وأخيرا ترشح الغزواني

سبت, 16/03/2019 - 14:38

سيدي محمد بن جعفر
في ظرف جد معقد من تاريخ البلاد يختلط فيه المعقول باللامعقول ، وصل فيه التشنج والاحتقان مراحل مهددة بأن يصيبنا مثل ما أصاب الأقوام من حولنا، حيث اشرأبت الاعناق لرؤية كل داع فرقة، واستراق سمعٍ لكل متسلق منبراً مبشراً بنحلة لم نألفها ولم تكن لنا يوما ديدنا، مشحونة بمضامين شق العصا وحمل "الكاتيوشا" و"استنغر" على الأكتاف، في خطب صاحبها من الوجاهة ما يسحر عقل لبيب بلد ساكن الفقر المدقع  أهله حتى أصبح لهم جبلة، وهم فوق أرض لم تعد تتحمل أثقالها الثمينة فقاءت ذهبا أصفر فاقعاً وتبراً أحمر قانٍ، وغازاً "كثيفا" مثل عواصف الصيف، والعالم من حولنا كل متربص متحين الفرص ونحن عنه غافلون.
في هذا الجو القاتم ترشح ولد الغزوني سليل مؤسستين مشهودتين بتحركهما في الوقت الذي تكون الأمة فيه في خطر؛ 
فقبل أزيد من عشرة عقود، غطت الصلبان المعمورة، وظُن ان  هذا الشعب الضعيف لن يكون عائقا امام جبروت الغزاة، واختير لمهمة الاختراق والإخضاع داهية متمرس، (كبلاني) وقبل أن يسعط حسوات النصر، كانت سرية من الانصار، حاديها سليل المصطفى ومرشدها سليل الخزرجي سعد بن عبادة، في الزمان والمكان لوقف زحف  المعتدي؛ 
إنها سرية الغظف الشاذليون الزهاد الذين لم تغرهم زخارف الدنيا وكنوز فرنسا، دوت صرخاتهم في أزقة تجكجة المحتلة، قتل (النصراني) بإرشاد وتحريض من الشيخ محمد احمد الغزواني.
ترشح سليل المؤسسة العسكرية حامية البلاد في أحلك الظروف والمشيطنة من جل حملة الأقلام، لأسباب يصعب استيعابها، فهي في معتقدهم كابحة التقدم، والتناوب السلمي على السلطة! وناهبة  المال العام كلها شر، بعد ثلاث سنين من انهر الدماء، وانتشار الخوف والجوع، ووصول الغزاة للمرة الثانية للمدينة "الرمز" نواكشوط، وتمركز ما يناهز 10 آلاف جندي للطامعين في هذا البلد "المغرب" بمنطقة الوسط "آدرار"  وتحطم هيبة البناة في أعين المواطنين وارتسام اسئلة لا أحد يستطيع طرحها والتي لا شك منها إلى أين نحن سائرون؛
وفي إحدى ليالي شهر الانقلابات "يوليو" استيقظت الأمة على أبناء المؤسسة العسكرية وقد تحملوا مسؤولية حماية ما تبقى، فانتهت مغامرات حزب الشعب المهيمن والذي نص دستوره على  تجريم أي عمل سياسي خارجه، وكان على التناوب أن ينتظر كثيراً. 
 جاء العسكر للسلطة، وأفسدهم المدنيون، فعن طريق التزلف لهم، وهم غير المهرة في التعاطي مع ادارة الدولة، صفت الحركات السياسية المتناحرة حساباتها البينية عبرهم، وعلموا بعضهم النهب، وظل بعضهم نظيفا، 
للتاريخ رمز الفساد في الذاكرة العقيد  "معاوية" لم يترك لصغاره بيتاً،  بيد أن النقابي المدني  بيجل  ولد هميد أحد أذرعه ولائحة أمثاله  طويلة، هذا نزر للتنبيه فقط فللجيش وجه أبيض ناصعا. 
إذا كان ما يٌشاع صحيحا من ان الدولة على شفى الافلاس بسبب النهب "المقنن"، ولم تعد تمتلك حتى ما في باطن الأرض، والمعارضة عاجزة عن اصدار بيان متفق عليه، فإن ترشح غزواني، "المستقل" عن عباءة الجمهوري ومشتقاته، وخبثائه وخبائثه ودعاياته الكاذبة، جاء في وقت مناسب لإنقاذ ما تبقى أيضا كما فعل أسلافه وبدون انتقام قد يجر إلى معارك جانبية غير معركة التنمية، واسترداد المغانم "المسبية" بهدوء يعيد للأمة حقوقها المسلوبة والتي لا يمكن التنازل عنها او المساومة عليها، فخلفيته الغظفية الزاهدة بمضامينها الجهادية ستحميه من أن يكون للظالمين ظهيراً ، وكونه بدون خصومات، وغير مشهور بأنه عضو في نادي النهبة العسكريين كلها أمور تجعل فوزه مساعدا على استقرار بلد يعيش ساسته على  التسخين.