حلفاء واشنطن يرفضون الحلول مكان القوات الأميركية في سوريا

خميس, 21/02/2019 - 19:06
انسحاب القوات الأميركية يترك فراغاً وتداعيات في سوريا

كاري ديونغ وميسي ريان

في الوقت الذي أخبر فيه إردوغان ترامب بأن القوات التركية ستتحرك إلى داخل سوريا لمحاربة بقايا "داعش"، قال المسؤولون الأميركيون إن ذلك غير محتمل، نظراً لقدراتهم الأمنية المحدودة نسبياً.

نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤولين أميركيين وأجانب أن حلفاء أميركا القريبين قد رفضوا طلب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سد فجوة انسحاب القوات الأميركية من سوريا، بقوات منهم، وذلك مع  مع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية التي تقاتل تنظيم "داعش" في سوريا.

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية للصحيفة إن الحلفاء "بالإجماع" قالوا للولايات المتحدة إنهم "لن يبقوا إذا انسحبت". وفرنسا وبريطانيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما قوات على الأرض في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يقاتل تنظيم "داعش".

وقد قدمّت بريطانيا وفرنسا إلى جانب الولايات المتحدة، التدريب والمؤن والأمور اللوجستية والمعلومات الاستخبارية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد.

كما تقوم القوات الأميركية الفرنسية والبريطانية باستخدام مدفعيتها الثقيلة وبشن غارات جوية ضد مواقع حاسمو ضد مقاتلي "داعش".

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان- إيف لو دريان الأسبوع الماضي إنه يشعر بالارتباك بسبب سياسة ترامب، وأمس الثلاثاء، قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إنه "لا يوجد احتمال أن تحل القوات البريطانية محل الأميركيين" في سوريا.

الرفض الأوروبي للبقاء في سوريا ما لم يغير الرئيس ترامب قراره بالانسحاب وإبقاء جزء من قواته على الأقل هو أحد العوامل العديدة التي قال المسؤولون العسكريون الأميركيون والمشرعون وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إنه يجب أن يجعل ترامب يفكر بالأمر مرة أخرى.

وتتزامن مخاوف فرنسا وبريطانيا مع فشل الإدارة الأميركية، حتى الآن، في التوصل إلى اتفاق مع تركيا بعدم مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية، التي تقول أنقرة إنها جماعة إرهابية.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الجيش التركي، الذي يحتشد على الحدود، مستعد للانتقال إلى شمال شرق سوريا بمجرد رحيل الأميركيين.

أحد الطلبات الرئيسية التي طلبتها الإدارة الأميركية من الحلفاء - بما في ذلك ألمانيا، التي لا تملك قوات في سوريا - هو تشكيل قوة "مراقبة" للقيام بدوريات في "منطقة آمنة" واسعة النطاق بطول 20 ميلاً على الجانب السوري من الحدود، تفصل تركيا عن الأكراد السوريين.

وقال مسؤولون في أنقرة إن وزير الدفاع التركي هولوسي أكار ورئيس أركان الجيش التركي سيتوجهان إلى واشنطن اليوم الخميس لمناقشة قضة سوريا وغيرها من القضايا الإقليمية مع وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان.

من جهتها، ناشدت قوات سوريا الديمقراطية الدول الغربية الحفاظ على قوة تصل إلى 1500 عسكري في شمال شرق سوريا لتنسيق الدعم الجوي ودعم جهودها الرامية إلى إبعاد المسلحين وغيرهم من الخصوم. وتحسبًا لمغادرة نحو 2000 جندي أميركي، يتفاوض الأكراد مع كل من الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا، وهو الداعم الرئيسي الأجنبي للأسد إلى جانب إيران.

في غضون ذلك، اقترحت روسيا أن يسمح لقوات الجيش السوري ببساطة بالاستيلاء على كامل المنطقة التي تسيطر عليها الآن الولايات المتحدة وحلفاؤها. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية: "لا أحد، بمن في ذلك الأكراد والأتراك، يعتقد أن مجيء النظام السوري إلى الشمال الشرقي هو فكرة جيدة".

ولطالما اشتكى ترامب من أن كبار معاونيه والجيش يعيقون تصميمه على الخروج من سوريا بمجرد هزيمة "داعش".

وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال ترامب إن الهدف قد تحقق وأن القوات الأميركية تغادر "الآن"، وبعد ذلك استقال وزير الدفاع جيم ماتيس.

ووافق ترامب في وقت لاحق على أن الرحيل سيكون "مدروساً ومنظماً". ويخطط الجيش الأميركي لانسحاب كامل بحلول نهاية نيسان – أبريل المقبل.

وبينما قال مستشار الأمن القومي جون بولتون، والسيناتور ليندسي غراهام وآخرون للحلفاء أن بعض القوات الأميركية قد تبقى، فإن هذه التطمينات لم تتم ترقيتها حتى مستوى النظام الرئاسي وصولاً إلى البنتاغون.

وقال مسؤول دفاعي أميركي في رسالة بالبريد الالكتروني لـ"واشنطن بوست": "لن أتحدث عما يريده السناتور غراهام أو مستشار الأمن القومي جون بولتون. الجنرال جوزيف فوتيل كان واضحاً جداً بأننا نركز حالياً على تنفيذ انسحاب كامل من سوريا بأمر من الرئيس. الجنرال فوتيل هو رئيس القيادة المركزية الأميركية وهو يتولى المسؤولية الكاملة للقوات الأميركية في الشرق الأوسط.

وقد تحدث المسؤولون الأميركيون والأجانب للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويتهم بشأن المناقشات الدبلوماسية الحساسة والعمليات العسكرية الجارية.

في الأسابيع الأخيرة ، قال ترامب إن ما يقرب من 100 في المائة من مساحة العراق الواسعة وسوريا التي شكلت ذات يوم دولة "الخلافة" لتنظيم "داعش" قد تم تحريرها، على الرغم من أن مجموعة صغيرة من المسلحين تتمركز بعناد في جنوب شرق سوريا. وقال ترامب الجمعة إنه يتوقع الإعلان عن "الاستئصال الكامل" للتنظيم "خلال ال24 ساعة المقبلة" ، لكن لم يتم الإعلان عن مثل هذا التصريح.

وقد أشار المسؤولون العسكريون مراراً وتكراراً إلى ما يعتبرونه إخطاراً للانسحاب المتسرع، حتى بعد القضاء على الوجود الإقليمي لـ"داعش". ويتوقع المسؤولون أن تحتفظ المجموعة بقدرة المتمردين وقدرتها على العودة مرة أخرى، كما فعلت بعد مغادرة الولايات المتحدة للعراق في عام 2011، وتقدر أن ما بين 20 ألف و30 ألف متشدد ما زالوا في سوريا والعراق.

وقد طمأن مسؤولون عسكريون أميركيون كبار، بمن فيهم رئيس أركان القوات الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، أن قوات سوريا الديمقراطية تحتاج إلى مساعدة مستمرة لضمان استقرار المناطق المحررة من "داعش".

في الأسبوع الماضي، قال فوتيل بشكل علني إنه لا يدعم قرار انسحاب ترامب من سوريا. واقترح غراهام، الذي يترأس مجموعة من المشرعين المعارضين لخطة الانسحاب، ترك 200 جندي أميركي فى شمال شرق سوريا كوسيلة لتحفيز الحلفاء الأوروبيين على البقاء.

وفي اجتماع مغلق عقد في مؤتمر ميونيخ الأمني ​​الأسبوع الماضي، واجه شاناهان أسئلة صعبة من أعضاء في الكونغرس قالوا إنه فشل في توضيح مبررات جوهرية لخطط انسحاب ترامب من سوريا.

وقد سأل غراهام وزير الدفاع شاناهان، وفقاً لحديث أعطاه غراهام لكاتب صحيفة واشنطن بوست، جوش روجن، "هل تقول لحلفائنا أننا سوف نذهب إلى سحب جميع قواتنا بحلول 30 نيسان أبريل؟". وعندما أجاب شاناهان بأن هذا هو أمر الرئيس، قال غراهام: "هذه هي أغبى فكرة سمعتها". وقال شاناهان إنه وافق على أن العواقب المحتملة للانسحاب تشمل عودة "داعش"، أو وقوع هجوم تركي على القوات الكردية وكونه ميزة لإيران.

وقال اللفتنانت كولونيل جوزيف بوتشينو، المتحدث باسم البنتاغون، إن الاجتماع كان منتجاً و"انتهى بمردود إيجابي لجميع الأطراف".

وقال مسؤول مطلع على وجهة نظر البنتاغون في الاجتماع إن شاناهان كان مستعداً لاقتراحات صعبة من المشرعين لكنه لم يرغب في الظهور وكأنه يشكك في خطة البيت الأبيض. وتوقع مسؤولو البنتاغون أن تكون بعض أجزاء الاجتماع علنية.

وقد أبلغ بولتون الحلفاء أنه حتى لو انسحبوا من شمال وشرق سوريا، ستبقى القوات الأميركية في الحامية الأميركية في التنف، على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن. بولتون هو المتشدد الرئيسي للإدارة بشأن إيران وهو يعتقد، كما قال للصحافيين في الآونة الأخيرة، أن التنف "لا تزال مهمة للغاية من الناحية الاستراتيجية فيما يتعلق بتصميمنا على أن إيران لا تحقق هذا "هلال السيطرة" من طهران عبر العراق وسوريا ولبنان.

لكن مسؤولين عسكريين قالوا إنهم لم يتلقوا أي تعليمات من ترامب. وامتنع مجلس الأمن القومي عن التعليق على حالة التنف، إلى جانب إحالة المراسلين إلى ملاحظات بولتون السابقة حول هذا الموضوع.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية: "هناك بعض الالتباس في الحكومة الأميركية حول التنف"، وسط تزايد الارتباك حول ما يستلزمه مخطط ترامب بالضبط.

ووصف مسؤول أميركي آخر الوضع مع تركيا بـ"الجمود على الجانب الأميركي وأن الكثير من الأطراف لا ترى الأشياء بنفس الطريقة".

وقالت "واشنطن بوست" إنه يبدو أن الحكومتين الأميركية والتركية قد حققتا تقدماً في حل مجموعة فرعية من خلافهما حول الأكراد. فقوات الدولتين تقوم بدوريات عسكرية مشتركة في بلدة منبج السورية، والتي استعيدت من "داعش" في عام 2016، وقد وافق الأميركيون على إبعاد عشرة من مقاتلي "قوات سوريا الديمقراطية" من المنطقة رداً على المخاوف التركية من هؤلاء الأفراد.

لكن مستقبل المنطقة الآمنة أقل وضوحاً بكثير. بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، فقد كان يعني التوفيق بين أمر ترامب بالانسحاب وواقع برميل البارود الذي يمكن تركه خلف الانسحاب. وقال المسؤول الأميركي "ليس من الآمن ترك هؤلاء الأعداء هناك، من دون أي حَكم أو قوة وساطة"، مشيرا إلى المقاتلين الأكراد والجيش التركي.

ويوم الثلاثاء، اعتبر أردوغان المنطقة الآمنة المقترحة، حيث تتولى القوات التركية المسؤولة، "الحل الأكثر عملية" لعودة ملايين اللاجئين السوريين الذين استقروا في تركيا ودول أخرى في المنطقة خلال حرب دامت ثمانية أعوام. وقال أردوغان إنها تعتمد على "الدعم المادي واللوجستي لبلدان أخرى" - في إشارة إلى المساعدة الاستخبارية والمراقبة والاستطلاع التي طلبتها تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، من الولايات المتحدة ودول أخرى في الحلف.

وفي الوقت الذي أخبر فيه أردوغان ترامب بأن القوات التركية ستتحرك إلى داخل سوريا لمحاربة بقايا "داعش"، قال المسؤولون الأميركيون إن ذلك غير محتمل، نظراً لقدراتهم الأمنية المحدودة نسبياً.

ترجمة: الميادين نت