سوق مسجد المغرب  في نواكشوط:  تعايش الإنسان و البهائم والقمامة  

سبت, 18/04/2020 - 23:18

يعتبر سوق مسجد المغرب المعروف شعبيا باسم "مرصت أمسيد المغرب" من أكبر أسواق المواد الغذائية خاصة الخضروات و الفواكه، بل هو مصدر تزويد السوق الوطني بهذه المواد الغذائية الاستهلاكية والتي لا تخلو منها مائدة بالإضافة إلى كونه محطة استيراد المواد القادمة من المغرب والجزائر وأوروبا. باختصار هو عصب حياة و شريان اقتصاد البلد.

في زيارة ميدانية إلى سوق "أمسيد المغرب" في الوهلة الأولى لا يتخيل لك أنك في سوق مركزي لإمداد السوق المحلية بالخضروات و الفواكه، في الحقيقة أنت في سوق شعبي بدائي بما في الكلمة من معنى

الأزقة ضيقة و متسخة و القمامة مرمية بشكل فوضوي على الطرقات، بقايا الخضار والفواكه التالفة متناثرة بفوضوية، العربات اليدوية وعربات الحمير والسيارات المتهالكة والشاحنات والمواشي، لوحة حية من وسط و أمام و خلف السوق.

الحوانيت و الدكاكين و طاولات البيع والباعة المتجولون و معدو الشاي والطعام والخبز التقليدي، ساحة مليئة بالحركة والبيع و الشراء و لا أحد تثير انتباهه قذارة السوق وانعدام النظافة  فيه.

ما لفت انتباهي هو غياب تام للجهات المعنية مثلا وزارات الصحة والتجارة و حماية المستهلك وسلطات جهة نواكشوط ؟

اكتظاظ و ازدحام للسيارات على جوانب الطرق المؤدية إلى السوق، أفراد أمن الطرق ومحصلي الضرائب لا هم لهم سوى توقيف السيارات من أجل دفع الجباية اليومية دون تفتيش عن سلامة أوراق السيارات أو إعطاء اعتبار لحركة المرور

سائقو سيارات الأجرة ليس لديهم أبسط ثقافة عن قوانين المرور، او محطات التوقف و الاتجاهات الممنوعة. لأن الجميع منهمك في مهمة تحصيل النقود و لا وقت لديهم للمدنية و احترام القانون ؟!

في السوق أنت على موعد، دون سابق إنذار، مع الأبقار و الكباش و النعاج و الخراف والماعز والحمير والكلاب والقطط السائبة، بل إنها جزء ثابت من فيسفساء السوق العريق.

أكوام القمامة والذباب الذي يغزو المكان يمثلان كارثة على صحة الباعة قبل المستهلك، ومع الاستغلال المفرط لممرات السوق فبالكاد تمر بسلام دون أن يصدمك شخص مسرع أو عربة أو إحدى حيوانات السوق

الأزقة مختنقة بالمارة و العربات و السيارات و الحيوانات السائبة والأعرشة والخيم و المظلات جنبا إلى جنب مع المتاجر و محال بيع الجملة

لا تصدق كلمة (بؤرة) أوساخ إلا على "أمسيد المغرب"، و مع انعدام الثقافة الصحية لدى معظم العارضين بالسوق وغياب رقابة صارمة تفرض أدنى شروط النظافة فإن الأمر ينذر بكارثة صحية تهدد سلامة السوق و المتسوق.

الجانب الآخر، و الذي لا يقل خطورة عن القمامة، هو انعدام المراحيض العمومية، ولا تحتاج إلى تحقيق في الموضوع فغاز النشادر و آثار التبول و رائحته النتة منتشرة في جوانب و مداخل السوق حيث لا تردعها لافتات التغريم  المكتوبة على الجدران ؟!

الملاحظة الهامة و الخطيرة هي في حالة ما إذا شب حريق، لا قدر الله، فإن الخسائر ستكون باهظة إذ من الصعب الوصول إلى مكان الحريق لأنه لا يوجد طريق سالك على الإطلاق و هذا أمر على الجهات المعنية تداركه قبل وقوع كارثة.

في سنة ماضية، و حسب شهود عيان، احترقت شاحنة مغربية وكادت تقلب السوق قاعا صفصفا لو لا مشيئة الله وتدخل الناس في الوقت المناسب.

إعادة تخطيط و تنظيم السوق بات ضرورة حتمية تفرضها المدنية و العصرنة، فليس من المقبول أن تلتزم الجهات المعنية سياسة التفرج و الأخطار تحاصر من كل جانب أكبر سوق تمويني للأسواق الوطنية.

تقرير: عبده سيدي محمد

يومية التواصل، العدد 571 بتاريخ 13- 04 - 2020