الانتخابات الرئاسية في الجزائر: هل تجرى في موعدها رغم رفض الشارع؟

أحد, 24/11/2019 - 13:33

ناقشت صحف عربية الوضع الحالي في الجزائر التي تترقب إجراء انتخابات رئاسية في 12 من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وسط استمرار للغضب الشعبي.

ويرفض المتظاهرون في الحراك السلمي المستمر منذ نحو تسعة أشهر هذه الانتخابات، معللين ذلك بترشح عدد من قادة النظام السابق.

أما قيادة أركان الجيش فتدعم إجراء انتخابات، وتقول الحكومة إنها الحل الوحيد الذي يكرس الخيار الدستوري، للخروج من أزمة الفراغ السياسي القائم منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 إبريل/ نيسان الماضي.

"مسرحية؟"

يقول حميد زناز في جريدة "العرب" اللندنية إنه "لا يمكن الحديث عن حملة انتخابية بأي حال من الأحوال، بل هي مسرحية سمجة على الهواء الطلق...يكفي ذكر أسماء المرشحين الخمسة لتظهر حقيقة تلك اللعبة، التي أصبحت مكشوفة بل تثير الشفقة وتؤجج الغضب. إذ يعرف كل الناس أنه مهما كانت النتيجة فالرئيس المنصب سيكون رئيسًا مختارًا من العصابة الغالبة، فضلًا على أن خمستهم كانوا دائمًا جزءًا من النظام ومن أبنائه الأوفياء".

ويضيف: "لم تعد الدعوات عامة في هذه الحملة الانتخابية المضحكة المبكية، بل دعوات خاصة اسمية تعقد في قاعات مغلقة يحرسها البوليس. وفي كل مرة يأتي كهول وشبان وشابات ونساء يحاصرون القاعة ويطلقون هتافات ويرفعون شعارات مناهضة لانتخابات "قائد الأركان".

ويتساءل الكاتب: "كيف يمكن تنظيم انتخابات رئاسية بالقوة ورغم أنف الشعب الذي يرفضها رفضًا تامًا؟ من البديهي أن تنظيم اقتراع ضد إرادة الشعب هو ضمان للفشل. إذ ستفتقد النتائج لكل شرعية ومصداقية ما دام هذا الشعب غير منخرط فيها. أي مصداقية لانتخابات رئاسية تقام في جو الاعتقالات والمحاكمات والاحتجاجات والمظاهرات الضخمة المنظمة ليلًا ونهارًا؟"

أما راقدي عبد الله فيرى في جريدة "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية أنه "بدخول مرشحي الرئاسة الخمسة مرحلة الدعاية لانتخابات 12 ديسمبر 2019، تأكد خيار السلطة الفعلية القاضي بحتمية إجراء الانتخابات كما هو مبرمج لها، وتفادي تأجيلها أو إسقاطها، كون ذلك يفتح الباب على مستقبل أكثر غموضًا وقتامًة".

ويضيف الكاتب: "وإذا كان الأمر كذلك، هل يمكن أن توفر مخرج آمن للجزائر وفي نفس الوقت تحقق آمال وتطلعات الحراك؟ وهل توافقت قوى المشهد السياسي المؤثرة في بلورة رؤية موحدة حول مخرجات هذه العملية؟ وهل يمكنها مواجهة الرسائل القادمة من بغداد وبيروت وسانتياغو؟ وهل يقبل النظام مساعي التغيير أم يقاوم بالاحتواء والاستيعاب"؟

ويؤكد الكاتب أن "الانتخابات الحرة النزيهة وحدها الكفيلة بإقناع المترددين والمشككين في المسار الانتخابي، وتساهم في توسيع دائرة رضى الشعب بمسعى إعادة الاعتبار للدولة. أما الفشل في ذلك -الإسقاط او التزوير- فيعني وضع الجزائر في موقف أراه أكثر بؤسًا من ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة".

"حلول سحرية"

وفي سياق متصل، يعلق عبد الناصر بن عيسى في جريدة "الشروق" الجزائرية على برامج المرشحين للرئاسة قائلًا: "المرشحون الخمسة تحدّثوا عن بذلهم جهودًا مضنية من أجل إعادة الأموال المنهوبة التي لا أحد يعلم في أي بنوك العالم مخزونة ولا قيمتها، وإن كانت بملايين أو مليارات الدولارات".

ويتابع: "لا يوجد رئيس أو مرشح للرئاسة في الكرة الأرضية يتركز برنامجه على البحث في باطن الأرض أو في الشمس والسحاب عن الثروة التي سيعيش بها أربع وأربعين مليون نسمة، فجميعهم يراهنون على العمل المنتج للثروة والأفكار لأجل بعث الصناعة والفلاحة والسياحة وتطوير الاقتصاد وتحسين منظومته المالية، بالإنتاج القومي الحقيقي الذي لا تزعزعه أسعار مواد أولية يتحكم فيها الخارج".

وعلى المنوال ذاته، يقول جمال لعلامي في الجريدة نفسها إن "وعود والتزامات المترشحين لكرسي رئيس الجمهورية، في الشأن الاقتصادي، بدأت تخطف انتباه الخبراء والمختصين... والحال، أن الجزائريين 'كرهوا' من العهود التي لا يمكن تحقيقها واقعيًا... وهو ما يستدعي انتباهًا من طرف المتسابقين حتى لا يقعوا في فخّ 'تسمين' ما لا يمكن تسمينه".

ويتابع لعلامي: "الجزائريون بحاجة إلى خطاب واقعي وحقيقي، حتى إن كان صادمًا ومرّا، لكي لا تتكرر أخطاء العشرين سنة الماضية، حيث نفخت العصابة والحاشية وبطانة السوء 'الإنجازات'".

ويرى الكاتب أن "الحل ليس في 'المزايدة' بين المتسابقين، بشأن مختلف الملفات والقضايا، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وماليًا، وإنما في طرح البدائل المعقولة والمقبولة، و'إن الله لا يكلف نفسا إلاّ وسعها'، مثلما لا ينتظر البسطاء حلولًا سحرية متأتية من خاتم سليمان أو عصا موسى، ولكن تكفيهم الحقيقة حتى وإن كانت مؤلمة".