هذه حالنا فكيف السبيل للإصلاح ؟؟!!

أحد, 20/09/2020 - 21:07

لا يمكن في نظري الاختلاف حول سوء المستوى الذي نجد أنفسنا وبلادنا قابعين فيه فبعد ٦٠ عاما من قيام كياننا كدولة ذات نظام ورموز سيادة بحدود أقرب إلى الوضوح وتشكيلة بشرية معروفة وعلم ونشيد وسلطة تدير الأمور بالأسلوب الذي يحلو لها فإذا شاءت نسبة من الرشاد رشدت كما كان الحال في مرحلة الرئيس الأول المختار بن داداه أو كانت تفضل الفوضى وتدمير كل شيء كما فعلت الأنظمة العسكرية التي تعاقبت على السلطة مذ ١٠ يوليو ١٩٧٨ والتي تفننت في الفساد والإفساد حتى تجاوزت كل الحدود ولم تترك جانبا من الحياة الوطنية لم ينله الضرر! فعلت ذلك بكل جدارة واقتدار ولم تترك شيئا لم تفسده ولا حجرا على حجر إلا أزالته نهبت الثروات المعدنية والثروات السمكية وافلست ونهبت عشرات البنوك وعشرات المؤسسات دون حساب أو عقاب فعلت كلما فعلت وكأن شيئا لم يكن !! 

ولم يكن للشكل شبه الديمقراطي الذي تبناه النظام العسكري ليعيد الترشيد أو يغير أساليب النظام الذي أصبح شيئا فشيئا يترسخ كنظام "سيبة" تسوده و تتحكم فيه أحكام الغاب الوحشية بمواصفاتها المكتملة من انعدام الشفافية والعدالة والإنصاف ومن سيطرة القوة وتوابعها من صراع على المنافع واستخدام كلما يضمن السيطرة و الحظوة بما في ذلك الرشوة والمحسوبية و الزبونية والمقايضات في المواقع والفوائد بين أطراف النظام المختلفة وحلفائه.!

هذا هو الوضع الذي جعلنا نقف دون حراك كالمقيدين في حفرة جامدين دون تقدم!! بل إننا تراجعنا كثيرا خلال مرحلتنا التاريخية هذه، على المستويين الإنساني ، والبيئي، فعلى المستوى الإنساني تدنت لدينا روح الأُخُوَة والتضامن والرحمة بالضعيف وإنصاف المظلوم والمغبون، تخلينا عن تلك الصفات التي تجسد قيمنا وتعاليم ديننا... وأصبحنا لا نهتم إلا بالمصلحة الشخصية وإشباع النزوات والرغبات غير المقيدة بأي معيار أخلاقي و لا يهمنا لو أتى بعد ذلك الطوفان!.

وفي مجال البيئة أبدنا جميع حيواناتنا وطيورنا التى كانت تعج بهما ترابنا الوطني وقضينا على نباتات أرضنا فانقرض الجزء الأكبر من أنواع النباتات والحشائش المفيدة حتى أصبحت أغلب أراضينا صحارى قاحلة لا تصلح للحياة.!

فنحن في هذه الحالة لسنا متخلفين فقط في كل شيء وفي كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والأقتصادية وإنما نحن متأخرين عن المستوى الذي كنا فيه عندما بدأنا تسيير أمورنا ككيان له هويته وشكله ومتطلبات وجوده وأمنه وسعادته واستقراره وتقدمه تحت اسم الجمهورية الإسلامية الموريتانية!

لقد حافظنا على تخلفنا بحيث نجد أنفسنا بعد ستين سنة من الاستقلال بلا نظام سياسي يتوفر على متطلبات الاستمرار والأهلية لمواجهة مختلف الاختلالات ولا نتوفر على نظام اجتماعي تتوفر فيه العدالة والمساوات والوحدة والانسجام وليست لنا لغة وطنية جامعة تتمتع بالحماية والرعاية وتجسد وحدتنا وانسجامنا الفكري والنفسي بتوفير استيعاب واقعنا ومحيطنا ومتطلبات حياتنا نحن بعد كل هذا التاريخ لا لغة لنا لا ثقافة، لا ندرك الأمور كما هي لغموض الدلالات بين لغات وطنية غير كاملة الاستعمال ولغات أجنبية يصعب استيعابها وفهمها وتطويعها لمفاهيمنا الدينية والاجتماعية والتاريخة فبقينا بلا لغة وبلا ثقافة رغم احتلال لغتنا مرتبة متقدمة في سلم اللغات العالمية ورغم وحدتنا في الدين الإسلامي الذي نزل قرآنه بهذه اللغة وجاءت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بلغة القرآن.. ورغم تنصيص الدستور في مادته السادسة على رسمية اللغة العربية مع كل هذا و ذلك نحن بلا لغة وبلا ثقافة بعد ٦٠ سنة من الاستقلال!!!؟؟

و بعد كل هذا الزمن الطويل من تسيير شأننا نجد أنفسنا بلا مستوى يناسب عُشْرَ عمر دولتنا فلا طرق للنقل الداخلي لدينا وبلا مدن حقيقية مكتملة ببنى تحتية عصرية...

إننا في مستوى من التخلف يصعب وجود مثيل له في عالم يضم مئات الدول والكيانات التي وجد بعضها بالتزامن مع وجودنا والكثير منها وجد أو استقل بعد وجودنا نجد أنفسنا بحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه ثابتين في مكاننا من التخلف وسوء الحال .؟؟

إن المهم الآن ليس إظهار مستوى تخلفنا فليس هناك من يحتاج معرفة المزيد عن حالنا إنما الذي نريد و نسعى لإثارته هل يمكن استمرارنا على هذا الحال؟ وهل عمليا لدينا الاطمئنان إلى بقائنا واستمرارنا كيانا بأي شكل إذا استمرينا نتهج نهجنا ونتبع سياساتنا الحالية؟؟
إن الذي نخشاه ونحذر منه أنه لم يكن ممكنا استمرار الحال على هذا الحال شئنا أم أبينا فلن يفيد تصفيق مصفقين ولن يفيدنا لَيُ نصوص وتكييف أحكام
لتبرير أحوال وأوضاع معينة.. ولن يفيد إعلام الارتزاق والتطبيل الذي ورثناه من مرحلة الفساد التي تأبى الأُفُولَ!!!

لقد تحملت البلاد في الماضي من فساد الأحكام المتعاقبة ماجعل الأمور اليوم تصل إلى نهاية تلك المرحلة فالمشاكل اليوم أصبحت أقرب للإنفجار ولا تحتمل المزيد من تأجيل الحلول فالمشكلات تعقدت وتفاقمت إلى الحد الأقصى! 
ونرى أن من يريد سلام البلد عليه أن يوقف الأساليب التي أوصلتنا إلى هذا الحال من العبث والتخبط علينا التوقف الآن ودون تأخير أو نستعد لمرحلة لايعلم إلا الله صعوبتها وخطورتها وكيف ستجري الأمور فيها..؟؟ وفق الله الجميع وسلم بلادنا وحفظها من كل مكروه!!!

بقلم الاستاذ التراد ولد سيدي