الأصابع القذرة

الغدر الغش الخداع الخيانة صفات مذمومة حرمها الإسلام ولا ينبغي أن يكون لها موطئ قدم في مجتمع مسلم كمجتمعنا ، لكن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا إيمان لمن لا أمانة له ) .
وأعتقد أنه لكي نجعل من خوفنا أمنا ومن ذلنا مناعة و من وهننا قوة فعلينا أن نحارب أكلة المال العام الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وأن نوقف الذين تدفعهم الشراهة في الأكل والسلطة والجاه والزعامات الجوفاء إلى التلاعب بمكاسب وطنهم . و للحد من تلك التصرفات على اولي الأمر أن يبتروا تلك الأصابع التي تختلس المال العام ، كما عليهم أن يبتروا ألسنة و أصابع من ينشرون الشائعات الكاذبة وينسجون الأراجيف ، ومن الضروري أن نذكر بقوله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) النساء 58 وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) ولكي تتحقق الفضيلة و نبني مجتمعا عزيز النفس تشترى صداقته ويخشى بأسه ونوفر له ما يسد حاجته من المال ونرسم لاجيالنا حياة لا بؤس فيها ولا شقاء ولا تخلف ينبغي أن نحارب تلك الأصابع القذرة التي تغش الناس وتستهين بخيرات شعبنا مع ما ينتج عن ذلك من بؤس وحرمان للافواه الفاغرة والبطون الخاوية مما يجعل من المجتمع مجتمعا متخلفا فكل غش أو تقصير في الإنتاج سيترتب عليها ضرر بالنسبة للجماعة أما من يرتكب جريمة الغش فأقل ما يمكن أن يقال عنه أنه شخص يستهين ويسخر من إخوانه والغريب أنك ترى بعض الناس معجبون بمن يغشهم ويخدعهم ويضحك عليهم .
اخي القارئ أختي القارئة إذا أحببت أن ابسط في هذا الميدان وجدت مجال القول متسعا ولكن غايتي هي التنبيه فقط إلى ضرورة اجتثاث منابت الفساد المالي والمحافظة على المال بوصفه يعتبر نعمة وقوام للحياة ومحركها فعن طريقه تنجز المشاريع وتقام المؤسسات .فنوفر بواسطته الحياة السعيدة للفرد والجماعة وقد اعتبره الإسلام نعمة يجب أن يحسن الإنسان استغلالها والتصرف فيها ومن هذا المنطلق تتبين خطورة النهم المادي الذي يسببه من يغتنمون بعض المسؤوليات المنوطة بهم وياكلون المال العام كما تاكل النار الحطب وهو أمر يحرمه الإسلام وتشذبه الضمائر الحية فبفعلهم ذاك يكذبون على الناس ويخادعونهم ويلقون بأنفسهم في التهلكة وفي ذلك خيانة للأمانة ولا يخون الأمانة إلا فاقد الضمير وإذا فقد الإنسان ضميره استوت عنده السيئة بالحسنة وعندئذ لن يتورع عن ارتكاب أي خطيئة من شأنها المس بمصلحة الفرد أو الجماعة .
ورحم الله الفاروق عمر/ الخطاب الذي كان يتحسس أخبار موظفي الإدارة الإسلامية وتصرفاتهم المالية فنراه يسارع إلى محاسبة الصحابي أبا هريرة رضي الله عنه لما انتهت مهمته الادارية ويقاسمه أمواله ويضيف ما صادره منه إلى بيت مال المسلمين ومن حسن التصرف المالي المنسوب إليه رفضه شراء عكة سمن للبيع معروضة عام الرمادة في سوق المدينة المنورة وأقسم أن لا يذوق سمنا حتى يكون في متناول أي فرد من أفراد المجتمع .
ولست ابالغ إذا قلت إن الأمة لن تزدهر حياتها ولن تقوى شوكتها حتى تحسن التصرف في أموالها وتقضي على كل أنواع الفساد الإداري والمالي والاجتماعي وتراقب الجميع وتسهر على تطبيق واحترام التزاماتها وتعهداتها ” ألا هل بلغت اللهم فاشهد “
بقلم الاستاذ:
محمد عبدو الله/حمَّن سالم