استغلال فاضح لكارثة مرفأ بيروت.. حين يتحكم التسييس بمفاصل الإعلام

أربعاء, 05/08/2020 - 20:23

في أوج الكارثة، تستغل وسائل إعلام ما حصل بشكل فاضح لخدمة توجهات ومصالح سياسية معينة، وتنشر الشائعات والتحريض، وتتداول بمعلومات لا مصادر ولا أساس لها.

دقائق تفصل لحظة الانفجار في العاصمة اللبنانية بيروت، عن تصدر الخبر على شاشات القنوات والوسائل الإعلامية.

لم يمض الوقت طويلاً حتى انتشرت بعض الأخبار والمعلومات الملفقة على عدد من وسائل الإعلام والشاشات العربية واللبنانية، عمل إعلامي مُسيّس بدا واضحاً أمس منذ لحظات الانفجار الأولى، وحاولت بعض المؤسسات تسويق روايتها، ونشر ما يخدم مصالحها أو مصالح البلاد التي تمثلها.

تعاطي بعض وسائل الإعلام مع ما حصل في مرفأ بيروت، وقح ومخز، استغلالي وانتهازي، حيث تسعى هذه القنوات في معظم الأزمات التي تمر بها البلاد إلى معالجتها عبر ترجمة أجندات خفية، سعياً لتوجيه السهام نحو أطراف معينة، بدلاً عن احتواء الآثار السلبية لها.

وفي أزمة مرفأ بيروت بنى بعض الإعلاميين والسياسيين تحليلاتهم على هذه الأخبار الملفقة رغم علمهم أنها مدسوسة ومنافية للواقع.

على سبيل المثال، انتشر فور وقوع الانفجار خبر منسوب لـ"هآرتس" بأن "إسرائيل" نفذت الهجوم، وهو ما نفته "هآرتس" بذاتها، وبرغم ذلك تمسك البعض بالرواية، ونقلوا ما غرده رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الاعتداء على سوريا ليقولوا إنه يتحدث عن تفجير لبنان.

استغلال الدقائق الأولى للانفجار ومحاولة بعض وسائل الإعلام توجيه الأنظار نحو طرف لبناني بعينه، وهو حزب الله، وإمكانية تخزينه صواريخ دقيقة في المرفأ ما جعل "إسرائيل" تقصف المرفأ، تفهم هذه السردية في إطارين، إطار إعلامي، وآخر سياسي.

في الإطار الإعلامي لو لاحظنا فارق التوقيت بين هذه الأخبار التي حملت نفس المحتوى في وسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل إعلام خليجية، لاحظنا هناك فارق توقيت بسيط، مما يشير إلى وجود لخط ساخن للتنسيق الإعلامي بين هذه الوسائل والجهات وهذا شيء ليس غريباً.

هذا الخط الساخن مفتوح، ولا يمكن استبعاده لاسيما بأن التنسيق السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي على أشده في هذه المرحلة.

وفيما يتعلق بالشق السياسي، فهذه الجهات مجتمعة تتشارك في أجندة سياسية واحدة، وهي محاولة إشغال حزب الله في إشكاليات داخلية لمنعه من العمل في سياق معركته الأساسية ضد الكيان الصهيوني.

تغريدة على "تويتر" لصحافية إسرائيلية (..)  اسمها "شمريت مئير"، حذرت فيها الإسرائيليين من نقل الأخبار عن قنوات خليجية وقالت إن هذه القنوات متحاملة على حزب الله، فلا تجعلوها تضللكم.

بناء على ما سبق، تطرح تساؤلات عديدة، أبرزها ماذا في خلفيات الترويج لهكذا معلومات، خصوصاً في وقت عصيب من المفترض أن يظهر به الإعلام العربي واللبناني برمته تضامنه مع الشعب اللبناني والضحايا.

هي سردية هجومية تتبعها تلك الوسائل الإعلامية، يرافقها هجوم سياسي بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية ورئيسها، وبدلاً من أن تتجه كل الأنظار نحو ساحة الحدث في مرفأ بيروت، فتحت بعض القنوات اللبنانية والعربية شاشتها وبرامجها من أجل إطلاق النار على الحكومة، وتحميلها المسؤولية عما جرى في قضية تبين لاحقاً أن أسبابها كلياً مختلفة.

وسرعان ما تداولت صفحات على "تويتر" هذا الموضوع. وبالتالي، في لبنان تم رصد على مواقع التواصل لمؤثرين للأسف روجوا لهذه الروايات مثل أن "حزب الله يمتلك مخازن أسلحة في المنطقة" وروايات أخرى انتهت في المحصلة إلى التصويب على حزب الله ومحور المقاومة.

في وثيقة صادرة عن "سي آي أي" عام 1986 ونشرت عام 2011، تتحدث عن مستقبل أسود لـ"إسرائيل"، تقول إنه في حال هزيمة نظام صدام حسين في الحرب العراقية-الإيرانية، ونشوء حكومة عراقية صديقة ومنسجمة مع إيران، فلا بد أن تنتهز "إسرائيل" والولايات المتحدة الفرصة وتبذل جهداً إضافياً لحرف مسار التوتر من عربي-إسرائيلي إلى عربي-إيراني.

هذه القنوات الفضائية جاءت لهذا الدور، وهو حرف مسار الانتباه عن الصراع الحقيقي مع الكيان الصهيوني باتجاه الصراع مع إيران وليس فقط على أرضية قومية، بل أيضاً باتجاه أي تيار مقاوم كحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، هكذا تنظر هذه الجهات سياسياً لهذا الموضوع.

أتى ذلك، في وقت لم تلعب فيه "إسرائيل" بالنار، وكانت منذ اللحظات الأولى كانت في وجوم وصدمة عمّا حدث، وكانت تتابع وتشاهد ما يحدث، واتضح لاحقاً أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تكن تعرف شيئاً عن الحادث.

وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بنقل الأخبار أولاً بأول دون انقطاع، مع صمت رسمي، إلى أن صدمت حكومة نتنياهو الكثيرين من الذين كانوا يسابقون "إسرائيل" في العداء للبنان. واتضح أن الحكومة الإسرائيلية فكرت في مصلحتها فقط، وحاولت تبريد الأجواء مع حزب الله.

المصدر: الميادين