المقال الذي قتل بسببه جمال خاشقجي

أربعاء, 12/06/2019 - 12:33

"إنتهى الدرس ،، أنت الآن في الزاوية تماماً.. جداران متقاطعان عن يمينك وشمالك وأنت في عُنق المثلث، ليس بينك وبين السقوط سوى خطوةٍ تخطوها للأمام.. إن خطوتَها فقد وقعتَ في الفخ الجديد، وإن لم تخطُها فأنت محشورٌ بين متقاطعين !! 

انتهى الدرس !!

لن أحدثك عن شعبك الذي أخرجتَه من المعادلةِ مبكراً!! 

كان بإمكانك أن تعتمد _بعد الله_ عليه، ولكنك لم تَرَ في شعبك إلا عدواً مفترضَاً . ولكنك . بَدَأتْ في قضم جسدك قطعةً قطعة!! 

اسحب الخارطةَ الآن، وانظر حولك !!

في الشمال : 

عراقٌ وشآم.. ساهمتَ أنتَ في تدميرهما؛ ليتناولهما كسرى كما يتناول الضبعُ الخسيسُ غزالَينِ مجروحَينِ لم يُجهد أقدامَه في الركضِ نحوهما !! 

وفي الجنوب : 

يَمنٌ.. لو ظَلَّ أهلُه ينتقمون منكَ مائةَ سنةٍ قادمة على ما فعلتَه بيَمَنِهم خلال مائة سنةٍ ماضية؛ لما شفى انتقامُهم لهم غليلاً !! 

وفي الشرق : 

آيات الله العظمى يشحذون خناجرهم وسيوفهم ليعيدوا تخطيط ما خطته أقلام وليم كوكس، وسايكس بيكو !!

أنت لم تبصق في البئر التي تشرب منها؛ بل بصقت للأعلى فسقطت بصقتك على وجهك!!

وتبجُحك بالعقيدة الآن لن ينفعك كثيراً.. فالذين يحاربون مع الشيطان في الشمال لا يمكن أن يحاربوا مع الله في الجنوب!!

والعقيدةُ السمحة ليست(بِشتاً) يُرتدى في المناسبات أو سيفاً يُرقص به في (عَرْضة)!! ولو كان ذلك كذلك لقنع ابن عبد الوهاب رحمه الله بالدرعية، ولما أهدف نحره للسيوف ليُثبّتَ أركان التوحيد في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم!!

لقد ملأت الدنيا تبجحاً بابن عبد الوهاب.. فما الذي أبقيتَ منه الآن؟!

ما الذي أبقيتَ من (كتاب التوحيد) و(ثلاثة الأصول)؟!

لم تُبق منه سوى لقاءات مراسميةٍ مع شيوخ التنمية البشرية الذين استبدلوا بالبخاري ومسلم (قبعات التفكير الست) و(العادات السبع للناس الأكثر فعالية)!! واكتفى الأقدمون منهم بفتاوى الحيض والنفاس والنمص وحف الشوارب وإعفاء اللحى ووجوب طاعة ولي الأمر!!

وحين تململ ابنُ عبد الوهاب من ألاعيبك أفسحتَ له في سجونك ذلك (المكان اللائق!!!)، ثم أطلقتَ نصارى لبنان ورافضتَها ودروزَها وعلمانييك في وسائل الإعلام _ككلاب مسعورة_ لينثروا الملح في الأرض الطيبة؛ تمهيداً لتحولاتٍ اجتماعية ودينية وفكرية كتلك التي حدثت في مصر منذ تسلم (تاجر التبغ) محمد علي مقاليدَ الأمور فيها ليؤسس_بقصد أو بدونه_ لكل هذا الخراب الذي نعيشه الآن.

لقد امتلكتَ كلَّ ما يمكن أن يجعل منك قائد أمة.. فماذا فعلت أكثر مما فعل الوليد بن يزيد؟! 

استهان الوليدُ بن يزيد بالأساسِ الذي قام عليه مُلك جَدِّه؛ فأخذ ينقضه حجراً حجراً ، ولم يكن في بني أمية آنذاك حكيمٌ يأخذ الرايةَ بحقها، فلما قام آخرُهم وأصبرُهم ليتدارك الأمرَ؛ كان الخرق قد اتسع على الراتق؛ فجالت الخيل فوق أجسادهم، وصالت السيوفُ على رؤوسهم، ورفرفت الراياتُ السودُ بين قصورهم.. ثم انطفأت شمسٌ عظيمة تراكمت أسبابُ انطفائها شيئاً فشيئاً حتى تجسدت في (حفيدٍ) لم يُحسن تربيتَه أبٌ ولم يردع نزقَه عَم !!

ولو تغاضينا عن أساسك الحقيقي فماذا فعلت بأساسك المُدعى؟!

لم تترك معركة بين مسلمين وكفار إلا وخضتها في صف الكفار؛ فلا أنت حافظت على ما ادعيت، ولا أنت تركت غيرَكَ يبني على أساسِك المُدّعَى!! ما أشدّ غيظي منك وحزني عليك!!

لقد سِرتَ على نهج ابن عبد الوهاب.. وما تركتَ أنت هيئةً أو حزباً أو جماعة سُنيةَ إلا وسعيتَ في تدميرها وإنهائها والتخلص منها.. وكأنك سلاحٌ فاسدٌ لا يقتل إلا صاحبَه!! وأدخلت الحوثي صنعاءَ نكايةً في حزب الإصلاح ثم زعمت حربه في عاصفة حزمك، ثم اكتشفتَ _بعد مليارات الشعب التي أنفقتها_ أن الحوثي جارك وأن تنظيم القاعدة هو الخطر الداهم.. وعملتَ بالباع والذراع لإسقاط الثورات العربية، وتيئيس الشعوب من طلب العدل والحرية، ووأد أي حراك مسلم في كل بلد عربي من المحيط إلى الخليج، حتى وصل وباؤك للإسلاميين في ماليزيا فدعمت عدوهم بمئات الملايين!!

كُلُّ هذا_ وما خفي كان أعظم_ فَعلتَه رافعاً (كتاب التوحيد) على رمح (فيلبي)!! من أنت وما أنت ؟!

لم تترك راية إسلامية إلا ونالها منكَ ما ينال الآمنُ ممن ظنه أخاه؛ فيوليه ظَهرَه؛ فلا يشعر إلا وخنجر الغدر يخترق ظَهره!!

مَن سيمد لك طوقَ نجاة إن أدركك السيل .. وإنه واللهِ لَمُدرِكُك!!

القرامطة الجدد صاروا _بسببك_ في شمالك وجنوبك وشرقك.. والرايات السود تتلمظ للانتقام منك.. والنسر الأمريكي يفتش في دفاترك القديمة ليعيد تهيئة الملعب للعبة جديدة.. فأين تذهب من هؤلاء الذين إن نجوتَ من أتون أحدهم لم تلبث أن تقع في أتون الآخر!!

في طريقكَ إلى السقوط لا يقاتلك عدوٌ أشد عليكَ من نفسك!!

أنت تسير إلى هاوية سحيقة!! هاويةٍ سار إليها قبلك الخديوي (الحفيد) إسماعيل حين قرر _ذات عَتَه_ أن يجعل مصرَ قطعة من أوروبا؛ فرهن مقدراتها المادية للأجانب حتى لم يبق شاذٌ من شُذاذ الآفاق إلا وتملك في مصر ما لم يكن يحلم أن يقف على بابه بواباً.. وحين ذَهَبَت السَكرةُ وجاءت الفِكرة انقلب شذاذ الآفاق على المعتوه ورموه للمنفى كخرقة بالية.. ثم لم يمت حتى عاين أحذيةَ جنود الإنجليز في قاعة عرشه!!

أنت _على الحقيقة_ لا تطرح اكتتاباً.. أنت تبيع أَبَرَّ أبنائك، وترهن درةََ تاجك، وتكسر عمودَ خيمتك، وتقامر بمقدرات شعبٍ هو أصل العرب ومادة الإسلام!!

طموحك لن يبتلع مشاكلَ الفقر والبطالة والإسكان!! 

طموحك لن يبتلع سواك!!

واستنساخ (دبي) في (الرياض) لا يمكن أن يمر _إذا مر_ إلا بزلازل اجتماعية مرعبة ستخلخل أول ما تخلخل أركان عرشك!! 

إن سباق التسلح الذي أدخلوك فيه، واقتصاديات الحروب التي وَقعتَ في فخها، والنهب المستمر لمقدرات البلد من قِبل الشركات الكبرى عابرة القارات، ومليارات الشعب التي تدفعها كإتاوة للغرب على شكل ودائع واستثمارات، والرشاوى المليارية التي ترسلها لخونة شعوبهم لتجفيف منابع الثورة بالحديد والنار، والأعباء الداخلية الباهظة.. كل هذا وغيره سيبتلعك ويبتلع طموحك المُدّعَى!!

ولو كانت (الرُؤى) المجردة تنفع أصحابَها لنفعَ عبدَ الناصر (ميثاقُه).. وقد كان أكثر نفيراً وجعجعة.. ثم لم تُنتج جعجعتُه الاشتراكية الفارغة سوى أن ازداد الغنيُ غنىً والفقيرُ فقراً.. مع صاروخين من خشب: (قاهرٍ وظافر)!!

يا هذا .. قد كان يحزنني أن يذهبوا بكَ فيأكلكَ الذئب.. ثم لما تتابعت الأحداث وتراكمت البينات؛ أدركَ الأعمى أن الذئب لم يدخل إلا من خلالك.. وأنك _حين صاحبتَ الذئب_ لم يردعك عن مصاحبته أشلاءُ أصحابه القدامى.. ثم ازددتَ ضغثاً على إبّالة؛ فقتلتَ حراسَ بيتك.. فصرت كمحكومٍ بالإعدام اشتدّ خوفُه من الشنق صباحاً فشنق نفسه ليلاً!! 

ولتكونَنّ واللهِ شرَّ مأكولٍ يأكله صاحبه!!

وإني من ذلك وعليكَ لحزين!!