إلى سياسيينا في وادان: حافظوا على غسيلنا في الداخل

ثلاثاء, 18/06/2019 - 00:23

مدينة وادان التاريخية الجميلة الوادعة، هي مدينة العلم والمحبة والإيثار والتسامح، مدينة العظماء على مر تاريخها الحافل بالعطاء، هي أكبر وأنبل من أن توجز مآثرها ومآثر أهلها في سطور، ظلت وستبقى مدينة عريقة هادئة ووادعة ومعطاء، حيث الأهل هناك أسرة واحدة بكل مكوناتها، وفي كل أسرة يحصل الاختلاف والخلاف وحتى الخصام، لكن ذلك يبقى داخل البيت وبين أفراد الأسرة، سواء تغلبت الحكمة أم عجزت، مؤقتا، عن احتواء ما يحصل، لأننا في النهاية أمام خلافات بين أفراد أسرة واحدة ومن المستحيل أن تخرج للعلن وتكون حديث الركبان، فغسيل البيت وخلافات الأهل ظلت وستبقى شأنا داخليا لا يجوز تصديره خارج أسوار البيت مهما كان حجم الخصومة والخلافات.

منذ نشأة المدينة التاريخية، مثلها مثل كل حواضر الأرض العريقة، تنشأ الخلافات وتتباين الرؤى، لكن ذلك لم يخرج قط عن الاختلاف من أجل مصالح المدينة وأهلها، ولم يكن من أجل بناء مجد شخصي أو مجموعاتي على حساب سمعة المدينة ووحدة وتماسك أهلها، فقد ظلت مساهمة بقوة في بناء حضارة أمة بكاملها بفضل التكاتف والوحدة والإيثار والعمل الجماعي لكل الوادانيين.

من غير المناسب أن ننشر غسيلنا، ونشرك من هم خارج أسوار مدينتنا، مهما كان قربهم، في اختلافاتنا وخصوماتنا، ففي بيت وادان حكماء يحاول البعض أن يحشرهم في زاوية التخندق والاصطفاف، لكنهم في النهاية يدركون أن الأولوية هي لوادان ولأهله وللوطن. ولا يمكن بأي حال أن نُبقي على الواقع الجديد غير المقبول، ونحن أهل العقل والحكمة والإيثار وأبناء الحكماء والعلماء والمبدعين.

وفي كل الأحوال لا يمكن تبرير الاختلاف في السياسة والرؤى إلا في إطار الحرص على المصلحة العامة التي قد يراها كل منا من زاوية مختلفة، لكن ذلك لا يمكن أن يتطور إلى خلاف عميق يؤدي إلى الشقاق والتشرذم وتقسيم الأسرة الوادانية الواحدة على النحو الذي نراه اليوم.

في كل مراحل الدولة الموريتانية الحديثة، كان هناك في وادان موالون ومعارضون، لكن ذلك لم يؤثر على وحدة الأهل وعلى قيمهم ومآثرهم، واليوم منقسمون، وهم في غالبيتهم مع طرف واحد ؟!

أتمنى أن يجتمع الوادانيون في بيتهم الكبير لمعالجة مكامن الخلل والاحتكام إلى المصلحة العليا للوطن وللمدينة، في جو ودي أخوي، حتى نعود كما كنا بتلك القيم والمواصفات سالفة الذكر من محبة وتسامح وعطاء وإيثار وبعد عن الشحناء والتشرذم والانقسام داخل البيت الواحد.

إنني، كأحد أبناء هذه المدينة الوادعة الجميلة، أعلق آمالا كبيرة على حكمائها وعقلائها لبذل جهود خيرة في سبيل التكاتف والوحدة بين مختلف الفرقاء الذين تقسموا شيعا وأحزابا بلا مبرر سوى البحث عن مكاسب آنية وامتيازات شخصية لا تخدم وادان ولا الوطن. ولا شك أن كل حكماء المدينة من الأسرة الوادانية الكبيرة، دون أن أسميهم، قادرون على ذلك، بل وأجزم أنهم سيقطعون الطريق على كل من يطمح لخدمة مصالحه الشخصية على حساب سمعة وادان والوادانيين والمصلحة العليا للوطن.

نريد، في وادان، نخبة موحدة تعمل على تحقيق مكاسب كبيرة للمدينة، وهي تستحق ذلك، وتسهم بشكل فاعل في إثراء عملية التنمية الشاملة لبلدنا بمجهود مشترك، ولا شك أن بيننا من يخططون لإعادة لم الشمل وتجاوز الحالة الراهنة التي لا ترضي أيا كان.

أحمد ولد مولاي امحمد