين والليبراليين لتشكيل حكومة لصالحه، حيث حقق المستقلون نجاحاً مهماً عبر حصولهم على 40 مقعداً من أصل 329، ما يعني أن هذا السيناريو ممكن التحقيق، خصوصاً بعد حصول امتداد على 9 مقاعد وحالة الإحباط لدى الناخبين أمام الأحزاب التقليدية.
3) في حالة عدم فوز الصدر في الانتخابات فهناك احتمال أن يحتمي بالشارع عبر التظاهرات والمواجهة المباشرة مع الإطار التنسيقي، ما يعني أن المشهد السياسي قد يتأزم أكثر من السابق، خصوصاً وأن من المرجح عدم تخلي الصدريين عن الساحة السياسية التي يعتقدون أنها غطاء لحمايتهم من أي ملاحقة قانونية، فلن يتخلى الصدريون عن وجودهم في الساحة السياسية إذا ما واجهوا أي تراجع لهم في تشرين من العام المقبل، فيسعون جاهدين إلى ترسيخ وجودهم السياسي وهذه المرة إلى الاحتجاجات والتي دفعته على أثر الخسائر إلى الانسحاب السريع من المنطقة الخضراء وسط بغداد .
4) ربما يلجأ التيار الصدري إلى التقرب أو التقارب مع دولة القانون عبر التحالف بينهما في الانتخابات القادمة، خصوصاً بعد تلميحات رئيس دولة القانون نوري المالكي بأن “لا مشكلة لي مع التيار الصدري أو الصدر نفسه ومستعد لفتح صفحة جديدة في العلاقات”، لأن العلاقة بينهما وحجم الخلاف يؤثر تأثيراً سلبياً على العملية السياسية في البلاد، ومع سعي المالكي إلى صياغة تعديلات من شانها تقليص حظوظ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الولاية الثانية، إذ تشير التقارير أن هناك مباحثات سرية تجري بين الطرفين من أجل إيجاد أرضية مناسبة لذلك.
هذا التحالف قد يواجه عددا من العراقيل، خصوصاً وأنه بعيد عن الواقع تماماً،إذ أن الصدر لا يمتلك الوسائل الضرورية للحكم وبشكل مستقل، لذلك ربما يلجأ الصدر إلى الذهاب نحو قائمة محمد شياع السوداني للتحالف معها في الانتخابات القادمة، والذي بدأت شعبيته تتزايد في المجتمع العراقي والذي هو الآخر يجد ضالته واحتياجاته فيه.
الانتخابات القادمة قد تشهد متغيرات مهمة على الساحة السياسية والانتخابية بصورة عامة، وقد تكون تحمل الكثير من المفاجأة سواءً على المستوى الانتخابي أو التحالفات بين القوى السياسية ولكن يمكن القول إن هناك تراجعاً سيطرأ على بعض القوى المهمة داخل المكونات بسبب دخول قوى جديدة مثل كتلة السيد السوداني والتي بالتأكيد ستأكل من أصوات القوى الشيعية داخل الإطار التنسيقي أو خارجه، بالإضافة إلى المتغيرات في قناعة الجمهور وصعود حظوظ السوداني والتي تجعله يتصدر المشهد القادم.